انتشر مقطع فيديو لأمير
الجماعة الإسلامية في
بنغلادش الدكتور
شفيق الرحمن يحمد الله٬ وهو يبكي فرحا بعدما وصل إلى المقر المركزي للجماعة الإسلامية في دكا، بعد إغلاقه في الفترة الماضية على يد الحكومة.
وأدى حظر حكومة الشيخة
حسينة التي قدمت استقالتها أمس الاثنين وغادرت البلاد هربا إلى الهند٬ لحزب الجماعة الإسلامية المعارض وجناحه الطلابي الخميس الماضي٬ إلى تجدد الاحتجاجات التي طالبت باستقالتها ما أدى إلى ارتفاع حصيلة ضحايا الاحتجاجات المتجددة في أنحاء بنغلادش إلى أكثر من 231 قتيلا، فيما أصيب مئات آخرون بالرصاص.
ويعود السبب بحسب حسينة إلى اتهامها للجماعة الإسلامية بأنها المتسببة في تأجيج الشارع البنغالي ضد نظام الكوته أو المحاصصة في الوظائف الحكومية لأبناء وأقارب العاملين في الجيش٬ والذي اضطرت في النهاية إلى إلغائه والاستجابة للمطالب الطلابية.
وبعد هروب حسينة قال أمير الجماعة شفيق الرحمن محتفلا في بيان له نشر على الموقع الرسمي للجماعة: "الحمد لله الذي حرر بنغلادش الحبيبة من قبضة الدكتاتورة مقابل دماء مئات الشهداء".
وأضاف: "أعرب عن شكري وامتناني لطلبة البلاد ومعلميها وشخصياتها الثقافية والصحفيين والمحامين والشعراء والكتاب والمجتمع المدني وأفراد من مختلف المهن والأحزاب السياسية على الدور الفريد الذي لعبوه في إنجاح هذه الحركة".
وحذر من استغلال النظام للوضع الراهن لإثارة الفوضى قائلا: "ينبغي على الجميع توخي الحذر بشأن أمن أماكن العبادة والمنازل والممتلكات الخاصة بأتباع الديانات المختلفة. وعلى الجميع توخي الحذر حتى لا يتسبب أي مجرم في أي وضع غير مرغوب فيه في البلاد. وعلينا أن نمضي قدما لبناء بلد جميل ومجتمع ودولة متحدة".
يذكر أن حكومة حسينة، اعتقلت شفيق الرحمن من قبل عناصر مكافحة الإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بعد أيام من إعلان انضمام حزبه إلى مجموعات المعارضة الأخرى في الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
فمن هي الجماعة الإسلامية في بنغلادش؟ ولماذا كانت تعاديها رئيسة الوزراء الهاربة بهذا الشكل؟ ولماذا أعدمت العشرات من قيادتها؟
نشأة الجماعة الإسلامية
هي واحدة من أكبر الأحزاب السياسية في بنغلادش وتعتبر ثامن أكبر جماعة في العالم الإسلامي في العصر الحديث.
ونشأت الجماعة الإسلامية في بنغلادش كأحد فروع الجماعة الإسلامية الأم في باكستان، التي أسسها أبو الأعلى المودودي في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين، قبل انفصال الهند عن باكستان، ثم انفصال الشطر الشرقي من باكستان بنغلادش حاليا.
في 26 آب/ أغسطس 1941، اجتمع 75 رجلاً من مختلف أنحاء شبه القارة الهندية في مدينة لاهور، عاصمة إقليم البنجاب في باكستان، تحت قيادة أبي الأعلى المودودي، وأسسوا الجماعة الإسلامية، وانتخبوا المودودي أميرا لها.
وتؤكد أدبيات الجماعة أن "الله وحده هو المشرع، وأن القرآن والسنة هما المنهج الوحيد لحياة الإنسان، وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو القائد المثالي الذي يجب اتباعه في جميع مجالات الحياة".
ووفقا للموقع الرسمي للجماعة فإن رسالتها تهدف إلى "تأهيل الأفراد لبناء المجتمع الإسلامي من خلال التدريب المناسب وتنظيم الشعب بشكل جيد لتأسيس حركة إسلامية". كما أنها تهتم بالإصلاح الاجتماعي "وتطوير المجتمع ورعايته وإعادة بناء الروح المعنوية والخدمات الاجتماعية على أساس القيم الإسلامية".
وتضم الجماعة أكثر من ستة ملايين عضو مؤيد، وأكثر من 25 ألف عضو نشط، وتدير العديد من المؤسسات مثل جمعية العمال، وجمعية الفلاحين، وجمعية التربية الإسلامية. كما أنها تصدر مطبوعات يومية وأسبوعية وشهرية، بالإضافة إلى إدارة العديد من المدارس. ويسجل طلابها حضوراً قوياً في ثلاث جامعات حكومية.
الانفصال عن باكستان
عارضت الجماعة الإسلامية حرب استقلال بنغلادش عن باكستان عام 1971 بهدف الحفاظ على باكستان وكيانها الإسلامي ودعما للعالم الإسلامي ضد العداء الهندوسي.
وحاولت الجماعة إقناع جميع الأطراف باللجوء إلى الحوار والمصالحة بدلا من الحرب.
وبعد تسعة أشهر من القتال العنيف، حصلت باكستان الشرقية على استقلالها عن باكستان الغربية في 16 كانون الأول/ ديسمبر 1971.
بعد استقلال بنغلادش، انتخب الشيخ غلام أعظم كأول أمير للجماعة في البلاد بعد الانفصال، تلاه الشيخ مطيع الرحمن نظامي. ومع ذلك، فرضت الدولة حظرا على الأحزاب القائمة على أساس ديني.
وفي عام 1977، تم إجراء التعديل الخامس على الدستور، الذي ألغى الحظر المفروض على الأحزاب الدينية، ما أتاح للجماعة الفرصة للظهور مجدداً كحزب سياسي إسلامي.
وعقدت الجماعة مؤتمراً لهذا الغرض في العاصمة داكا من 25 إلى 27 أيار/ مايو 1979،وقد أُعلن عن الجماعة الإسلامية كحركة سياسية إسلامية.
من الوزارة إلى المشانق
وشاركت الجماعة الإسلامية من خلال حزبها "حزب الجماعة الإسلامية" في الانتخابات البرلمانية المتعددة التي أُجريت بعد الانفصال عن باكستان.
وكانت أبرز مشاركاتها في عام 2001 عندما شاركت لأول مرة كجزء من تحالف، وحصلت على 17 مقعدًا من أصل 300، إضافة إلى تولي اثنين من أعضائها مناصب وزارية في الحكومة.
وانتُخبت أربع نساء من الجماعة ضمن كوتة المرأة في البرلمان، وتحالف حزب الجماعة الإسلامية مع أربعة أحزاب لحكم البلاد لمدة خمس سنوات، حيث تولت الجماعة وزارتَي الصناعة والشؤون الاجتماعية.
وفي عام 2010، اتهمت حكومة بنغلادش بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد قادة بارزين في الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب في عام 1971 بحسب زعمها. وأُنشئت محكمة خاصة لهذا الغرض وبدأت بمحاكمتهم من خلال قضاة تم اختيارهم بعناية لإصدار الأحكام التي تمليها الحكومة، والتي كانت تهدف إلى إعدامهم شنقا.
وشملت قائمة الاتهامات الشيخ مطيع الرحمن نظامي (أمير الجماعة ووزير الزراعة ثم الصناعة سابقًا) وغلام أعظم (أمير الجماعة سابقًا)، والشيخ محمد عبد السبحان (نائب أمير الجماعة وعضو البرلمان سابقًا)، والأمين العام للجماعة علي أحسن محمد مجاهد.
وتضمنت الاتهامات محمد قمر الزمان (الأمين العام المساعد الأول للجماعة ورئيس تحرير مجلة "سونار بنغلا")، وعبد القادر ملا (الأمين العام المساعد الثاني)، وأظهر الإسلام (الأمين العام المساعد الثالث)، ومير قاسم علي (عضو المجلس التنفيذي للجماعة ومدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في بنغلادش سابقًا).
وفي أيار/ مايو 2016، نفذت حكومة حسينة حكم
الإعدام بالشيخ نظامي في سجن بالعاصمة داكا.