دخلت
الانتخابات الرئاسية في تركيا منعطفا جديدا بعد إعلان زعيم حزب البلد
محرم إنجه
انسحابه من السباق الرئاسي، ما يزيد من صعوبة تخمين المرشح الأكثر حظا في الفوز
بمنصب رئيس الجمهورية.
انسحاب
المرشح الرئاسي لم يكن طوعيا، إذ كشف إنجه عن تعرضه للابتزاز على مدى 45 يوما من
أشخاص محسوبين على جماعة "فتح الله غولن" المتهمة بتنفيذ محاولة الانقلاب
الفاشلة عام 2016، فضلا عن مضايقات من قبل حزب "الشعوب الديمقراطي"
الكردي.
وقال
إنجه في مؤتمر صحفي موجها حديثه إلى تحالف المعارضة، إنه لن يترك المجال أمامهم
لتحميله الفشل في مواجهة الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، إذ وجه أنصار
"الطاولة السداسية" في وقت سابق اتهامات لزعيم حزب "البلد" تفيد
بأن وجوده في السباق الرئاسي يؤثر على أصوات زعيم حزب "الشعب الجمهوري"
كمال
كيلتشدار أوغلو.
وأكدت وسائل إعلام تركية، أن المدعي العام في أنقرة فتح تحقيقا مع مشتبه بهم، في تهم
الابتزاز والتهديد لمحرم إنجه.
وخلال
الأسبوع الأخير من موعد الانتخابات المزمع إجراؤها في 14 أيار/ مايو الجاري، اضطر
إنجه لإلغاء فعاليات انتخابية، بدعوى وضع صحي.
وفي
أحد مهرجاناته الانتخابية، قال إنجه ردا على الضغوط التي تشنها المعارضة عليه
للانسحاب لصالحهم، إن "حزبا مثل الشعب الجمهوري لديه هذه الإمكانات في
المعارضة، ودعم من حزب الشعوب الديمقراطي وغيره، لماذا يريد الانسحاب من
الانتخابات، من المفترض أن يحصل على نسبة 75 بالمئة إذا كان وضعه كذلك".
تعليق أردوغان وكيلتشدار أوغلو
زعيم
المعارضة التركية، لم يفوت فرصة إعلان انسحاب إنجه من السباق الرئاسي، وسارع بتقديم
دعوة لحزب "البلد" للانضمام إلى الطاولة السداسية، ووضع الخلافات
السابقة جانبا.
وتنافس
إنجه مع أردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2018، لكن الأخير حسم النتيجة لصالحه
في الجولة الأولى، بعد حصوله على 52.6 بالمئة من أصوات الناخبين.
واختفى
إنجه عن الساحة السياسية في تركيا، ليظهر بعدها بتشكيل حزب "البلد"، إثر
انشقاقه عن حزب "الشعب الجمهوري".
في المقابل،
تعجب الرئيس التركي من قرار انسحاب إنجه، مؤكدا أنه لا يمكن فهم سبب انسحابه.
وأضاف
في مهرجان انتخابي بالقرب من العاصمة أنقرة: "كنت أتمنى أن يستمر هذا السباق
حتى النهاية، لكني لا أعرف ماذا حدث".
من
المستفيد؟
خبراء
ومحللون تواصلت معهم "عربي21"، تباينت أراؤهم حول ما إذا كان حاب إنجه من السباق الرئاسي يصب في صالح أردوغان أم كيلتشدار أوغلو، لكنهم اتفقوا على أن الانتخابات الرئاسية لن تتجه لإقامة جولة ثانية.
الكاتب
والسياسي التركي، جواد غوك، أكد أن انسحاب إنجه يقف في صف كيلتشدار أوغلو بشكل
كبير جدا، معتبرا أن المعارضة التركية باتت موحدة بالكامل قبل يومين من موعد
الانتخابات.
ورأى
أن انسحاب إنجه سيدفع الشباب الذين كان يعتمد عليهم حزب "البلد" لانتخاب
كيلتشدار أوغلو مقابل أردوغان.
واعتبر
أنه من الطبيعي وجود غضب لدى أنصار الرئيس أردوغان من انسحاب محرم إنجه، متهما "العدالة
والتنمية" بأنه حاول تضخيم زعيم حزب "البلد" ليتمكن من سحب أصوات
حزب الشعب الجمهوري وكمال كيلتشدار أوغلو.
وخلال
الحملة الانتخابية للمرشحين لمنصب الرئاسة، أعلن إنجه في أكثر من مرة عن استعداده
لدعم كيلتشدار أوغلو في الانتخابات، لكنه وضع شرطا ينص على طرد كل من زعيم حزب
"المستقبل" أحمد داوود أوغلو، وزعيم حزب "الرفاه والتقدم" علي
باباجان، من تحالف "الطاولة السداسية".
وحزبا
داوود أوغلو وباباجان، مكونان رئيسان لتحالف طاولة المعارضة السداسية منذ تأسيسها في
13 فبراير/ شباط 2022.
من
جانبه، الكاتب والسياسي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، أكد أن انسحاب إنجه سيؤثر
بشكل كبير على سير الانتخابات وزاد من احتمالية حسمها من الجولة الأولى.
وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن القول بأن كتلة محرم إنجه الناخبة ستصوت كلها
لمرشح المعارضة كيلتشدار أوغلو أو أردوغان".
ورجح
أن تقدم كتلة حزب "البلد" على التصويت لصالح الرئيس أردوغان نكاية
بالمعارضة، وخاصة أنصار "الشعب الجمهوري" الذين اتهمهم محرم إنجه
بممارسة ضغوطات عليه لإعلان انسحابه.
وحول
إمكانية حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بعد انسحاب زعيم حزب "البلد"،
رأى سليمان أوغلو أن خروج إنجه من السباق الرئاسي زاد من احتمالية الحسم من الجولة
الأولى أياً كان الفائز.
من
جهته، المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، استبعد أن تحسم الانتخابات
الرئاسية بالجولة الأولى، لكنه أشار إلى إمكانية حدوث ذلك، لأن تحديد الفائز
بالانتخابات في ظل المنافسة المحتدمة أمر صعب.
وأكد
أن انسحاب محرم إنجه سيكون في صالح كيلتشدار أوغلو، وخاصة في المناطق التي كان فيها
حزب "البلد" منافسا لـ"الشعب الجمهوري" وخاصة في إزمير ويلوا
وغيرها.
بدوره، المحلل
السياسي التركي، مصطفى حامد أوغلو، رأى أن انسحاب محرم إنجه لا يعني مصالحته مع "الشعب الجمهوري"، الذي دأب على انتقاد زعيمه كيلتشدار
أوغلو خلال الحملة الانتخابية.
ورأى
أن أصوات أنصار محرم إنجه ستعود إلى بيتها الأول في إشارة إلى "العدالة
والتنمية"، معتبرا أن أصوات حزب البلد هي أصوات المنزعجين
والمتذمرين والغاضبين ولم تكن كتلة صلبة خاصة بالحزب الجديد.
وبحسب
اللجنة العليا للانتخابات، فإن أربعة ملايين و904 آلاف و672 ناخبا، سيشاركون في
الانتخابات لأول مرة.
ووفقا
للجنة الانتخابات، فإن عدد من يحق لهم التصويت بلغ 64 مليونا و113 ألفا و941
ناخبا، منهم 3 ملايين و416 ألفا و89 ناخبا يقومون بالاقتراع من خارج البلاد.
وانتهى
تصويت المغتربين الأتراك في دول الخارج، الثلاثاء، وسط مشاركة تعد الأعلى منذ عام
2011.
أدلى المواطنون الأتراك المقيمون في الخارج
بأصواتهم في 151 ممثلية و16 مركزا في 73 دولة.
وارتفع
عدد الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي بالخارج من 3 ملايين و44 ألفا و837 في
انتخابات 2018، إلى 3 ملايين و416 ألفا و150 في انتخابات 2023.
ووفقا
للجنة العليا للانتخابات، أدلى مليون و817 ألفا و10 ناخبين بأصواتهم في الخارج، مليون و642 ألفا و721 ناخبا في الممثليات، و120 ألفا و640 شخصا في البوابات
الحدودية.
وتجاوزت
نسبة إقبال الناخبين في الخارج الـ53 بالمئة، ووفقا للجنة العليا للانتخابات فإن
هذا المعدل هو الأعلى منذ 2011.