يركز إيدي كوهين الذي يعرف عن نفسه أنه صحفي إسرائيلي من يهود لبنان وباحث أكاديمي في مركز بيغين للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، ومختص الشؤون العربية في الصراع العربي الإسرائيلي، على نشر معلومات مظلله، وخاصة في قضايا عربية تثير الجدل، متطرقا إلى معظمها وفي مقدمتها القضية
الفلسطينية، إذ يعد كوهين صحفيا مقربا من أجهزة الأمن الإسرائيلية وبات شخصا معروفا في الوطن العربي ويتابعه أكثر من نصف مليون على على منصة إكس "تويتر سابقا".
كيف يستغل كوهين منصة تويتر لتظليل أحداث حرب غزة ؟
بدأ كوهين تفاعله على تويتر منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2012، مغردا بعدة لغات، ليتنقل لاحقا للتغريد بالعربية بشكل أكبر، ويعمد إلى نشر معلومات تضلل الرأي العام إذ نشر قبل أيام على صفحته على منصة أكس، صورة تظهر طفل يُخرج يديه من كفن ويستخدم هاتفاً محمولاً، زعم أنها فيها غزة، وعلق "جثة في غزة ترسل رسالة من الهاتف…أكاذيب حماس وتضخيم أرقام القتلى".
وحصدت الصورة آلاف المشاهدات والتعليقات، وجرى تداولها على نطاق واسع، ليتبين لاحقا إنها مظللة، وتعود لطفلين فازا في جائزة أزياء تنكرية في مركز تجاري بمدينة ناخون راتشاسيما في تايلاند، ونشرت في أكتوبر 2022، كما وظهرا الطفلين في فيديو نشر على اليوتيوب، خلال مشاركتهما في المسابقة التنكرية في مركز Central Plaza التجاري في تايلاند.
جاءت تغريدة كوهين في وقت كانت تشكك فيه الإدارة الأمريكية بعدد القتلى المعلن في غزّة خلال الحرب التي يشنها الاحتلال على حركة حماس، وكان الرئيس الأمريكي الذي زار إسرائيل في 18 تشرين الأول/ أكتوبر للتعبير عن تضامنه مع أبرز حلفاء واشنطن في المنطقة، أكّد أنّه "لا يثق" بالحصيلة الفلسطينية.
ونشر كوهين تغريدة عبر حسابه في موقع " إكس" ثلاث صور لطفلة لحظة إنقاذها، وعقب على الصورة بالقول: "كم مرة أنقذوا هذه الفتاة.. أكاذيب دواعش فلسطين"، وتبين بأن الصورة قديمة، وتعود لطفلة سورية تم إنقاذها عقب قصف النظام السوري تجمعاً للمدنيين في حي المعادي، بتاريخ 27 آب/أغسطس من العام 2016، وكان وقتها قد شكك إعلام النظام بها، وأتهم فريق "الخوذ البيضاء" بفبركة الصورة، وقد استندوا في ذلك إلى نفس الصورة، بالادعاء: “ثلاث صور لفتاة واحدة تم التقاطها من أماكن مختلفة لإنقاذها من قبل أصحاب الخوذ البيضاء”.
ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا عام 2018 حيث تبين أن الصور المستخدمة في كلا الادعائين، هي لمصور الوكالة أمير الحلبي، حيث قامت الوكالة بنشر صوراً إضافية تثبت أن الفتاة تم إنقاذها في نفس المكان والزمان من قبل ثلاثة أشخاص، لا في مواقع مختلفة.
حسابات وهمية تدعم كوهين
وأجرى موقع " مسبار" تحليلًا على حسابات تتابع إيدي كوهين وتتفاعل مع تغريداته باستمرار، ولاحظ وجود مئات الحسابات الإسرائيلية التي تتابع حسابه، وتظهر أنها حسابات وهمية ولا يوجد لها خلفيات أو تعريفات واضحة. كما أن الكثير من هذه الحسابات انضم حديثًا إلى منصة تويتر منذ بداية العام الجاري، ولا تنشر أي تغريدات ولا تتابع إلا شخصيات معروفة وعلى علاقة بالحكومة الإسرائيلية. ما يرجح وجود شبكة حسابات وهمية إسرائيلية تقف وراء حساب كوهين وتدعمه هو وحسابات مماثلة.
المحررة ومدققة المعلومات بيان حمدان قالت لـ"عربي21" إن هناك شخصيات تنشر بلغات متعددة، من بينها العربية، تتوجه لمختلف الجماهير للترويج للدعاية الإسرائيلية الكاذبة و تدعم الاحتلال، وتقوض للرواية الفلسطينية.
وأشارت إلى أن "ما تقوم به الأذرع الإعلامية للاحتلال مثل إيدي كوهين وأفيخاي أدرعي، أثرت على تعاطي الناس مع المعلومات الصادرة عن الاحتلال ومعلوماتهم عن الطرف الفلسطيني، لأن الكذب يسبق الحقيقة، و لأن عملية التحقق من المعلومات وإصدار معلومة صحيحة تحتاج لوقت، بينما الكذب هو خطوة واحدة، فالأمر يقتصر على صورة ملفقة وتضليل الشرح عنها، ونشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي يسهل وصولها للناس".
التفاعل العربي مع إيدي كوهين تتفق حمدان مع ذلك، وتقول:" ولكن التفاعلات التي لديه ليست جميعها حقيقة هناك حسابات وهمية تروج لإدعائه وتعمل على إعادة التغريد وهذه يكشف أنه يحمل
أجندة تسعى لنشر الرواية الإسرائيلية"، وتؤكد أن:" إيدي كوهين مجند ويخدم دعاية واضحة ومعروفة، لأنه يغرد بالعربي، ويعلم الكثيرين أن أغلب المنشورات الصادرة عنه غير حقيقية وتنشر معلومات مضللة وبات مكشوف للناس العاديين حتى".
وتضيف: "نلاحظ دائما تصاعد الرواية الإسرائيلية على الرواية الفلسطينية، ولكن ولأول مرة هناك توازن وتسليط الضوء على الرواية الفلسطينية في هذه الحرب التي تشهدها غزة، وتعود إلى قيام ناشطين ومؤثرين حاولوا توظيف وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن فلسطين وإيصال الرواية الفلسطينية ".
وعن تفاعل العرب مع تغريداته تقول حمدان: "هناك من يعتقد أن التفاعل مع تغريدات كوهين بشتائم أو إهانتة يخدم القضية، ولكن هذه التفاعل يساهم في وصول هذه التغريدات لعدد أكبر من الناس و يساهم في انتشارها".
تعتمد إسرائيل على "هاسبارا" وهو مصطلح يشير إلى البروباغندا الإسرائيلية والتي تستهدف جمهور من كافة الجنسيات والأعراق ، بهدف "إفهام العالم بأنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها"، ويكون ذلك جليا من خلال أذرعها الإعلامية إيدي كوهين و افيخاي ادرعي الذين يحاولون التقرب والتودد من الجمهور العربي من خلال نشرت آيات قرآنية و الظهور بفديوهات باللغة العربية، يأتي ذلك من دراسات وأبحاث معمقة يجريها الأحتلال من ضمنها دليل التعامل مع الإعلام الذي أعده خبير استطلاعات الرأي فرانك لونتز، وجرى تسريبه في 2009 لإنجاح الدعاية وتطوير أساليبها، وتهدف الى تركيز على التواصل مع المؤثرين في الإعلام، واستبدال الناطقين العسكريين التقليديين بوجوه شابة وتدريبهم ليكونوا أكثر مرونة في خطاباتهم، وذلك لتحسين صورة الاحتلال لدى الرأي العام عامة والعربي خاصة.