ما زالت الأوساط الإسرائيلية تشعر بخيبة أمل متصاعدة من تصاعد التأييد الجاري للفلسطينيين وقضيتهم العادلة في الجامعات الأمريكية، وهو امتداد لهذا التأييد الممتد من السنوات العشرين الماضية، وقد تمكنت الكتل الطلابية التابعة لرابطة (طلاب من أجل العدالة في
فلسطين) في الولايات المتحدة من بناء شبكة مكونة من مائتي خلية عبر المؤسسات الأكاديمية الأمريكية في جميع أنحاء البلاد في الأشهر الأخيرة.
كوبي باردا الخبير الإسرائيلي في التاريخ السياسي الأمريكي والعلاقات الدولية، والباحث في جامعة حيفا لدراسة الأديان، أكد أن "نتائج أحداث الأشهر القليلة الماضية كشفت أن دولة
الاحتلال والولايات المتحدة ليس لديهما فهم لكيفية تمكن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين من زراعة بذورها التي أسفرت عن انتصار الاحتجاجات الأخيرة في أعماق قلب الأوساط الأكاديمية الأمريكية، لاسيما في جامعة كولومبيا التي اضطرت لإلغاء حفل التخرج في الأشهر الأخيرة خشية من هذه المظاهر".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21" أن "الأوساط الأمريكية والإسرائيلية تعرضت لنقاط القوة في هذا النشاط المعادي لها، والمؤيد للفلسطينيين على مدى السنوات العشرين الماضية، لاسيما عبر عمل رابطة (طلاب من أجل العدالة في فلسطين SJP) في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مكونة من طلاب محليين، كمجموعات حرب عصابات حديثة لتعزيز القضايا المؤيدة للفلسطينيين".
وأشار إلى "أننا أمام منظمة طلابية مؤيدة للفلسطينيين تقود حملات في المؤسسات الأكاديمية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بهدف تعزيز الوعي وحقوق الفلسطينيين، وفي العاشر من أكتوبر قادت خلايا هذه الرابطة "مظاهرات الغضب" في جامعة هارفارد، وهي احتجاج كبير أدى إلى اهتمام عام ونقاش واسع النطاق حول العالم، مع العلم أن إحدى التقنيات الرئيسية التي يستخدمونها هي صوت الجمهور، أو باللغة الإنجليزية Phone Banking، وتوظيف الخدمات المصرفية عبر الهاتف، بما يتيح لهم التأثير بشكل مباشر على صناع القرار في الجامعات والحكومة المحلية والفيدرالية".
وأوضح أن "الجهة التي تقود هذه التقنية "صوت الجمهور" هي شركة Beautiful Trouble، لها موقع إنترنت كمجموعة ناشطة مؤيدة للفلسطينيين، ومنظمة ومؤسسة أخرى لها موقع Ahel.org تديرها الناشطة المؤيدة للقضية الفلسطينية والمعادية للاحتلال نسرين الحاج أحمد، وتقوم بتدريب وتوجيه الأشخاص والمنظمات بما يتيح لهم استخدام تقنية صوت الحشد في خلايا SJP عبر تنظيم مكالمات هاتفية مركزة لصانعي القرار من أجل ممارسة الضغط المباشر على عوامل القوة، والترويج للفلسطينيين، وبمساعدة التطبيق تنجح الخلايا في تحفيز نشاط الطلاب المناصرين للفلسطينيين، الذين سيصدرون هذه النداءات بطريقة مركزة ومنظمة، ما يزيد من فعالية الحملة".
ولفت إلى أن "هذا التطبيق يتيح استخدام أدوات لإدارة المكالمات والنصوص المعدة وبيانات الاتصال، بغرض التواصل مع أصحاب القرار بشكل منظم وفاعل، ومن أبرز حالات استخدام تكتيك صوت الحشد، حملة نشطاء حركة المقاطعة في الأردن ضد صفقة استيراد الغاز من دولة الاحتلال، وتهدف الحملة لمنع الحكومة الأردنية من توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز من الاحتلال، فيما أصدر نشطاء حركة المقاطعة نداء للعمل يطلبون فيه من أنصارهم الاتصال بأعضاء البرلمان، ومطالبتهم بإعلان معارضتهم للصفقة، وعلى مدى خمسة أيام، اجتمع أعضاء الحملة في مكان واحد، وأجروا محادثات، وتم إعلان النتائج على شبكة الإنترنت في الوقت الحقيقي".
وختم بالقول إن "قوة صوت الحشود تكمن في قدرتها على تعبئة عدد كبير من المؤيدين للفلسطينيين للقيام بعمل مركز، بما يمكنها من تغيير مجرى الأمور، ولذلك فإن استخدام هذا التكتيك في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الخلايا الطلابية المؤيدة للقضية الفلسطينية وفي أماكن أخرى من العالم، يسمح للناشطين بالترويج لأهدافهم بطريقة فعالة، وإحداث تغيير حقيقي في الواقع السياسي والاجتماعي في العديد من النقاط، ويشكل هذا التكتيك جزءًا أساسيًا من نضال الحركات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة الأمريكية، لممارسة الضغط على صناع القرار، وتغيير السياسة العامة باتجاه معاداة الاحتلال".
تكشف هذه التقنية الجديدة، المصحوبة بتطورات تكنولوجية مبتكرة، عن نجاح الناشطين المؤيدين للفلسطينيين في تحقيق إنجازات مهمة في نضالهم، كما أنه يعدّ صوت الجماهير الأمريكية أداة مركزية وفعالة في الصراع بأيدي الحركات المؤيدة للفلسطينيين، ما يسمح لهم بممارسة الضغط على صناع القرار، والتأثير على السياسة العامة في الكونغرس والإدارة الأمريكية، كما أن هذا التكتيك المبني على التطورات التكنولوجية المبتكرة والتوجيه المهني، ينجح في تغيير الواقع السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة وفي أجزاء أخرى من العالم باتجاه إنصاف الفلسطينيين ومعاداة الاحتلال.