حالة من الترقب والحذر تسود الشارع الليبي، في انتظار نتائج تعديل خارطة الطريق للمرة السادسة، بعد أن أقر المؤتمر الوطني العام، انتخاب أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور يوم 20 شباط/ فبراير الجاري، والاتفاق على تغيير الحكومة، بالاتفاق على بديل لرئيسها الحالي علي زيدان.
خارطة الطريق الجديدة التى أقرها المؤتمر العام (البرلمان الموقت) الإثنين 3 شباط / فبراير الجاري، وخاصة ما يتعلق بمد فترة ولايته التي كان من المفترض أن تنتهي 7 شباط / فبراير الجاري، أثارت جدلا كبيرا فى الأوساط السياسية، وانقسم تجاهها الشارع الليبي بين مؤيد ومعارض.
وتدعو خارطة الطريق الجديدة إلى إجراء
انتخابات مبكرة، إذا فشلت لجنة خاصة مؤلفة من 60 عضوا بحلول آيار/ مايو المقبل في تحقيق تقدم نحو إتمام كتابة الدستور الجديد، وفي حال حققت اللجنة تقدما فإن المؤتمر الوطني سيبقى حتى كانون الأول/ ديسمبر لإتاحة وقت له لإتمام الدستور الجديد قبل الدعوة إلى الانتخابات نهاية 2014.
وفي حين تعالت بعض الأصوات مطالبة المؤتمر الوطني، بضرورة مغادرة السلطة في موعده المحدد سلفا (7 شباط/ فبراير 2014)، فإن الأخير، برر مد فترة ولايته، بإتاحة متسع من الوقت لتشكيل لجنة خاصة، لكتابة دستور جديد، بوصفها خطوة مهمة، لتعزيز التحول السياسي للبلاد نحو الديمقراطية.
تداعيات عديدة شهدتها
ليبيا سياسيا خلال الفترة الأخيرة، أهمها، بروز عدة قوى سياسية، وقبلية، وعسكرية، تمتلك التأثير المباشر، وغير المباشر، فى المشهد السياسي الليبي، مما ينذر بهزات قد تعيشها البلاد مستقبلا، في ظل انعدام الحوار الوطني الشامل بين كافة الأطراف المؤثرة في المشهد.
فمن جانبه، رفض تحالف القوي الوطنية الليبرالي (تأسس في شباط/ فبراير 2012، وله 39 مقعدا، من بين 200 مقعد، في البرلمان المؤقت)، خارطة الطريق، ودعا رئيس اللجنة التسييرية للتحالف عبد المجيد المليقطة، أعضاء حزبه لرفض خارطة الطريق، وتقديم استقالاتهم من المؤتمر (استقال 3 منهم بالفعل)، وعدم المشاركة فيما أسماه بـ"المسرحية الهزلية"، مطالباً المؤتمر العام بالرحيل.
المليقطة وصف خارطة الطريق الجديدة بأنها متطابقة مع خارطة الطريق، التي يريدها الإسلاميون، متهماً إياها بالسيطرة والاستحواذ على السلطة التشريعية.
وبينما يدعو التحالف الليبرالي لخارطة طريق أخرى مضمونها يتحدث عن إجراء انتخابات برلمانية، ورئاسية في وقت واحد، في شهر آيار/ مايو المقبل، إذا ما أخفقت الهيئة التأسيسية في كتابة الدستور الليبي، خلال 4 أشهر، ويحل المؤتمر الوطني بموجبها، فإن قانونيين وسياسيين آخرين في ليبيا، يرفضون إلزام الهيئة التأسيسية، بوقت محدد لكتابة الدستور، معتبرين أنها منتخبة من الشعب، حسب قولهم.
وفي ردها على تصريحات التحالف الليبرالي، قالت كتلة "تجمع الوفاء للشهداء"، البرلمانية الليبية بالمؤتمر الوطني الليبي العام، إن خارطة الطريق الجديدة أقرت بالتوافق الوطني بين كافة الأطياف، وسميت بوثيقة الاستقرار.
واستغربت الكتلة في بيان لها من موقف التحالف قائلة "إن قيادة التحالف الليبرالي لم تعد تتواصل مع نوابها، أعضاء المؤتمر الوطني، والذين صوتوا بقبول الخارطة الجديدة"، مشيرة إلى أن قيادة "التحالف" تختلف مع نوابها في السياسات، والتوجهات، بحسب البيان.
النائب المستقل أحمد يعقوب يرى أن "التحالف، خسر الرهانات السياسية، ويريد نسف التحول الديمقراطي، وإسقاط المؤتمر الوطني العام، ووضع عراقيل أمام انتخاب هيئة كتابة الدستور".
وقال يعقوب: "التحالف يريد العودة للدستور الملكي، الذي يمنح الملك صلاحيات واسعة، وتعديل قانون العزل السياسي (على رموز نظام الرئيس السابق معمر القذافي)، ليفسح الطريق أمام زعيم التحالف محمود جبريل للوصول إلى الرئاسة، وهو ما يهدد التجربة الديمقراطية بالبلاد، ويعرقل استحقاقات المرحلة".
دعوة فريق من النخبة السياسية، لإجراء استفتاء شعبي حول بقاء المؤتمر في السلطة من عدمه، تأتي في ظل تخوف البعض من الانزلاق في مستنقع العنف، بعدما أعلنت إحدى المليشيات تسمي "لواء القعقاع"، رفضها استمرار المؤتمر الوطني، ملوحة باستخدام القوة ضده.
مصدر بديوان رئاسة المؤتمر كشف عن "أن قائد مليشيا القعقاع، عثمان المليقطة، اقتحم ساحة المؤتمر الوطني، بمجمع قصور الضيافة بالعاصمة طرابلس، برفقة مجموعة من المسلحين، وأطلقوا النار في الهواء، وتركوا رسالة تهديد شفهية، لرئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبوسهمين، والنواب، بضرورة مغادرة السلطة، ملوحين باستخدام السلاح ضدهم.
وبينما تدعو بعض القوى، الليبيين للتظاهر في ذلك اليوم، للمطالبة برحيل المؤتمر الوطني، فإن مجالس محلية، وعسكرية، ومنظمات مدنية، أعلنت دعمها للمؤتمر، ورفضها استخدام القوة لإسقاطه، داعيين الفرقاء السياسيين للاحتكام إلى الحوار، لحل الصراع.
ودخول مفتي الديار الليبي الصادق الغرياني على خط الأزمة، وتحريمه التظاهر يوم 7 فبراير الجاري، خشية دخول البلاد في فوضى، دفع بعض القوى الليبرالية واليسارية، للمطالبة بضرورة التزام المفتي الحيادية، وعدم تدخل رمز ديني في الشؤون السياسية بالبلاد.