أثار حكم القضاء
المصري بالإعدام على أكثر من خمسمائة من أنصار الرئيس محمد مرسي موجة من الإدانات الدولية غير المسبوقة للسلطات الحاكمة في مصر، كما أجج المخاوف من مغبة هذا التطور الخطير على استقرار البلاد.
وقضت محكمة جنايات المنيا، اليوم الاثنين، برئاسة المستشار سعيد يوسف الجزار بإحالة أوراق 528 متهما من معارضي الإنقلاب إلى المفتي، تمهيدا لإعدامهم، اتهموا بحرق مقار شرطية في مركز مطاي بالمنيا وقتل العقيد مصطفى رجب نائب مأمور المركز والشروع في قتل شرطي وضابط آخرين، وإطلاق الأعيرة النارية، والاستيلاء على أسلحة مركز الشرطة وإتلاف وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وحرق سيارات مواطنين وترويع الآمنين، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وبرأت 16 آخرين.
الأمم المتحدة تنتقد
وانتقدت الأمم المتحدة حكم الصادر بحق مئات المنتمين لجماعة
الإخوان المسلمين، حيث قال فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحات الاثنين إن "موقف الأمم المتحدة لم يتغير إزاء تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المتهمين، وهو ما ينطبق علي ما تم إعلانه اليوم في مصر".
وأضاف "حق" في تصريحات له بمؤتمر عقده بمقر المنظمة بنيويورك: "إننا نسعي حاليا الي الحصول علي المزيد من المعلومات بشأن صدور هذا الحكم اليوم في مصر، وأعتقد أن نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان سوف تعلق علي تلك الأحكام في وقت لاحق»، بحسب وكالة أنباء الأناضول.
واستنكر الدكتور محمود رفعت رئيس المعهد الأوروبي للقانون والعلاقات الدولية التابع للاتحاد الأوروبي - حكم اليوم، وقال عبر حسابه على تويتر "حكم إعدام 529 مواطن مصري يضر مصر بشدة وخاصة في تلك الفترة، سيمسك به الراقصون للتشهير بمصر وقضائها في المحافل الدولية لتشويه مصر، كيف لقاض أن يفعل هذا ببلده؟".
صادم وغير منطقي
من جهاتها أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن "قلقها العميق" إزاء الحكم بالإعدام في مصر على 529 شخصا من أنصار الرئيس محمد مرسي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جينيفر بساكي: "نحن نشعر بالصدمة الشديدة، ونرى أنه أمر منافى للمنطق أن يكون كل هذا العدد من المتهمين جميعهم مدانين فى نفس القضية".
وأضافت: "لا يمكن أن يكون هناك مجال لأحكام بالإدانة ورائها دوافع سياسية فى بلد يسعى للديمقراطية، مؤكدة على أن الإدارة الأمريكية ستتواصل مع الحكومة المصرية بشأن هذا الحكم.
وقال مسؤول أمريكي في وزارة الخارجية: "رغم إمكانية استئناف تلك الأحكام إلا أنه لا يبدو من الممكن في قضية تشمل أكثر من 529 متهما مراجعة الأدلة والشهادات بشكل عادل ويتناسب مع المعايير الدولية خلال جلستي محاكمة فقط".
ورفضت فرنسا الحكم الذي قضت به محكمة جنايات المنيا بإعدام 529 من أنصار الرئيس محمد مرسي بتهمة التحريض على العنف.
وردا على سؤال لوكالة أنباء الأناضول قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال: إن "فرنسا تابعت باهتمام إلحاق العقوبة القصوى بحق 529 شخصا في مصر".
وأضاف: "نؤكد معارضتنا الصارمة لعقوبة الموت في أي مكان ومهما اختلفت الظروف"، مستطردا أن "عقوبة الموت لا يمكن أن تكون شكلًا من أشكال العدالة".
واستدرك بالقول إن "فرنسا تؤكد دعمها للعملية الانتقالية الجارية في مصر، إلى حين تعزيز المؤسسات الديمقراطية الضامنة لحقوق الإنسان والحريات العامة، بما يتلاءم مع الدستور والالتزامات الدولية".
تركيا تحذر من العواقب وباريس ترفض
وانتقد وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو قرار القضاء بإعدام 529 مصرياً من مناهضي الانقلاب، قائلا: "إنَّ هذا القرار يوضح تماماً ما آلت إليه الأوضاع في مصر بعد الانقلاب، ومعاداة سلطة الانقلاب في مصر للديمقراطية وابتعادها عن الحقوق ".
وأضاف أوغلو في تصريحاته بولاية قونية وسط تركيا "إن كان في هذا البلد 529 شخصاً حكم عليهم بالإعدام، فمن الواجب علينا طرح هذا السؤال، من سيأخذ بحق الشهداء الذين سقطوا في ميدان رابعة العدوية؟ هذا التناقض يقود إلى تطور مؤسف في الحقيقة ".
وهذا الحكم ابتدائي، حيث سيكون النطق بالقرار النهائي للمحكمة في 28 من أبريل المقبل، ويمكن الطعن عليه بالنقض أمام محكمة أعلى.
ويعد هذا الحكم هو الأكبر والأسرع في تاريخ البلاد، وربما العالم، حيث لم يسبق لمحكمة مصرية أن قضت بإعدام هذا العدد الضخم من المتهمين وفي بهذه السرعة الشديدة.
وردا على تلك الإنتقادات الحادة، شدد السفير بدر عبد العاطى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، على أن القضاء المصرى مستقل تماما، مؤكدا.
وقال عبد العاطى - فى تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أنا أحترم أحكام القضاء واستقلاليته ولا يمكننى التعليق على الحكم."
وتابع: هذا حكم من الدرجة الأولى، وبالطبع فإن هناك إجراءات قانونية واجبة، وسيذهب إلى محكمة النقض لإعادة النظر فيه ومراجعته بالكامل، مضيفا أن السنوات الأخيرة شهدت إلغاء محكمة النقض العديد من الأحكام أو تقليلها.