كشف تقرير لمجلة
ذي أتلانتك الأمريكية عن الأسلوب الذي
يستخدمه "المتطرفون
الهندوس" في
الهند للترويج للأخبار المضللة، لدعم
الرواية
الإسرائيلية في الحرب الجارية حاليا على غزة.
وينقل التقرير عن محمد زبير، وهو صحفي هندي يقيم في مدينة
بنغالور وينشط في كشف الأخبار المزيفة، كيف بدأت المعلومات المضللة بالانتشار بشكل
واسع بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، (طوفان الأقصى) ليصل إلى أن نحو ثلثي
المعلومات المضللة بشأن الحرب مصدرها اليمين الهندوسي، الذي يتولى حاليا نشر الدعاية الأشد تدميرا حول العالم.
وبدأ زبير بمتابعة الأخبار المضللة بشأن حرب غزة في
اليوم التالي لهجوم حماس (8 تشرين الأول/ أكتوبر) عندما لاحظ انتشار تسجيل يتحدث
عن إسقاط
الفلسطينيين أربع طائرات إسرائيلية، لكن المشاهد كانت مأخوذة من لعبة
فيديو اسمها "أرما 3"، وكانت سابقا قد تم ترويجها باعتبارها من حرب
أوكرانيا.
وعبّر زبير عن صدمته إزاء حجم المعلومات المضللة،
وقال إنه "هذه المرة مرعب وغير متصوّر".
وفي أحد المقاطع التي رصدها زبير تظهر عملية قطع رأس
على أيدي إحدى عصابات المخدرات في المكسيك، لكن تمت إعادة ترويج المقطع على أنه
هجوم على إسرائيليين من قبل الفلسطينيين. وتم عرض صورة قديمة لرئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يودع ابنه عندما كان يغادر للخدمة العسكرية سابقا؛
على أنها للزعيم الذي يرسل أبناءه إلى الحرب. وتمت إعادة نشر مقطع فيديو قديم لجنازة
مزيفة أقيمت في الأردن للتحايل على الإغلاق خلال فترة وباء كورونا؛ على أنها تمثل
فلسطينيين يفبركون حالات الموت في غزة.
كما رصد زبير مقطعا فيديو يعود لعام 2014، يظهر قيام
تنظيم الدولة بتدمير مسجد في سوريا باعتباره قصفا إسرائيليا على مسجد في غزة.
وبينما يلفت التقرير إلى أن نحو ثلثي المعلومات المضللة
خلال الحرب الحالية قادمة من طرف اليمين الهندوسي في الهند، يقول إن "جهاز
المعلومات المضللة لليمين الهندوسي يعمل في منطقة لا أخلاقية، فيتعامل مع الحرب
بين إسرائيل وحماس على أنها مجرد عرض مسلّ يحدث في مكان ما بعيد، وكمكسب غير متوقع
لأجندته المعادية للإسلام".
ويشيرا إلى أن "الحركة القومية
الهندوسية كانت تشكو لعقود من الشعور بالتهميش من جانب الصحافة الليبرالية الهندية
إلى حد كبير، حيث ادّعت أن رؤيتها الأيديولوجية لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل هذه
الصحف"، لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وواتساب، "حصل
اليمين الهندوسي على الأدوات اللازمة لتقويض الصحافة الرئيسة والتغلب عليها في
نهاية المطاف".
ويلفت إلى حجم وتنظيم الآلة الإعلامية لليمين
الهندوسي، ويشير إلى أن جيشا رقمي يتكون من عشرات الآلاف يعمل على تكرار ونشر
الرواية التي تريدها الحركة الهندوسية لدى الجمهور الهندي، "بغض النظر عن
الحقائق".
ويشير محمد زبير إلى أن المجموعة الشهيرة لتكنولوجيا
المعلومات التابعة لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يرأسه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا
مودي، كانت تعمل بشكل غير رسمي. فالحزب يعتمد على موظفين يتعاطفون مع القومية
الهندوسية ويعملون على نشر رسالته بأجر منخفض.
أما زبير فقد أسس مع شريكه براتيك سينها موقع "ألت
نيوز" في عام 2017، لمحاربة المعلومات المضللة في الهند. وبدأ المشروع بثلاثة
أشخاص ولكنه الآن يوظف نحو 20 شخصا.
لكن التأثير المتزايد للموقع أثار غضب اليمين
الهندوسي. وتعرض زبير للسجن لثلاثة أسابيع في 2022، على خلفية تغريدة ساخرة على
موقع تويتر (إكس حاليا) كان قد نشرها قبل عدة سنوات وتزعم الحكومة أنها تسيء
لمشاعر الهندوس.
أما سينها فقد اضطر لمغادرة ولاية غوجارات الغربية؛ على
خلفية انتقاده لمودي بسبب دوره في أعمال العنف في الولاية عام 2002.
ويشير التقرير إلى أن القوميين الهندوس نظموا مظاهرات
داعمة لإسرائيل بعد هجوم حماس، في حين تم اعتقال المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في
الولايات التي يحكمها اليمين الهندوسي، موضحا أن هذا يمثل تحولا في سياسة الهند
التي كانت تاريخيا أقرب للقضية الفلسطينية.
فالقوميون الهندوس يروجون الآن بأن إسرائيل والهند في
وضع مشابه، وأنهما محاطتان بأعداء مسلمين من الداخل والخارج، رغم أن القومية
الهندوسية ارتبطت سابقا بالفاشية، كما ينقل التقرير أن "إسرائيل تعرف أن
اليمين الهندوسي يمجد هتلر، لكن الجانبين يحاولان تجاهل ذلك".
ومنذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر سعى
القوميون الهندوس إلى استخدام الهجوم ضد إسرائيل للحديث عن "خطر الإرهاب
الإسلامي، وهو موضوع يعتقدون أنه سيكون لصالحهم في الانتخابات" الهندية.
وفي هذا السياق، تنشط وسائل الإعلام المرتبطة باليمين
الهندوسي، والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، في ممارسة الألعاب السياسية
المحلية في سياق عالمي متقلب.
وبترويج مقاطع فيديو بعناوين مضللة أو قصص مزيفة حول
الحرب في الشرق الأوسط، فإن اليمين الهندوسي يساهم في التشويش ويزيد من صعوبة التمييز
بين الأحداث الحقيقية والأكاذيب.
وبينما كان زبير يواجه اليمين الهندوسي عبر الإنترنت،
فإنه الآن يجد نفسه في مواجهة مع نافذين من اليمين المتطرف في إسرائيل والولايات
المتحدة، والذين يروجون لمعلومات كاذبة مصدرها الهند.
أما سينا فقد كتب على منصة إكس (تويتر سابقا) بعد
خمسة أيام من هجوم حماس: "آمل أن يدرك العالم الآن كيف جعل اليمين الهندي
الهند عاصمة
التضليل في العالم".