سلطت إيما أشفورد، الزميلة في مركز ستيمسون والأستاذة المساعدة في برنامج الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون، الضوء على دخول
فنلندا إلى حلف
الناتو، ومدى تأثير ذلك على مجريات
الحرب الروسية في أوكرانيا.
وتساءلت أشفورد في مقال لها نشرته "
لوس أنجلوس تايمز" ترجمته "عربي21" إن كانت عضوية البلد الذي ظل على الحياد في مرحلة ما بعد الباردة سيساعد أوكرانيا، مشيرة إلى أن المسؤولين في حلف الناتو احتفلوا في مقراتهم ببروكسل الثلاثاء وهم يرحبون بانضمام فنلندا إلى حظيرتهم. وبانضمامها إلى الحلف، تخلت فنلندا عن 75 عاما من الحيادية العسكرية، ووضعت ثقلها خلف الغرب ضد روسيا المعزولة بشكل متزايد.
وقالت أشفورد، إن الإعلان كان وبلا شك ضربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث قررت دول الجوار دعم طرف ضد آخر. ولكن على صناع السياسة الأوروبيين والأمريكيين ألا يبالغوا فيما سيحدث بعد؛ فتوسع الناتو ليس الحل السحري، ولن يوقف الحرب في أوكرانيا، ولن يعالج المشاكل الأعمق والأخطر المتعلقة بدفاع أوروبا.
وسمحت حفلة دخول فنلندا هذا الأسبوع لصناع السياسة بالحديث عن انتصارات، وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حاضرا لاستقبال أوراق دخول فنلندا، حيث قال إن التحالف الآن "أكثر وحدة من ذي قبل"، إلى جانب تعليق مرتجل قال فيه إن هذا هو الشيء الوحيد الذي "نشكر بوتين عليه"، وفق الكاتبة.
وذهب رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك قائلا، إن عضوية فنلندا في الحلف "تجعل كل واحد منا يشعر بالأمان". أما المستشار الألماني أولاف شولتز، فقد وصف الحفلة بأنها "انتصار للأمن العابر للأطلنطي".
وتظل فنلندا أقل إثارة للجدل من دول أخرى حاولت التقدم في السنوات الأخيرة لعضوية الناتو مثل أوكرانيا وجورجيا، وحتى من دعموا توسيع الناتو اعترفوا بأن فنلندا لديها تاريخ طويل في الدفاع الذاتي عن أراضيها. وتنفق الدولة مبالغ كافية على الدفاع، وهي مندمجة بشكل فعلي مع أعضاء الناتو المحيطة بها.
وهناك عدد من المحاذير، فطول حدود الناتو مع روسيا تضاعف الآن، حيث تشترك فنلندا مع الأراضي الروسية بحدود طولها، 800 ميل، ما يزيد من مخاطر المواجهة المباشرة بين الناتو وروسيا.
وبدخول الحرب عامها الثاني، أظهرت فنلندا حماسا لدعم كييف، وقدمت لها كميات كبيرة من المعدات العسكرية، أي ما قيمته 900 مليون يورو، إلى جانب 400 مليون يورو في التزامات مستقبلية، وكذا تقديم الدعم السياسي لحكومة الرئيس فولدومير زيلينسكي.
وبالغ قادة الغرب من قدرة فنلندا حشد القوى في الحرب ضد روسيا. وأصبح النزاع يعتمد بشكل كامل على القوى البشرية وقيود الذخيرة، في الطرفين، حيث تركز القتال على مناطق صغيرة. وحشد الروس القوات والمعدات في مدينة باخموت غير المهمة، ولم تنظف قواتهم المدينة بعد من القوات الأوكرانية، ولا يعرف إن كان الأوكرانيون سيقومون بحملة الربيع واستعادة مناطق جديدة.
والحديث في معظم العواصم الأوروبية يتركز على حرب طويلة، أو حرب مجمدة، أو هدنة غير رسمية. ولن يسهم
انضمام فنلندا إلى الناتو في تحسين الدفاعات الأوروبية وبشكل عام.
والمراقبون محقون في حديثهم عن فنلندا كمثل للعقلية الدفاعية المرنة التي يحتاجها التحالف بشكل ماس. وبعد الحرب الصادمة في العام الماضي ضد أوكرانيا، عادت معظم الدول الأوروبية لعاداتها القديمة من الاعتماد على أمريكا لتقديم الأمن الميداني لشرق أوروبا، وفشلت في تطوير قوات عسكرية مناسبة واللجوء إلى الحماية بدلا من بناء قاعدة دفاع عسكرية أوروبية مشتركة.
كما أن تأخر انضمام السويد للحلف هو مثال على المشاكل المستمرة في تماسكه الداخلي. ويدعم أعضاء الحلف الحرب في أوكرانيا ضد روسيا، إلا أن مواقفهم متباينة في الأمور الأمنية.
وسيناقش النقاد بالتأكيد أنه لن يتم حل كل خلافات الناتو من خلال توسيع العضوية لدولة جديدة. وعلينا الملاحظة أن الناتو عادة ما يستبدل بالتوسع حل مشاكل حقيقية، فعلى مدى العقدين منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، ناقش قادة الناتو أسئلة حول مستقبل التحالف وهدفه وقدراته العسكرية لصالح التركيز على التوسع، بما في ذلك دول من أوروبا الشرقية.
وحتى عام 2018، ظل موضوع التوسع مركزيا في قمم الحلف. وهناك نقاش حول ضم أوكرانيا للحلف بعد الحرب، ووعد رئيس بولندا أندريه دودا في لقائه مع زيلينسكي هذا الأسبوع في وارسو بأنه سيثير الموضوع في قمة الناتو القادمة.