مقابلات

عباس إبراهيم لـ"عربي21": الأوضاع بلبنان تتجه نحو تصعيد مفتوح لا أفق له

اللواء عباس إبراهيم كشف أنه "أجرى ويجري اتصالات ولقاءات مُعلنة وغير مُعلنة مع الدبلوماسيين الغربيين في لبنان"- عربي21
أكد المدير السابق للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات بخصوص التصعيد الجاري بين إسرائيل وحزب الله؛ فـ "بمواجهة عدو كإسرائيل يتصرف بلا ضوابط وبلا احترام لأيّة قواعد وقوانين إنسانية وقانونية علينا أن نتوقع منه كل ما هو بحدود وخارج حدود التصور".

وأضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه "ربما تتدحرج الأوضاع إلى حرب واسعة تجد فيها بعض القوى منصة لها لاستهداف القوى الداعمة لإسرائيل، وتحديدا القواعد الغربية في المنطقة، بشكل يؤثر على الأمن العالمي وليس الإقليمي فقط".

وكشف إبراهيم، الذي يحظى بعلاقات وثيقة مع حزب الله والعديد من المسؤولين في دول غربية، أنه "أجرى ويجري اتصالات ولقاءات مُعلنة وغير مُعلنة مع الدبلوماسيين الغربيين في لبنان من أجل محاولة الإضاءة على حقيقة الوضع وفهم طبيعة الصراع، وفي بعض الأحيان نقوم بنقل رسائل معينة وبالاتجاهات المطلوبة للحدّ من حدّة القتال".

يُذكر أن اللواء إبراهيم يُعد من الشخصيات اللبنانية البارزة في الوساطة السياسية، وبذل جهودا في أعقاب اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة سهّلت الإفراج عن مواطنين مزدوجي الجنسية كانوا عالقين في غزة في بداية الحرب، وساهم سابقا في تهدئة التوترات السابقة بين حزب الله وإسرائيل، خاصة إبان وجوده في منصبه الحكومي السابق، لا سيما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع العديد من الأطراف اللبنانية والإقليمية والدولية.

وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تنظرون إلى التطورات الأخيرة في لبنان؟ وما موقفكم منها؟


إن كل ما يحصل في لبنان اليوم، وكل هذه الاعتداءات الإسرائيلية التي تدّعي إسرائيل أنها بهدف إعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم، بالرغم من علم العدو باستحالة تحقيق هذا الهدف بالقوة، يشي بأن إسرائيل تهدف إلى أشياء أخرى ليس آخرها فكّ الارتباط بين جبهتي لبنان وفلسطين، ومن الواضح بأن هذا الهدف لن يتحقق أيضا بالرغم من كل ما يجري وما يقدّمه لبنان والشعب اللبناني من تضحيات؛ فهذه كلها أهداف أقل ما يُقال فيها بأنه من الوهم التفكير بإمكانية تحقيقها.

إلا أننا ينبغي أن نعترف للعدو أنه فعلا حقق هدفه الحقيقي وغير المعلن ألا وهو قتل وترهيب وتهجير وجرح أكبر عدد ممكن من السكان المدنيين، وكان من الملفت أن العدو أصدر مواقف مُسبقة يطلب فيها من السكان الابتعاد عن مراكز تواجد أو مقار تخزين أسلحة لحزب الله، وإلا عرّضوا أنفسهم للخطر، وذلك في محاولة منه لتبرير قتل مَن أراد قتله من المدنيين، وقد أثبتت النتائج بأن القتل بمجمله شمل مدنيين عزّلا داخل منازلهم الآمنة.

ما طبيعة الدور الذي يلعبه اللواء عباس إبراهيم في المشهد اللبناني الراهن؟

نحن نقوم بما يمليه علينا واجبنا الوطني وبالدور المطلوب منّا على مستوى الاتصالات واللقاءات في محاولة للإضاءة على حقيقة الوضع وفهم طبيعة الصراع، وذلك مع مَن نلتقي بهم. وفي بعض الأحيان نقوم بنقل رسائل معينة وبالاتجاهات المطلوبة للحدّ من حدّة القتال.

لو تحدّثنا عن نتائج الاتصالات والاجتماعات التي أجريتها والشخصيات التي التقيتها خلال المرحلة الماضية، ومع مَن كانت تلك الاتصالات؟

في الحقيقة، إن الاتصالات واللقاءات كانت بمجملها مع الدبلوماسيين الغربيين في لبنان، ومنها ما هو مُعلن ومنها ما بقي بعيدا من الإعلام.

البعض يرى بأن الضربات الإسرائيلية الأخيرة ربما تكون مقدمة لاجتياح إسرائيل للبنان، فهل هذا وارد؟ وماذا لو حدث اجتياح إسرائيلي للبنان؟

البعض توقع أن يكون الاجتياح بعد "ثلاثاء البايجر" أو "أربعاء الأجهزة اللاسلكية"، أو بعد الاغتيالات لقادة حزب الله مباشرة. إن هذا الموضوع مطروح باستمرار ووارد، ولكن دونه عقبات بالنسبة للعدو الإسرائيلي على المستويات العملانية والجهوزية لقواته للقيام بمثل هذا العمل، ولكنني أرى أن إسرائيل -وكما توقعنا مسبقا- لم تزل تتبع أسلوب وعقيدة كوسوفو، أي التدمير من الجو، وهي أعجز عسكريا من أن تصل لهذه المرحلة؛ فقدرات إسرائيل محدودة رغم كل الدعم الأمريكي والغربي، لكن هذه القدرات لن تسمح لها باجتياح الأراضي اللبنانية بريا.

أما إذا ما حدث هذا العمل -وقامت القوات الإسرائيلية باجتياح للأراضي اللبنانية خلافا للمنطق- فستجد إسرائيل نفسها في مستنقع، وسيوفر ذلك لعناصر المقاومة فرصا لاستهداف القوات الغازية في واقع ليست لها فيه الغلبة على الإطلاق، وسيتم الالتحام مع هذه القوات من مساحات تعطّل أيّة إمكانية للتفوق الجوي الإسرائيلي الذي هو العمود الفقري لأي إنجاز لقواته.

برأيكم، هل سيحارب الجيش اللبناني إذا فرضت الحرب على لبنان؟

بالطبع سيكون للجيش اللبناني موقع متقدم في مواجهة أي حرب تُفرض على لبنان، وهذه عقيدة راسخة لدى الجيش.

ما هي عواقب اتساع المواجهات بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل على لبنان والمنطقة بشكل عام؟

لقد حذّرنا في السابق من الوصول إلى هذه النقطة في الصراع، ونقول بأن اتساع المواجهات في لبنان ستكون له تداعيات خطرة على الأمن في المنطقة. ولا شك أن قوى إقليمية أخرى ستكون إلى جانب المقاومة اللبنانية في حربها.

"اليونيفيل" وجهات أخرى طالبوا بضرورة تطبيق القرار 1701 بين إسرائيل ولبنان، فما هي فرص تطبيق وتفعيل القرار 1701 على أرض الواقع؟

كلّما ابتعدنا عن إمكانية حلّ النزاع ووقف القتال في غزة، أصبحت فرص الحلول الدبلوماسية في لبنان بعيدة، وهذا ينطبق على القرارات الدولية بما فيها القرار 1701. يحتاج تنفيذ هذا القرار إلى قبول إسرائيل بأن يسري عليها هذا التطبيق، ولا أعتقد بأن إسرائيل جاهزة لذلك، وبالتالي إن ما يطالب به لبنان من تطبيق للقانون الدولي على الأرض هو ما ترفضه إسرائيل منذ العام 2006.

هل الجيش اللبناني جاهز لاستلام دفة الأمور في الجنوب في حال انسحاب حزب الله؟

بالطبع، وهذه هي واجبات الجيش اللبناني أي حماية الحدود بداية، ولكن السؤال هو: إلى أين سينسحب حزب الله؟، هنالك علامات استفهام كثيرة في هذا الموضوع.

البعض يقول إن هناك ضغوطا دولية تحول دون امتلاك الجيش اللبناني أسلحة متطورة، وتحديدا الأسلحة المضادة للطائرات، كي يمنع لبنان من امتلاك أسلحة دفاع جوّي.. فما هي أبعاد وحقيقة هذه الضغوط؟ ومَن يقف خلفها؟

إن إسرائيل حريصة ألا تكون هناك أيّة قوة لأي جيش من الممكن أن يواجهها في المستقبل، مرورا بالجيوش التي تعتبرها إسرائيل مُحيّدة حاليا عن إمكانية المواجهة معها حاضرا. فكيف بجيش له حدود مباشرة مع هذا الكيان، كالجيش اللبناني؟، والضغوط تبدأ من إسرائيل على كل حلفائها في العالم منعا لتسليح الجيش بسلاح يمكّنه من مواجهة هذا العدو، حتى لو اقتضى الأمر وجود مقاومة تقوم مقام الجيش في هذه المهمة. المقصود بأن كل ما تدعيه إسرائيل بما يخص حزب الله، يمكن أن يُحل بإزالة الضغوط عن هذه الدول والسماح بتسليح الجيش لينتفي مبرّر وجود المقاومة لهذه الناحية.

أخيرا، ما هي سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟

الحقيقة إن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات؛ فبمواجهة عدو كإسرائيل يتصرف بلا ضوابط وبلا احترام لأيّة قواعد وقوانين إنسانية وقانونية علينا أن نتوقع من إسرائيل كل ما هو بحدود وخارج حدود التصور. وربما ستتدحرج إلى حرب تجد فيها بعض القوى منصة لها لاستهداف القوى الداعمة لإسرائيل وتحديدا القواعد الغربية في المنطقة بشكل يؤثر على الأمن العالمي وليس الإقليمي فقط. وبالطبع الأمور في هذه اللحظة تتجه باتجاه التصعيد الذي لا أفق مرسوما له، وخصوصا في ظل العجز الدولي عن لجم هذا العدو.