بعد تسعة أشهر
على اندلاع العدوان الاسرائيلي على
غزة، استشهد أكثر من مئة
صحفي فلسطيني برصاص
وقذائف وقصف الاحتلال، لاسيما
الطائرات بدون طيار، ما يجعلها الحرب الأكثر دموية
للصحفيين منذ الحرب العالمية الثانية.
موقع
"
محادثة محلية" العبري تعاون مع مؤسسات صحفية دولية لتحليل أكثر
من 100 حالة استشهد فيها صحفيون وإعلاميون في غزة، والاتصال بأكثر من 120 صحافياً
وشاهد عيان على العمليات العسكرية للاحتلال، واستشارة 25 خبيرًا في المقذوفات
والأسلحة والصوت؛ واستخدام صور الأقمار الصناعية للتأكد من تنفيذ الاحتلال لجرائمه
المتعمدة ضد الصحفيين الفلسطينيين.
وذكر التقرير
الذي ترجمته "
عربي21" أن "قائمة الصحفيين الفلسطينيين المستهدفين
من الاحتلال طويلة، من بقوا في الأحياء الشمالية لقطاع غزة، وأبلغوا عن المجاعة
الشديدة في المنطقة، وبحثوا عن أرض مرتفعة بها استقبال لإرسال مقاطع فيديو إلى
محرريهم في غرف الأخبار، وفجأة أوقعتهم انفجارات ضخمة على الأرض وسط سحابات من
الدخان، ما أسفر عن استشهاد وإصابة العديد منهم بجروح متفاوتة، وباتت أجسادهم ملطخة
بالدماء".
وأضاف أن
"نتائج التحقيق كشفت أن طائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها عن بعد
استهدفت ما لا يقل عن 18 صحفيًا في غزة، ما أدى لمقتلهم أو إصابتهم، أربعة منهم
ارتدوا سترات صحفية عندما تعرضوا للهجوم من الجو، وبالتالي فإن الكثير منهم قُتلوا
بهذه الطريقة، مما يطرح أسئلة حول إمكانية تحديدهم كأهداف مشروعة، وهي ممارسة
يسميها الجيش "الصيد"، وقد تم استخدام الاغتيالات بالطائرات بدون طيار
بصورة واسعة الانتشار في الحرب الحالية".
وأكد أن
"هذه الطريقة أدت لإيذاء الأبرياء الفلسطينيين لسببين رئيسيين: أولهما الاعتماد
الكبير على البرمجيات الآلية غير الدقيقة، وعلى أساسها حاول ضباط المخابرات
"مطاردة" آلاف المشتبه بهم في وقت واحد بمساعدة الطائرات بدون طيار عبر
"المطاردة الواسعة"؛ وثانيهما سوء جودة صورة الكاميرات المثبتة على
الطائرات بدون طيار، وعادة ما تجد صعوبة بالتعرف على ملامح الوجه، ما يستدعي
الاعتماد على المعلومات الظرفية لتحديد الهدف باحتمالية عالية، ولكن ليست مطلقة".
وأشار إلى أنه
"قبل الهجوم بناءً على المعلومات المتوفرة، فإن هذه الكاميرات قادرة قدر
الإمكان على تحديد تفاصيل الملابس على ما يبدو، ولذلك تم إعداد قائمة الأهداف
للاغتيال باستخدام الطائرات بدون طيار بمساعدة برنامج "لافِندر"، وفي
وقت ما ضمّت عشرات آلاف الفلسطينيين، وهذا البرنامج قادر على استهداف يعتمد على
الذكاء الاصطناعي، مع أنه وفقا للقانون الدولي، يجب على الجيوش التفريق بين
المقاتلين وغيرهم، ما يعدّ من استهداف غير المقاتلين، بما فيهم الصحفيون، أمرا
صعبا، وجريمة حرب".
ولفت إلى أن
"ذلك البرنامج "لافندر" عمل على تشخيص 37 ألف فلسطيني خلال حرب غزة
كنشطاء مستهدفين بالقتل، وثبت خطأه بنسبة 10٪ من الحالات، وتم وضع علامة على
فلسطينيين لا صلة لهم، أو لديهم فقط صلة "فضفاضة" بالذراع العسكرية لحماس، مما يعني أن أخطاء "لافندر" اعتبرت ثمناً "مشروعاً"
مقابل أتمتة كبيرة لإجراءات التجريم، ومن غير المعروف ما إذا كان البرنامج قد ميّز
الصحفيين أيضًا، بزعم أن أنماط التواصل بين الصحفيين "مماثلة" لأنماط
المسلحين، وفق مزاعم المحافل العسكرية القريبة من جيش الاحتلال.
ونقل عن ثلاثة
مصادر إسرائيلية أنهم "لا يعرفون أن الجيش لديه قائمة تقوم بتصفية الصحفيين،
حتى تتم حمايتهم من الأذى، لأن "لافندر" قد تضع علامة على الصحفيين،
لأنهم يتحدثون كثيرًا مع قادة ونشطاء حماس، ويحتمل أن يكونوا في مجموعات الواتساب
الخاصة بهم، ويتصلون بهم، لذا فقد تضع "لافندر" علامة عليهم، وفي هذه
الحالة تسميهم لافندر بأنهم حماس".
وأوضح أن "الخبراء العسكريين يعتقدون أنه في بعض نماذج الطائرات بدون طيار التي يستخدمها جيش
الاحتلال يمكن التعرف على الصحفي من خلال سترته التي يرتديها، فيما زعم آخرون أن
جودة الصورة التي تقدمها الطائرات تجعل من الصعب التعرف على ملامح الوجه، مع أن
الإشارات الخلوية جزء أساسي من تحديد الأهداف، حيث يتم توجيه هجمات الطائرات عبر
الهواتف، ضمن نظام استخبارات الإشارة (sigint) وبطاقات SIM،
واستخدام تطبيقات معينة في شبكات التواصل الاجتماعي، مع إعدادات الموقع، والبث
المباشر".
وكشف التقرير
أنه "سيتم عرض بعض قضايا استهداف الصحفيين الفلسطينيين خلال حرب غزة على
المحكمة الجنائية في لاهاي، وسيطلبون من المدعي العام التحقيق فيها باعتبارها
جريمة حرب مشتبها بها، لاسيما أن الصحفيين في غزة باتوا يخشون من ارتداء ستراتهم،
لأنها لم تعد تحميهم من جهة، ومن جهة أخرى فقد تكون دليلا لاستهدافهم من قبل جيش
الاحتلال، وقال بعضهم إنهم يتجولون بدون هاتف، ويخشون العودة لمنازلهم، خوفًا من
التعرض للاستهدافات، لأنهم يشعرون أن هويتهم الصحفية وسترتهم باتت وسيلة لإيذائهم،
أكثر من كونها وسيلة لحمايتهم من نيران الاحتلال".