تناول
تقرير لصحيفة "
نيويورك تايمز" معاناة السوريين في شمال البلاد، لا سيما
بعد كارثة
الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في شباط/ فبراير الماضي، مشيرة إلى أن الشعب
هناك يشعر بأنه بات منسيا.
واستعرضت
الصحيفة في تقريرها عدة حالات أجبرت على الانتقال إلى العيش في الخيام بعد أن دمر
الزلزال منازلهم، أو تسبب في إلحاق أضرار فيها، حيث لجأ العشرات إلى وضع خيام أمام
منازلهم على أمل وصول جهات داعمة لإعادة إعمارها.
ونقلت
الصحيفة شكاوى عدد من المتضررين الذين أكدوا كثرة الجهات والمنظمات التي أجرت
زيارات إلى المناطق المتضررة بفعل الزلزال، لكن حتى الآن لم يقدم أحد المساعدة
اللازمة، سواء بإعادة إعمار أو ترميم المنازل المتضررة، أو حتى تأمين سكن بديل
لعشرات المنكوبين.
وأضاف
تقرير الصحيفة: "بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الزلزال يشعر العديد من
المتضررين في
سوريا بأنهم منسيون، فقد كانت هناك إصلاحات محدودة ولم تتم إعادة
البناء تقريبا".
ووفقا
للأمم المتحدة، فقد أدى الزلزال إلى مقتل أكثر من 6000 شخص، وتدمير حوالي 10 آلاف مبنى
وتشريد حوالي 265 ألف شخص، في منطقة يعيش فيها الملايين من الذين فروا من القتال،
ولجأ العديد منهم إلى الخيام أو غيرها من المساكن المؤقتة، التي تعتمد على
المساعدات الدولية.
وقد
تفاقم الوضع في الآونة الأخيرة. وفي الشهر الماضي، انتهى أجل قرار الأمم المتحدة
بالسماح بوصول المساعدات عبر الحدود من تركيا، ما أدخل الكثير من الدعم الإنساني
للمنطقة في طي النسيان.
وفي
يوم الأحد، قام ثلاثة من أعضاء الكونغرس الأمريكي، من بينهم النائب فرينش هيل، وهو
جمهوري من ولاية أركنساس، بزيارة قصيرة إلى الجانب السوري من أحد المعابر
الحدودية. وكانت هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها المشرعون الأمريكيون إلى هذا
الجزء من البلاد منذ عقد من الزمن، وقال السوريون إنهم يأملون في أن تلفت الانتباه
إلى الوضع الإنساني المتردي والحاجة إلى مزيد من التحرك الأمريكي لإنهاء الصراع.
وقال
هيل بعد زيارته: "أعتقد أن هذه نقطة مهمة حقا: ما هو النهج الذي نتبعه على
المدى الطويل في سوريا تجاه النظام ومحاولة خلق بيئة مستقرة أيضا؟ إن البيئة
المستقرة تسمح للناس بالعودة إلى بلادهم وتسمح لهم بإعادة بناء حياتهم والاقتصاد
هنا".
لقد
كان التعافي من الزلزال حتى الآن تدريجيا ومخصصا، حيث تم ترميم بعض المدارس
والأرصفة والأسواق وبعض الإصلاحات المنزلية الخفيفة. وفي أغلب الأحيان، تُرك
السوريون ليلملموا شتاتهم وحدهم.
منذ
البداية، تعرقلت جهود المساعدات العالمية ليس فقط بسبب الانقسامات الإقليمية، ولكن
بسبب مجموعة من العقبات الأخرى الناجمة عن الحرب، بما في ذلك العقوبات الدولية على
الحكومة، والمسائل المتعلقة بحقوق الملكية حيث تم تهجير العديد من المالكين،
ومحافظة تسيطر على معظمها جماعة صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وقالت
بهية زريكيم، مديرة السياسة السورية في المجلس النرويجي للاجئين، الذي يرعى
المشاريع الإنسانية: "كان النقاش برمته حول إعادة البناء وإعادة الإعمار
سياسيا للغاية لفترة طويلة". وأضافت: "نحاول الاستجابة قدر الإمكان
للواقع، لكننا أيضا محدودون للغاية".
وقال
عاطف نعنوع، المدير التنفيذي لفريق مُلهَم، وهي منظمة إغاثة سورية، إن "إعادة
إعمار الحرب أمر مختلف. نحن نتحدث عن إعادة بناء المنازل المتضررة من
الزلزال".
وبدلا
من الاعتماد على الدول المانحة بعد الزلزال، فقد جمعت منظمة مُلهَم 13 مليون دولار من
الأفراد. وسوف تذهب لبناء 2000 منزل.
في
أحد الأيام الأخيرة في محافظة
إدلب، قام العشرات من العمال بالحفر في الأرض
الصخرية وبدأوا بصب الأساسات لأول مشروع من مشاريع الإسكان الستة لمنظمة مُلهَم.
أحد
المخاوف في شمال غرب سوريا، في بلدات مثل جنديرس، هو أن بعض المنازل التي دمرت في
الزلزال كانت مملوكة لعائلات فرّت من المنطقة، والعديد منها لأعضاء من الأقلية
الكردية في سوريا. وحل محلهم أفراد من المجموعة العرقية المهيمنة، العرب السوريين،
الفارين من أماكن أخرى في البلاد.
ولتجنب
تغيير التركيبة السكانية للمنطقة من خلال البناء على أراضي أولئك الذين فروا، فقد بقيت
منظمة مُلهَم ومنظمات الإغاثة الأخرى بعيدة.
ووفقا
لمجلس المدينة، فإن حوالي 40 بالمائة فقط من سكان جنديرس هم في الأصل من هناك.