رصدت الأوساط الإسرائيلية أنه بعد مرور ثلاث سنوات على توقيع
اتفاقيات التطبيع، عدم وجود رغبة لدى أي من الشركاء المطبعين للاحتفال بهذه المناسبة، وقد تم تأجيل أو إلغاء ندوات، فيما تحافظ الدول الشريكة على مستوى منخفض من الاهتمام، وتنظر بقلق لما يحدث في إسرائيل، مع العلم أن ما يقلقهم ليس الانقلاب الداخلي، بل التطرف في الحكومة وعنصرية الوزراء تجاه
الفلسطينيين.
تال شنايدر مراسلة موقع "
زمن إسرائيل" ذكرت أنه "بينما تبذل حكومة الاحتلال جهودا كبيرة، وبإلحاح من إدارة الرئيس جو بايدن، لتوسيع دوائر اتفاقيات التطبيع، فإن دولها القائمة:
الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، أبطأت، بل هدّأت تنظيم مزيد من الفعاليات بمناسبة مرور ثلاث سنوات على توقيع الاتفاقيات في البيت الأبيض في 15 أيلول /سبتمبر 2020".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "قبل أيام قليلة، احتفلت منظمة Strat Up Nation Central الإسرائيلية بهذه المناسبة في مؤتمر متواضع في مكاتبها بالقدس المحتلة وتل أبيب، بحضور سفير البحرين خالد الجلاهمة، والقائم بأعمال السفيرة الأمريكية ستيفاني هاليت، والرئيس التنفيذي للمنظمة آفي حسون، ورواد الأعمال الشباب".
وذكرت أن "الاحتفال ذاته أقيم في 2022 إحياء لمرور عامين على توقيع الاتفاقيات بأبهة وروعة كبيرة في هرتسليا، بحضور وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان خصيصا من أبو ظبي، وتحدث رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، وحضر الاحتفال جميع أقطاب الحكومة بنفسها".
وأوضحت شنايدر أنها "استفسرت من ممثلي سفارة الإمارات في تل أبيب حول ما هو مخطط له بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الاتفاقيات، لكنهم أبلغوها أنه لا توجد هذا العام احتفالات، ولا حدث مماثل لما حصل العام الماضي، ما يعني أن الأمور لا تسير على نحو عادي، ويكشف أن عدم قدرة الإماراتيين والبحرينيين والمغاربة على التخطيط المسبق لإحياء اتفاقات التطبيع جعل الأمور صعبة بالنسبة لهم، وقد كان يفترض أن يصل رئيس البرلمان المغربي لإسرائيل، لكنه لم يأتِ".
وأضافت أنه "بعيدا عن هذه الزيارة المؤجلة، تجد إسرائيل صعوبة كبيرة بتجاوز الأحداث الدائرة فيها، وتكاد لا تجد وقتا لتنفيذ الكثير من الوعود الكبيرة لاتفاقيات التطبيع، فمنذ أكثر من نصف عام يدور الحديث عن منتدى النقب الذي سينعقد تحت اسم جديد في إحدى الدول الصحراوية، بمشاركة الإمارات والبحرين وإسرائيل، وقد رافقت الولايات المتحدة عن كثب إنشاءه".
وأشارت إلى أنه "وصل وزراء خارجية جميع هذه الدول إلى الاجتماع الأول للمنتدى في النقب، وتأملت إسرائيل أن يكون الأردن جزءا منها، لكن الحكومة الـ37 الحالية غير قادرة على تعزيز وجود المنتدى، وبالتأكيد دون إضافة الأردن، بسبب المواقف المتطرفة لوزرائها".
وأوضحت أن "حكومة يهدد وزراؤها بمحو قرية فلسطينية في الضفة الغربية، والحديث للعالم بأن حق الحركة والحياة للمستوطنين أهم من حق الفلسطينيين، وفي كل لحظة تتاح لهم يصبّون الوقود على النار، وفي المنامة وأبو ظبي والرباط، وحتى في الرياض، يقرأون هذه التقارير، ويفركون أعينهم، ويسألون أنفسهم: ماذا يفترض بهم أن يفعلوا بالفوضى اليومية التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية؟".
وتابعت: "صحيح أنهم يعرفون نتنياهو كرئيس وزراء قوي وحازم، ويتمتع بفهم استراتيجي، لكنه في الوقت ذاته يمر بفترة حرجة بشكل رئيسي، عندما يطعنه مهرجون مثل إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريش في أنفه".
وبيّنت أنه "تم إلغاء وتأجيل ندوات شارك فيها العديد من المشاركين الإسرائيليين من الدول المطبّعة في مارس، منها ندوة للإعلاميين برعاية السفارة الأمريكية في إسرائيل بحضور إعلاميين من دول اتفاقيات التطبيع، ودول إقليمية أخرى، ورغم أن الأمريكيين زعموا أن المؤتمر لم يُلغ، بل تم تأجيله فقط إلى تموز /يوليو، لكننا اليوم في أيلول /سبتمبر، ولم يتم عقده أيضا، وسط مزاعم أن يعقد في البحرين في نوفمبر، والنتيجة حتى اليوم أن المؤتمر فشل بالحصول على الموافقة النهائية من البحرينيين لعقده لديهم".
وختمت بالقول إنه "بجانب كل هذه التأجيلات للفعاليات المنعقدة لإحياء اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، فقد كان من المفترض أن يعقد في أبو ظبي خلال الأسابيع الأخيرة مؤتمر آخر بتنظيم من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، خططت له السفارة الأمريكية في الإمارات، بمشاركة العديدين، ولكن تم تأجيله أيضا، ولعله لن يتم عقده على الإطلاق".
الخلاصة الإسرائيلية من معظم هذه الفعاليات المؤجلة والملغاة، أن المضيفين "المطبّعين" العرب لا يرسلون أجوبة سلبية مطلقة الموجهة لممثلي الاحتلال، بل يحرصون على الصياغة الدبلوماسية، لكنهم في الوقت نفسه يدرسون بقلق ما يحدث في دولة الاحتلال، وغير قادرين على فهم أين تتجه، وكيفية الاستمرار وإدارة العلاقات معها على الجانب السياسي، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل التطبيع.