تسببت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات المنتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة في حدوث عاصفة في المجتمع اليهودي المحلي، الذي بدأ الآن يغير تفضيلاته، بحيث لم تعد المؤسسات الأكاديمية المرغوبة مثل "هارفارد وبرينستون" تجتذب الشباب اليهودي والإسرائيليين، في ضوء تراجع درجة الأمن والحماية وزيادة معاداة
الاحتلال، وفي نفس الوقت فإن هناك من يفكر في الانتقال للدراسة في الجامعات الإسرائيلية.
آساف غلعاد الكاتب في مجلة "
غلوبس" الاقتصادية، ذكر أنه "منذ الربيع الماضي، انتشر الاحتجاج ضد الاحتلال إلى جميع الجامعات في الولايات المتحدة تقريبا، ولكن في جامعات النخبة، بما فيها كولومبيا وهارفارد وماساتشوستس ونورث ويسترن وبنسلفانيا، كان الاحتجاج عنيفًا وصاخبًا بشكل خاص حتى اليوم، ومن وقت لآخر، تذكرنا المظاهرات بأن المشاعر المعادية للاحتلال الإسرائيلي بين الشباب في الولايات المتحدة لم تختف في أي مكان".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أنه "في الأسبوع الماضي فقط، تحصن 13 طالبًا في مكتب رئيس جامعة ستانفورد، إحدى جامعات النخبة وأفضل كلية لإدارة الأعمال في الساحل الغربي، وأثارت الحادثة ضجة كبيرة في أوساط الجالية اليهودية في سان فرانسيسكو ووادي السيليكون، وأشاع المشاعر بأن جامعات النخبة أصبحت مركز خطر عليهم وعلى أبنائهم، ورغم أن جامعات برينستون وييل وهارفارد متجذرة جدًا في تراث الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، فإن الكثيرين سيقررون عدم الذهاب إليها، حتى لو تم قبولهم، وباتوا يختارون الذهاب إلى جامعات الجنوب مثل فلوريدا وكارولاينا وتكساس".
ونقل عن رابطة مكافحة التشهير (ADL) قائمة الجامعات الأكثر أمانا لليهود، وصنّفت "معظمها من "جيدة" إلى "فاشلة" وفقًا لطريقة استجابتها لحوادث معاداة السامية التي تحدث هناك، وتم توزيع القائمة في مجموعات أولياء الأمور على واتساب وفيسبوك في جميع أنحاء العالم، ولم يكن مستغربا فوز جامعات: هارفارد، وستانفورد، وماساتشوستس للتكنولوجيا، ونورث وسترن، وميتشيغان، وتافتس، بأدنى الدرجات، فيما فشلت جامعات النخبة الأخرى: كولومبيا، وييل، وويلز، وكورنيل، وجورجتاون، وجونز هوبكنز، وبرينستون، وبراون، وجميع جامعات كاليفورنيا، التي حصلت على التصنيف D، وهي "بالكاد كافية من الناحية الأمنية".
ووفقاً لذات المنظمة، فإن "جامعة هارفارد حيث 10% من الطلاب، و17% من طلاب الدراسات العليا من اليهود، تفشل مراراً وتكرار في التعامل مع حالات معاداة السامية والاحتلال الاسرائيلي، فهي تستضيف المظاهرات المتكررة التي يقودها طلاب من أجل
فلسطين، كما أن الدرجة التي حصلت عليها جامعة نورث ويسترن، وهي من أفضل المؤسسات الأكاديمية في العالم في إدارة الأعمال، ويدرس فيها العديد من الإسرائيليين للحصول على درجة الماجستير، من أدنى المعدلات في الولايات المتحدة على صعيد إجراءات حماية اليهود".
وأوضح أن "هناك 1400 طالب يهودي بجامعة شيكاغو، 14% من إجمالي الطلاب، ورغم أن المنظمات اليهودية تنشط في الحرم الجامعي، فقد كانت هناك بعض أسوأ الحوادث المعادية للاحتلال الاسرائيلي في البلاد، وبتسلسل غير عادي. وبصرف النظر عن المظاهرات، فإنه تم توزيع صحيفة معادية للسامية في الحرم الجامعي، وتخريب المخطوطات اليهودية، ولا عجب أن وزارة التعليم الأمريكية فتحت في يناير تحقيقًا ضد المؤسسة الأكاديمية شولي غاليلي، الشريك المؤسس في صندوق رأس المال الاستثماري Afwest".
وأشار إلى أن "معظم الجامعات ذات الجودة العالية في الولايات المتحدة يتم تصنيفها في أسفل قائمة الجامعات الآمنة للإسرائيليين واليهود التي تعدها رابطة مكافحة التشهير، كما أن جامعة برانديز في بوسطن، التي أسسها اليهود، ويشكل طلابها 35% منهم، شهدت مظاهرة صرخ فيها المتظاهرون باللغة العربية "لا نريد الصهاينة هنا"، وخطوا عبارة "من النهر إلى البحر" على جدران الجامعة، لكن الشرطة فرقت المظاهرة المناهضة لإسرائيل، بجانب تزايد معاداة الاحتلال الإسرائيلي في جامعات: فلوريدا، والجامعة الدولية، وميامي، وديوك في كارولاينا الشمالية، وتكساس، وجامعة واشنطن في ميسوري، وجامعات نيويورك مثل بينغهامبتون وبروكلين وإيثاكا وهوفسترا، وأمهرست في ماساتشوستس، وماريلاند وتاونسون".
شولي غاليلي، الشريكة المؤسسة في صندوق رأس المال الاستثماري Upwest، زعمت أن "الاحتجاج المناهض للاحتلال الإسرائيلي في الجامعات الأمريكية ليس جديدا، لكنه اعتبارا من السابع من أكتوبر يكتسب زخما، وقبل بضعة أشهر، بعد تجربة فصل دراسي واحد في جامعة تل أبيب، قررت الانتقال لإسرائيل مع زملائها على شبكات التواصل، حيث تشهد جامعات تل أبيب ورايخمان والتخنيون زيادة في التسجيل من إسرائيليين يعيشون في الخارج، وبدرجة أقل من يهود الولايات المتحدة، وفي الصيف المقبل، سيتم افتتاح برنامج جديد في التخنيون يسمح لطلاب لا يتحدثون العبرية بدراسة السنة الأولى من دراستهم باللغة الإنجليزية".
لقد كشف العدوان الإسرائيلي على
غزة حجم العداء المتأصل له لدى شعوب العالم الحرة، وفي معقل حليفه الأكبر الولايات المتحدة، لاسيما جامعات النخبة التي حاولت إداراتها فرض عقوبات على الطلاب المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بزعم أنهم تجاوزوا الخط الأحمر، وتم طرد الكثير منهم، ورغم ذلك فإن الإدارات الحكومية الأمريكية، ومعها إدارة الجاليات الإسرائيلية واليهودية المؤيدة للاحتلال، لا تتوقع أن يتم حلّ كل هذه الظواهر المزعجة لها حتى الفصل الدراسي القادم في ضوء تصاعد العدوان على غزة، وبث مشاهد العنف والدمار التي تجتاح الإعلام الدولي وصولا للولايات المتحدة.