سياسة دولية

كشف أسرار جديدة عن علاقة ترامب وأردوغان.. هل كانا يكذبان على بعضهما؟

تدهورت العلاقات التركية الأمريكية كثيرا بعد عام 2018- جيتي
كشف مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للأمن القومي، في الفترة 2017- 2018، الجنرال إتش آر ماكماستر، في كتابه الذي صدر في 24 آب/ أغسطس الماضي، تحت عنوان "الحرب على أنفسنا: جولتي في البيت الأبيض في عهد ترامب"، الكثير من الخبايا حول العلاقة بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


وتناول الكتاب أزمة القس الأمريكي أندرو برونسون، الذي اعتقل في تركيا، وجماعة فتح الله غولن، المتهمة بمحاولة الانقلاب التي وُصفت بـ"الفاشلة"، في تركيا خلال عام 2016 والتي يقيم زعيمها في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، بخلاف رؤية ترامب حول الأزمة السورية.

بوتين وأردوغان يكذبان




ووفقا لماكماستر فإنه في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع أردوغان كانت تتناول ما يحدث في الشمال السوري.

ووفقا للكاتب فإنه "كذب كل من بوتين وأردوغان على ترامب، لأن بوتين يريد انسحاب الولايات المتحدة حتى يتمكن الأسد من استعادة السيطرة على شمال شرق سوريا".

وأضاف: "كان أردوغان يقدّم معلومات كاذبة لمنع تطوير جيش كردي يمكن أن يسعى للاستقلال والمطالبة بشرق تركيا". في إشارة إلى المنظمات الكردية المسلّحة المدعومة بقوة من الولايات المتحدة والتي تساعدها في إنشاء دولتها المستقلة في الشمال السوري والجنوب التركي، والتي تعمل تحت اسم قوات سوريا الديمقراطية.

وقال ماكماستر في الكتاب: "مثل بوتين، صور أردوغان الأسد على أنه الفائز الحتمي في الحرب الأهلية السورية، ما مكن ترامب من الموافقة على نهاية الحرب بوساطة تركيا وإيران وروسيا".

ترامب أيضا يكذب




وتابع مستشار الأمن القومي في كتابه: "ترامب كان يعلم أن ما سمعه كان أكاذيب، لكن أردوغان، مثل بوتين، اكتشف كيفية استغلال استياء ترامب من العمليات العسكرية في الشرق الأوسط".

وتابع المؤلف: "أردوغان وصف عمليات نقل الأسلحة المستمرة إلى قوات سوريا الديمقراطية بأنها مضيعة للمال". وأضاف أن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية كان "باطلا ولاغيا" لأن جماعة "داعش قد هُزمت".

ثم قال ترامب لأردوغان وفقا للكتاب: "أنت على حق، إنه أمر مثير للسخرية". وأضاف الرئيس السابق لأردوغان: "لقد طلبت من الجنرال ماكماستر ألا يعطي أسلحة لأي شخص بعد أن انتهى الأمر. وأخبرت الجنرال ماكماستر بذلك في وجهه!".

كذلك، أكد مستشار الأمن القومي السابق أن هذا غير صحيح: "لم يطلب مني ترامب أبدًا وقف شحنات الأسلحة إلى قوات سوريا الديمقراطية".

برونسون مقابل غولن




أما في ما يتعلق بأزمة القيس الأمريكي برونسون٬ فبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في تموز/ يوليو 2016، اتهمت أنقرة رجل الدين التركي فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة، بالوقوف وراء المحاولة.

وقد طالبت تركيا بتسليمه بأي ثمن، بينما رفضت واشنطن الاستجابة لهذا الطلب. وكان برونسون من بين المعتقلين الذين اتهمتهم تركيا بالتجسس ودعم المنظمات الإرهابية.

ويقول الكاتب في هذا السياق، إن "بوتين وأردوغان كانا يتلاعبان بترامب. إذا تركت هذا الوضع دون اعتراض، كنت سأكون مقصرًا في واجبي كمستشار للأمن القومي".

وتابع مستشار الأمن القومي السابق: "في العديد من المناقشات مع ترامب، أخبرته بأن طلب أي شيء من أردوغان لن يجدي نفعًا. أكدت له أننا بحاجة لخلق تكلفة له. لكن ترامب كان يقول لي 'أنت مخطئ'".

وقال ماكماستر: "في مكالمة هاتفية أخرى، طلب أردوغان من ترامب تسليم فتح الله غولن مقابل القس برانسون، وادعى أنني أجلت مكالمات ترامب معه. قام ترامب بتوبيخي بشدة من خلف المكتب".

يذكر أن ترامب هدد تركيا بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة إذا لم تُفرج عن برونسون فوراً.

ماكماستر يعرقل تواصل أردوغان مع ترامب
أما بخصوص العلاقة بين أردوغان وترامب، فقال ماكماستر: "في مكالمة هاتفية، ادعى أردوغان مجددًا أنني كنت أؤجل مكالماتي مع ترامب عمدًا. وردّ ترامب بأنه سيوفر لأردوغان الرقم الشخصي الخاص به".

وأكد الكاتب أن "موقف ترامب غير الواضح بشأن سوريا أدى إلى دخول الأتراك إلى عفرين في كانون الثاني/ يناير 2018. بناءً على ذلك، قررت الذهاب إلى إسطنبول لمقابلة المسؤولين الأتراك لإعادة الأمور إلى نصابها".

وقال إن القنصلة الأمريكية في إسطنبول، جينيفر ديفيس، "وصفت العلاقة بالصعبة. الحكومة التركية كانت تضايق الموظفين المحليين في السفارة والقنصلية. وسائل الإعلام المملوكة للدولة نشرت بشكل مستمر دعاية معادية لأمريكا، بما في ذلك مزاعم كاذبة حول تورط الولايات المتحدة في محاولة الانقلاب عام 2016 ضد أردوغان".

ونقل الكتاب عن ديفيس قولها إن "التوقعات المستقبلية للعلاقة كانت قاتمة بسبب الأيديولوجية الإسلامية المحافظة والشعبوية المعادية للغرب التي كان أردوغان وحزبه يعززانها".

ماكماستر: انظروا إلى واشنطن وليس موسكو




ويرى المؤلف أنه باستثناء قضيتين، فإن لدى تركيا والولايات المتحدة مصالح مشتركة أكثر من روسيا وإيران.

ويذكر ماكماستر أنه التقى بكبير مستشاري الرئيس آنذاك إبراهيم قالن، ورئيس المخابرات التركية سابقا هاكان فيدان، في قصر يلدز بإسطنبول.

وقال في كتابه: "شكرت قالن وفيدان لاستضافتنا في هذا المكان التاريخي والأنيق. وقلت لهم إن ذكريات الحروب الروسية التركية والحروب العثمانية الفارسية التي تشهد عليها هذه المباني ربما تسهل مهمتنا في وقف الانجراف في علاقتنا".

وتابع: "أردت أن أسمع تقييمهم أولاً لأنني كنت أعتقد أن المسافة المتنامية بيننا قد تكون التغيير الأكثر عمقاً في المشهد الجيوسياسي منذ نهاية الحرب الباردة. وكنت أعتقد أن هذا التغيير كان فظيعاً بالنسبة لبلدينا".


وأضاف ماكماستر: "كما هو متوقع اشتكى قالن من الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية وفشل الولايات المتحدة في تسليم فتح الله غولن. وعندما انتهى، قمت بإعداد مخطط كان نتيجة ثانوية لاستراتيجيات سوريا وتركيا التي وافق عليها ترامب في الأسبوع السابق لعيد الميلاد".

وقال إن "هذا المخطط يحتوي على الأهداف الاستراتيجية للجهات الفاعلة الرئيسية في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك إيران وإسرائيل والأردن وروسيا وسوريا وتركيا والولايات المتحدة. تم وضع الأهداف في صناديق وتم ترميزها بالألوان لكل دولة".

وأضاف أنه "في هذا الجدول كان هناك تباين كبير في التصور العام بين الأهداف الأمريكية والتركية والتباعد بين تركيا والمحور السوري الروسي الإيراني. وكان الاختلاف الوحيد بين البلدين هو هدف تركيا المتمثل في تقييد العلاقات بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية".

وأكد "وجود عقبتين على الجانبين تمنعان تحسن علاقتنا. بالنسبة لتركيا، كان هذا هو دعم غولن والولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية. بالنسبة للولايات المتحدة، كان الأمر يتعلق بالسجن غير المشروع للقس الأمريكي أندرو برونسون وشراء نظام الدفاع الجوي الروسي S-400".

واشنطن تستعد لسحب الأسلحة النووية من إنجرليك




لم يذكر ماكماستر ذلك بشكل مباشر في كتابه، انسحاب واشنطن من قاعدة إنجرليك العسكرية التابعة للناتو في تركيا، لكنه ألمح إلى أنه تم التحضير لسحب الصواريخ النووية من القاعدة في عام 2018 بسبب التدهور الشديد في العلاقات.

وقال في كتابه: "اقترحت أن نحسن استراتيجيتنا تجاه تركيا مع التركيز على هدف متواضع يتمثل في منع الانهيار الكامل، وأيضًا تطوير خطط طوارئ لأسوأ السيناريوهات، بما في ذلك نقل الوجود العسكري الأمريكي من تركيا".

وتابع: "بعد سنوات، عندما قال أردوغان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد الهجمات المروعة على إسرائيل، إن حماس ليست منظمة إرهابية، بل 'منظمة تحرير'، اعتقدت أن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذه الخطة من قبل مجلس الأمن القومي".

من هو ماكماستر؟
.

 
أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب في شباط/ فبراير 2017 تعيين الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، مستشارا للأمن القومي الأمريكي٬ الذي شارك في احتلال العراق وأفغانستان وفي حرب الكويت.

وُلد في 24 تموز/ يوليو 1962 في فيلادلفيا، بنسلفانيا، وتخرج من أكاديمية ويست بوينت العسكرية عام 1984.

ويحمل ماكماستر شهادة دكتوراه في التاريخ العسكري من جامعة نورث كارولاينا، حيث كتب أطروحته حول حرب فيتنام، التي نُشرت في كتابه الشهير "إهمال المهمة"، والذي يركز على تحليل السياسات التي قادت إلى الحرب، مسلطًا الضوء على دور الرئيس ليندون جونسون، ووزير دفاعه روبرت ماكنامارا.

شارك الجنرال ماكماستر في حرب الخليج الأولى عام 1991، وقاد فرقة الصقور. ثم عاد إلى العراق في عام 2004 لقيادة الفرقة المدرعة الثالثة، المكلفة بتأمين مدينة تلعفر.


شهادة سابقة

 في عام 2010، تم اختياره نائبًا لقائد التخطيط في قوة المساعدة الأمنية الدولية في كابول، أفغانستان. وأطلق عليه الجنرال المتقاعد ديف بارنو، الذي قاد قوات للتحالف في أفغانستان بين عامي 2003 و2005، لقب "مهندس مستقبل الجيش الأمريكي" في مقال كتبه عنه.

يشار إلى أن شهادة ماكماستر عن علاقة ترامب وأردوغان لم تكن الأولى من نوعها، ففي حزيران/ يونيو 2020 كشف المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي جون بولتون في كتابه "الغرفة التي شهدت الأحداث" الكثير من أسرار "المطبخ" الداخلي لإدارة ترامب وموقفه من العديد من القضايا وطريقة تعامله غير الاعتيادية مع قضايا دولية حساسة ومعقدة.

وتحدث بولتون في كتابه عن العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة خلال فترة وجوده في المنصب وكيفية تعامل ترامب مع الطلبات المتكررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول بنك خلق التركي و فتح الله غولن والمقاتلين الأكراد في سوريا.

وقدم الكتاب صورة مفصلة عن كيفية نجاج أردوغان في الوصول إلى ما يبتغيه من الإدارة الأمريكية في كل القضايا التي تقع تحت سلطة ترامب المباشرة.