ذكر موقع أمني أمريكي، أن اللواء الليبي المتقاعد خليفة
حفتر، قام بدعم قوات الدعم السريع شبه العسكرية ضد الجيش
السوداني في القتال الدائر في الخرطوم والمناطق المحيطة بها.
وذكر موقع "
صوفان" الأمريكي، أن حفتر يعتبر انتصار قوات الدعم السريع في الصراع على السلطة في السودان سيؤمن طرق تجارة وتهريب قيّمة عبر السودان، ويحتمل أن يحسّن آفاقه وحلفاءه في الصراع الداخلي على السلطة في ليبيا.
وكما هو الحال في السودان، رفض القادة المتنافسون في ليبيا، بمن فيهم حفتر، تنفيذ اتفاقيات الانتقال السياسي المدعومة دوليا، والتي تتطلب منهم التنازل عن السلطة.
وأشار إلى أنه من خلال دعم قوات الدعم السريع، يتحالف حفتر مع
الإمارات ومجموعة المرتزقة الروسية
فاغنر، لكنه على خلاف مع معلمه الرئيسي عبد الفتاح السيسي.
وفي تشبيه بين الحالتين السودانية والليبية، ذكر الموقع أن الإطاحة بالديكتاتور الليبي معمر القذافي في 2011 وقائد الجيش السوداني عمر حسن البشير في 2019 فشل في تحقيق انتقال سلمي إلى حكم مدني موحد. ولا تزال ليبيا منقسمة بين إدارتين متنافستين متمركزتين في طرابلس في الغرب وبنغازي في الشرق.
وفي كل من السودان وليبيا، رفض القادة العسكريون والمليشيات في كلا البلدين تنفيذ الاتفاقات التي توسطت فيها الأمم المتحدة للتنازل عن السلطة للحكم المدني أو لإجراء انتخابات، معتبرين على ما يبدو أن التنحي عن مناصبهم سيجعلهم عرضة للمحاكمة والانتقام وخسارة الثروة.
وفي السودان المعارك، لا تزال مستمرة منذ اندلاعها منتصف نيسان/ أبريل بين كبار القادة العسكريين، وهما قائد القوات المسلحة الفريق عبدالفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم "
حميدتي" والذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وكما يبدو أن القتال بين القوتين لن يخرج بنتيجة واقعية سوى بهزيمة أو إسقاط أحدهما الآخر.
وابتليت ليبيا بنزاع مسلح مماثل، ففي عام 2019 قاد خليفة حفتر محاولة لتوحيد البلاد بالقوة، وبعد فشله لجأ وحلفاؤه في شرق ليبيا - بنجاح محدود - إلى الوسائل السياسية لمحاولة السيطرة على طرابلس وبقية غرب ليبيا.
ومع تصاعد التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل، رأى حفتر أن الصراع في السودان يمثل تهديدا وفرصة. ويمكن أن يهدد الصراع ترتيباته الاستراتيجية والاقتصادية في السودان إذا هُزِم مسؤول الاتصال السوداني الرئيسي، حميدتي. ومع ذلك، يمكن لحفتر زيادة قيمته لاثنين من داعميه الأقوياء، روسيا والإمارات، إذا كان بإمكانه أن يعمل كقناة يمكن من خلالها مساعدة حميدتي.
ويعتمد حفتر وداعموه الخارجيون على حميدتي لحماية التجارة المربحة، والتهريب، وترتيبات الاستثمار في السودان.
وفقا لجليل حرشاوي، محلل سياسي وزميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "تهتم عائلة حفتر ببقاء شبكات التجارة غير المشروعة الموجودة بين السودان وشرق ليبيا ولأول مرة منذ عام 2014، الخرطوم تمثل مشكلة لليبيا".
والوقود والكبتاغون والسيارات المسروقة من بين البضائع غير المشروعة المهربة من وإلى السودان وليبيا.
ويسعى حفتر أيضا إلى الاستفادة إستراتيجيا من خلال مساعدة قوات الدعم السريع في حالة خوضه مزيدًا من القتال مع خصومه المحليين، فقد أفادت مصادر بأن حميدتي أرسل بعض مقاتلي قوات الدعم السريع إلى ليبيا للقتال إلى جانب قوات حفتر خلال محاولته الاستيلاء على طرابلس في عام 2019.
وبالمثل تتطلع روسيا والإمارات إلى حميدتي لمواصلة جهودهما لتأمين الوصول إلى بورتسودان، وهي نقطة انطلاق محتملة لكل من أبوظبي وموسكو لتوسيع نفوذهما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي وما وراءهما.
وتعاونت مجموعة فاغنر مع حميدتي في تعدين الذهب والعمليات التجارية الأخرى في السودان. وقد زودت الإمارات قوات الدعم السريع بالمعدات العسكرية، وبالشراكة مع السعودية.
ويشير الموقع إلى أن قوات حفتر تستعد لمساعدة حميدتي، وقبل أيام من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، تم تعيين أحد أبناء حفتر، صادق حفتر، الرئيس الفخري لواحد من أكبر فريقين سودانيين لكرة القدم، وسافر إلى الخرطوم للإعلان عن تبرع بقيمة مليوني دولار للنادي، ثم زار حميدتي لاحقا في منزله.
كما أمر حفتر باعتقال نائب موسى هلال، قائد مليشيا سوداني، وهو عدو لدود لحميدتي. كانت قواته مسؤولة عن إلحاق خسائر فادحة بمرتزقة مجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة في كمين بالقرب من الحدود السودانية في وقت سابق من هذا العام.
وبعد اندلاع القتال، وبتحريض من موسكو وفاغنر والإمارات جزئيا، بدأ حفتر في تسيير طائرات محملة بالإمدادات العسكرية، بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات، إلى قوات الدعم السريع.
وأفادت شبكة كيبل نيوز (CNN) بأن شحنات الأسلحة من القواعد الجوية التي يديرها جيش حفتر إلى قوات الدعم السريع قد نظمتها شركة فاغنر، التي تحتفظ بقوات في كل من ليبيا والسودان، والتي استخدمتها لدعم حفتر وقوات الدعم السريع على التوالي.
كما قام حفتر بتسليم وقود لقوات الدعم السريع من مصفاة نفط بالقرب من مدينة الجوف الليبية، بالإضافة إلى الأدوية وغيرها من الإمدادات. وسبق أن قالت مصادر إقليمية للصحفيين إن الكتيبة رقم 128 لقوات حفتر تم تكليفها بتأمين نقل العتاد إلى حميدتي؛ بسبب معرفة الوحدة الواسعة بالمنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان وسيطرتها على مطار الكفرة.
ومع ذلك، فإن القيمة السياسية لحفتر لدعم قوات الدعم السريع قد تتجاوز القيمة العسكرية العملية: أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان، فولكر بيرثيس، أن حفتر هو مؤيد لـ "أحد طرفي الصراع في السودان"، لكنه أضاف أن "دور حفتر ليس حاسما في هذه الحرب".
وعلى الرغم من أن مصر دخلت في شراكة مع روسيا والإمارات في دعم حفتر في ليبيا، إلا أن مصر تبنت موقفا معاكسا في السودان، حيث دعمت القاهرة بشكل فعال اللواء البرهان والقوات المسلحة السودانية كمصدر للاستقرار.
كما اتهم منتقدو القاهرة الرئيس السيسي بالتحالف مع البرهان بسبب المعارضة المشتركة لبناء إثيوبيا والسيطرة الأحادية الجانب على سد النهضة الإثيوبي، الذي يرى المسؤولون المصريون أنه يهدد إمدادات المياه والإنتاج الزراعي في مصر.
يبدو أن الضغط المصري على حفتر أجبره على تقليص شحنات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع أو وقفها بعد الأيام القليلة الأولى من القتال في السودان. إذا قرر الحد من مشاركته في الصراع في السودان المجاور، فربما يكون قد حسب أن مصر المجاورة، التي تمتلك جيشا قويا على حدود ليبيا، ولا يشتت انتباهها فشل الجهود الحربية في أوكرانيا، في وضع يمكنها من جعله يدفع ثمن تحدي رغبات القاهرة.