قالت
وكالة "
بلومبيرغ" إن جهود روسيا في
ليبيا حققت مكاسب جديدة من ناحية
قبول الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين بالوضع الراهن، ما يعطي موسكو فرصة للتحاور مع
الغرب والشرق الليبي المتنافسين، في وقت تكافح فيه
واشنطن لبناء تأثير في البلد.
وأشارت
إلى أن الكرملين استأنف حضوره الدبلوماسي في طرابلس، بعد تأمين مرتزقة فاغنر منفذا
لروسيا على المنشآت النفطية والقواعد العسكرية في الشرق، بينما لا تزال الولايات
المتحدة تفكر فيما إن كان عليها إعادة فتح سفارتها في ليبيا الغنية بالنفط والواقعة
على أعتاب أوروبا.
ورأت
أن قرار موسكو العودة الدبلوماسية إلى العاصمة طرابلس، في غرب ليبيا ومقر الحكومة
المعترف بها من الأمم المتحدة، أوضح إشارة من الرئيس فلاديمير بوتين الذي يتطلع لبناء علاقات أبعد من دعمه العسكري لأمير الحرب خليفة
حفتر في الشرق الليبي.
وأدى
التحرك الروسي لإثارة القلق من الولايات المتحدة والتي بعثت بعدد من المسؤولين
البارزين لمواجهة تقدم بوتين في بلد عضو بمنظمة أوبك وتحاول الحكومات الأوروبية
التقرب منه كبديل عن الطاقة الروسية.
وقال
المبعوث الأمريكي الخاص لليبيا ريتشارد نورلاند، إن "الوضع الراهن غير قابل
للبقاء بطبيعته"، محذرا من محاولة استغلال الانقسام الداخلي وإحباط جهود
الأمم المتحدة لعقد الانتخابات. وأكد المبعوث الأمريكي أن الانتخابات هي طريق
الشرعية "رسالتنا هي أنك لن تحصل على الشرعية إلا من خلال الانتخابات".
وبحسب
الوكالة فإن مشكلة أمريكا أنها في وضع غير متساو، فليس لديها قوات على الأرض
وبدون حضور دبلوماسي. ويفكر المسؤولون الأمريكيون بإعادة فتح السفارة الأمريكية
إلا أن القرار محفوف بالمخاطر، ذلك أن جو
بايدن كان نائبا للرئيس عندما تدخل
الناتو وأطاح بالزعيم معمر القذافي عام 2011 وما حدث بعد ذلك من فوضى في ليبيا.
وأغلقت
السفارة الأمريكية في عام 2014، حيث دخلت ليبيا حربا أهلية، وقتل السفير الأمريكي
كريستوفر ستيفنز في هجوم على القنصلية الأمريكية في عام 2012، مما عقد من عملية
فتح السفارة من جديد، نظرا للغضب المحلي في أمريكا، مما ترك واشنطن بعيدة عن
المشهد وتديره عن بعد.
ولفتت
"بلومبيرغ" إلى أن التنافس الدولي المتجدد على ليبيا يحدث وسط مكاسب
روسية أخرى في الشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة. فقد رفض حلفاء الولايات
المتحدة التقليديون في العالم العربي اتباع السياسة الأمريكية القاضية بعزل بوتين
وذهبوا أبعد من هذا لاستئناف العلاقات مع حليفه بشار الأسد في سوريا.
وأغضبت
السعودية الولايات المتحدة العام الماضي عندما قامت أوبك+، وهو كارتل تقوده مع
روسيا، بدفع أسعار النفط العالمية بعد قرار تخفيض إنتاج النفط الخام. وأظهر
التقارب السعودي- الإيراني تآكلا واسعا للسلطة الأمريكية.
ولم
تنجح محاولات روسيا في استعادة التأثير الذي خسرته بعد رحيل القذافي، سواء في دعم
حفتر بحملته العسكرية ضد الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس أو الترويج لنجل
الديكتاتور، سيف الإسلام القذافي. لكن بوتين قرر على ما يبدو الرضا بالوضع الراهن
وهو ما يترك صادرات النفط الليبي رهنا لروسيا التي تعاني من آثار الحصار على نفطها
الخام.
وفي
مقابلة مع رئيس مؤسسة النفط الليبية فرحات بن قدارة أثنى فيها على جهود قوات حفتر
وعملها على "تأمين" حقول النفط.
وقال
إن ليبيا تخطط لفتح مجالات جديدة للشركات الدولية في 2024 وزيادة الإنتاج من 1.2
إلى 2 مليون برميل في اليوم وعلى مدى خمسة أعوام. ويشكك المحللون بقدرة ليبيا على تحقيق
هذا بدون استقرار سياسي.
وتقول
المحللة بشؤون الشرق الأوسط في موسكو إيلينا سبونينا: "انطباعنا هو أن الغرب
يحاول تحقيق الاستقرار في ليبيا للتأكد من وصول مزيد من النفط والغاز إلى الأسواق
الأوروبية". وتمتلك قوات فاغنر أنظمة الدفاع الجوية وتعمل في القواعد
العسكرية ويعتمد عليها حفتر في الدفاع عن نفسه ضد الجماعات المسلحة الأخرى، وهو ما
يعقد جهود أمريكا.
وقال
غليب إريرسوف، ضابط الطيران الجوي الروسي الذي عمل في قاعدة حميميم السورية ما بين
2019- 2020 وزود قوات فاغنر في ليبيا بأنه شاهد حوالي 20 طائرة من نوع ميغ-29 إلى
جانب مروحيات قتالية نقلت إلى ليبيا.