مع تكرار الاقتحامات التي ينفذها متشددون يهود للمسجد
الأقصى في
القدس، يدق
الفلسطينيون ناقوس الخطر محذرين من المساعي
الإسرائيلية الرامية لفرض تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود، كأمر واقع.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، عكرمة صبري أن
الكيان الإسرائيلي يسعى الى "فرض واقع جديد داخل الأقصى لينزع عن المسجد أصالته الإسلامية في تنكر واضح للعرب والمسلمين".
وقال صبري ليونايتد برس انترناشونال "اليمين اليهودي المتطرف يشعر أن هذه الأيام مواتية له ويريد أن يستغلها للانقضاض على الأقصى بسبب انشغال العالم العربي بمشاكله الداخلية وحالة الانقسام الفلسطيني التي لا زالت قائمة ".
وكانت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث،نشرت مؤخراً وثيقة وخارطة قالت إنها "تتناول مقترح مشروع لوضع قوانين ولوائح نُظم لتقسيم المسجد الاقصى بين المسلمين و اليهود زمانيا ومكانياً". وذكرت أن المقترح أعد من قبل نشطاء من حزب الليكود يطلقون على انفسهم اسم " منهيجوت يهوديت" (قيادة يهودية) ، ويتزعمهم نائب رئيس الكنيست موشيه فيغلين، وأصبح على طاولة وزير الأديان، تحت اسم "مشروع قانون ونُظم للمحافظة على جبل الهيكل- كمكان مقدس".
وأعلنوا أنهم سيعملون على إقراره في الكنيست والحكومة الاسرائيلية قريباً بالتعاون والتنسيق مع لجنة الداخلية التابعة للكنيست. وحذر صبري من نتائج هذا" المخطط"، مشدداً في نفس الوقت على أن "هذه المحاولات يائسة ونتيجتها الفشل أمام تصدي المرابطون المقدسيون بالتعاون مع إخوانهم في أراضي ال48 وطلاب مساطب العلم في المسجد الأقصى لهذه المحاولات".
ويحظى المسجد الأقصى بمكانة مقدسة لدى المسلمين، كونه القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين، وكانت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون له عام 2000 سبباً في اندلاع "انتفاضة الأقصى" التي استمرت عدة سنوات وتخللتها مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وحمل صبري حكومة إسرائيل المسئولية عن المساس بالأقصى دون أن يعفي العرب والمسلمين من المسؤولية في "التصدي لهذا المخطط وحماية المسجد الأقصى الذي يعتبر جزءا من عقيدتهم". وتقول مؤسسة الأقصى إن المخطط الإسرائيلي يتضمن إلى جانب التقسيم الزماني والمكاني، إقامة كنيس يهودي على خُمس مساحة المسجد الأقصى تحت ما يسمى بكنيس "جبل الهيكل" ويمتد من محاذاة مدخل المصلى المرواني في الجهة الجنوبية الشرقية من الأقصى مروراً بمنطقة باب الرحمة وانتهاءً عند باب الاسباط أقصى الجهة الشرقية الشمالية من الأقصى.
وقال أمين الهيئة الإسلامية للدفاع عن المقدسات حسن خاطر ليونايتد برس انترناشونال أن "أمر التقسيم الزماني أصبح أمرا واقعا منذ سنة ،حيث يقسم المستوطنون أوقاتهم كالورديات من الصباح للظهر ومن الظهر للعصر متطبعين خلال اقتحاماتهم بالطابع الديني وأداء الصلوات وليس سياحيا كما كان في السابق". وأشار خاطر، إلى أن الاقتحامات ليست قرار جماعات وأفراد بل هو قرار "دولة
الاحتلال التي أثبتت تقارير كشفت مؤخرا بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت تطلب من الحاخامات وقادة
المستوطنين تكثيف اقتحام الأقصى لشرعنه ذلك".
ودأبت جماعات يهودية متشددة خلال الأسابيع الأخيرة على تنظيم جولات وعمليات اقتحام شبه يومية وعلى شكل مجموعات متتالية للمسجد الأقصى، وسط احتجاجات فلسطينية من قبل المصلين وطلبة العلم في ساحات الأقصى. ويقول خاطر إن الاقتحامات التي تنفذها الجماعات اليهودية المتطرفة تتم تحت حراسة القوات الإسرائيلية الخاصة، وبرعاية الجهات الأمنية في إسرائيل. وكان مفوض الشرطة الإسرائيلية، يوحنان دانينو، قال في تصريح قبل عدة أيام "كل يهودي يريد أن يصلي في جبل الهيكل (المسجد الأقصى) ويريد أن يصل إليه يجب أن نضمن له هذا الحق وضمن الأوقات المحددة لذلك" . وقال خاطر أن "ثلاثة مشاريع قانونية تهدف لشرعنه اقتحام وتقسيم المسجد في طريقها للبلورة، وذروتها تحويل التقسيم الزماني إلى تقسيم مكاني لا سيما في الجهة الشرقية من المسجد والتي بموجب المخطط ستسلب خمس المسجد لليهود". وشبه ما يحدث في الأقصى بأنه "تكرار لسيناريو الاستيلاء على
الحرم الإبراهيمي في الخليل من خلال الزيارات الاستيطانية التي كانت تتم له ليبقى منه اليوم 25% فقط للفلسطينيين".
وكانت إسرائيل قسمت قبل سنوات المسجد الإبراهيمي وخصصت جزءاً منه لصلاة المسلمين وجزءا آخر لصلاة اليهود، فيما يمنع المسلمون من رفع الآذان فيه عدة أيام كل شهر. ودعا خاطر إلى "التصدي لهذا المخطط من خلال القرارات السياسية الصارمة المبنية على رؤية استراتيجية من القادة الفلسطينيين والعرب للضغط على العالم الدولي لإيقاف هذه المخططات، وتكثيف العلاقة بالمسجد الأقصى وأهله والوجود المستمر في المسجد وتوافد العرب والمسلمين عليه لاحتضانه". وطالب بدعم القدس والأقصى ماليا من المؤسسات العربية والإسلامية لتعزيز "صمود المرابطين في الأقصى، وتفريغهم للوقوف في وجه هذه المخططات بدلا من انشغالهم في تحصيل لقمة العيش".
ودق وزير الأوقاف والشؤون الدينية في
السلطة الفلسطينية محمود الهباش، ناقوس الخطر ،محذرا من" تبعات الخطط الإسرائيلية التي تستهدف المساس بالمسجد الأقصى"، معتبراً أن هذه الخطط "مقدمة لإشعال حرب دينية في المنطقة تتجاوز تداعياتها حدود فلسطين". وقال الهباش أن "الأقصى هو مسجد إسلامي خالص، ولا يجوز لأي طرف كان أن ينازع في هذه الصفة الدينية والتاريخية، وأن أية محاولات إسرائيلية لترتيب صلوات يهودية في أي جزء من المسجد الأقصى هو تدخل إسرائيلي مرفوض في شؤون المقدسات الإسلامية، وعدوان سافر على الحقوق الدينية للفلسطينيين وللمسلمين بشكل عام".
ولم يتسنى الحصول على تعليق من المتحدث باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين
نتنياهو على التقرير.