كل شروط التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع
غزة، أصبحت متوفرة. وذلك
بسبب ضخامة خسائر الجيش الصهيوني، وفشله في تحقيق أي من الأهداف التي وضعها للحرب.
بل فشله في تحقيق إنجاز عسكري واحد في المواجهة مع المقاومة، عدا القتل الجماعي
للمدنيين، وهدم المعمار. وهذان لا يدخلان في
الحرب، وإنما في جرائم الإبادة
القائمة بذاتها.
كان الجيش الصهيوني ورئاسة الحكومة، يوقفان الحرب ويبتلعان الهزيمة،
لخسائر عشر معشار ما خسراه، في هذه الحرب.
وينطبق هذا على امريكا التي ما زالت تغطيه لا ستمرار العدوان، بالرغم
من خسائرها المعنوية والسياسية والمادية. ويكفي ما اندلع من ثورة طلابية جامعية،
حتى تسعى بكل قدراتها لوقف الحرب.
ليس هنالك من تفسير لموقف أمريكا وأوروبا، على الخصوص، أو تفسير لموقف القيادة الصهيونية المستمرة بالحرب، إلاّ الوصول إلى عقدة لا تسمح لهم، باحتمال أن تنتصر المقاومة، ومن يدعمها، وتنتهي هذه الجولة، كما كان يحدث في السابق. وذلك بالدخول في مرحلة جديدة، استعداداً لجولة قادمة.
ثم أضف العوامل الضاغطة عسكرياً، بفتح عدة جبهات في لبنان والعراق
واليمن، والجبهة المفتوحة بسورية، ثم تدخل إيران من خلال الوعد الصادق. مما يضاعف
ضرورة وقف الحرب ومجازر الإبادة.
ومع ذلك كله ما زال مجلس الحرب مصمماً على الاستمرار بالحرب البريّة،
والتدمير للمعمار والإبادة الإنسانية، وما زالت أمريكا غير حاسمة في حالة وقف
الحرب، وذلك بسبب عدم استخدام أوراق الضغط التي تجبر نتنياهو ومجلس حربه، على وقف
الحرب.
المهم أن الحرب استمرت، بالرغم من القرار الذي صدر عن قيادة حماس،
قيول آخر ما وصلته المفاوضات لعقد اتفاق هدنة. وقد اتسّم هذا القرار بالبراعة
السياسية التي أربكت الموقفين الصهيوني والأمريكي. وأحرج نتنياهو إلى حدّ
الاختناق، سواء قبِلَه أو رفضه.
إن استمرار الحرب الآن، أخذ يحمل دلالات جديدة، أهمها فقدان قدرة
الكيان الصهيوني على وقف الحرب. لأن وقفها يعني انتصار المقاومة والشعب فوراً. وهو
ما لا يمكن ابتلاعه حتى الآن، بالنسبة للكيان الصهيوني. بل وحتى أمريكا لم تقبل
التسليم بانتصار المقاومة.
ليس هنالك من تفسير لموقف أمريكا وأوروبا، على الخصوص، أو تفسير
لموقف القيادة الصهيونية المستمرة بالحرب، إلاّ الوصول إلى عقدة لا تسمح لهم،
باحتمال أن تنتصر المقاومة، ومن يدعمها، وتنتهي هذه الجولة، كما كان يحدث في
السابق. وذلك بالدخول في مرحلة جديدة، استعداداً لجولة قادمة.
هذا يعني أن ثمة قراراً أمريكياً غربياً، بمواصلة الاستمرار في
المرحلة الراهنة التي عاشها العالم، خلال سبعة الأشهر ونصف الشهر من الحرب حتى
الآن، وبكل أبعادها في ما يتعلق بالصراع، كما في ما يتعلق بالعالم كله.
أصبح من الضروري استبعاد الحديث عن اليوم التالي، لتبقى الأولوية بالنسبة إلى المقاومة والشعب الفلسطيني، هي تسخير كل الجهود لدعم المقاومة والشعب في قطاع غزة، والانتصار بهذه الحرب، بإذن الله.
والسؤال: هل المرحلة الحالية والأشهر القادمة ستستمر، كما كان الحال،
ما بعد السابع من أكتوبر إلى اليوم، مرحلة طويلة الأمد، ارتبطت مباشرة ببقاء
النظام العالمي أحاديّ القطبية، من دون أن يتحمّل الدخول في تغيّر لمعادلة دولية
جديدة.
بكلمات أخرى، هل قررت أمريكا أن تدخل، من خلال استمرار حرب العدوان
على غزة، في استراتيجية تستهدف الحفاظ على النظام العالمي أحاديّ القطبية. وقد راح
يترنح للتغيير قبل عملية طوفان الأقصى. وجاءت هذه العملية، وجاء ما بعدها، لتصبح
الحرب في غزة، هي الحاسمة، في تقرير مدى قدرة هذا النظام في العناد ضد التغيير
الذي أصبح مطروحاً على مستوى عالمي، وذلك تجنباً لمواجهة الصين وروسيا، كما مواجهة
الأقطاب الإقليمية الأخرى. وإلاّ كيف يفسّر التركيز على المقاومة والشعب في قطاع
غزة، على حساب الحرب في أوكرانيا، وعلى حساب الصراع ضدّ الصين في تايوان.
وبكلمة، ما فعله ويفعله بايدن في نقل أولويته الاستراتيجية، عملياً،
إلى الحرب في غزة، ومنع وقفها (لمنع انتصار المقاومة والشعب فوراً)، أدّى إلى
تجميد أولوية الصراع الأمريكي ضد الصين وروسيا.
وبهذا أصبح الوضع الدولي غير ما كان عليه، قبل طوفان الأقصى، وما زال
مشدوداً لمرحلة طوفان الأقصى، وتداعياته.
ومن ثم أصبح من الضروري استبعاد الحديث عن اليوم التالي، لتبقى
الأولوية بالنسبة إلى المقاومة والشعب
الفلسطيني، هي تسخير كل الجهود لدعم
المقاومة والشعب في قطاع غزة، والانتصار بهذه الحرب، بإذن الله.
وعلى المستوى الدولي مواصلة الضغوط المختلفة لعزل السياسات الصهيونية
والأمريكية، وفرض وقف العدوان، ووقف المجزرة.