اهتمت العديد من الصحف الأجنبية بالقرارات الأخيرة التي اتخذتها حكومة عبد الفتاح
السيسي -أول رئيس لمصر بعد الانقلاب العسكري- بزيادة أسعار الوقود والكهرباء، وتناولت آثارها الاقتصادية والسياسية المتوقعة على الأوضاع الراهنة في البلاد.
وتوقعت معظم الصحف أن يؤدي الغضب الذي يجتاح
مصر جراء رفع الأسعار إلى ثورة ثالثة جديدة لا محالة.
كانت حكومة السيسي قد أعلنت مساء الجمعة زيادة في أسعار الوقود بنسب تصل إلى 78% ما أثار غضبا واسعا في الشارع المصري، ثم أعقبه السيسي بزيادة الضرائب على السجائر والكحوليات بنسب تتراوح بين 50% و200%.
خيبة أمل في السيسي
وقالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إن زيادة أسعار الوقود أصابت معظم المصريين بخيبة أمل كبيرة في السيسي.
وأشارت الصحيفة -في تقرير لها الأحد- إلى أن هذا القرار استفز الشعب المصري الذي تجددت عنده مشاعر الإحباط تجاه الحكومة الجديدة.
وأوضحت أن المواطنين يخشون من زيادة أسعار السلع الأساسية الأخرى كرد فعل متوقع على ارتفاع أسعار الوقود، مشيرة إلى أن سائقي سيارات الأجرة هم أكثر الفئات المتضررة من هذه الزيادة غير المسبوقة في أسعار السولار والبنزين.
ونقلت "لوس أنجلوس تايمز" عن زينب عوض الله رئيس جمعية حماية المستهلك تأكيدها أن زيادة أسعار الوقود سيرفع أسعار السلع بنسب تصل إلى 200%، مشيرة إلى أن زيادة أسعار الوقود هي الأكبر منذ عهد السادات.
كما نقلت عن بعض المواطنين قولهم إنهم خدعوا بالسيسي الذي انتخبوه حتى تتحسن حالتهم الاقتصادية، لكنهم الآن يتوقعون حدوث ثورة جياع قريبا، مؤكدين أن ما يحدث الآن "هو أسوأ بكثير من عهد مبارك حيث يدفع الفقراء الثمن".
وأشارت الصحيفة إلى أن خفض الدعم على السلع الأساسية من الموضوعات شديدة الحساسية في مصر، مشيرة إلى أن حكومات مصرية متعاقبة خلال العقود الماضية ترددت كثيرا في رفع الدعم، وفي النهاية لم تجرؤ على فرض زيادات كبيرة في الأسعار تحاشيا لغضب المواطنين.
وأعادت التذكير بأن رفع الأسعار أدى إلى انتفاضة كبيرة في عام 1977 ضد حكومة الرئيس أنور السادات الذي تراجع عن تلك القرارات سريعا لتهدئة الجماهير الغاضبة.
الغضب يتسع
من جهتها، وصفت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود بنسبة مرتفعة جدا دفعة واحدة بأنه بمثابة "عقاب للشعب"، وتوقعت أن يفاقم هذا "القرار الصادم" الاضطرابات في مصر.
وأكدت الصحيفة أن رفع الأسعار لن يحل الأزمة الاقتصادية في البلاد، وكل ما فعله هو أنه أفقد المواطن ثقته تماما بالحكومة الحالية بعد أن أصبح على يقين أن حكومة السيسي لا تساعده على مواجهة أعباء المعيشة في ظل ضعف الراتب.
أما صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية فقالت إن نظام السيسي يواجه سخطا وغضبا شعبيا واسعا بسبب قراراته الأخيرة برفع أسعار الوقود.
وأضافت الصحيفة في تقرير الأحد أن رفع أسعار الوقود زاد من الأعباء على كاهل المواطن المصري البسيط الذي يعاني بما فيه الكفاية من آثار التدهور الاقتصادي للبلاد من عدة أعوام.
ورأت "لا ريبوبليكا" تلك القرارات تعكس عجز الحكومة عن حل الأزمة الاقتصادية، مؤكدة أن رفع الأسعار لن ينهض بالاقتصاد المصري بل سيزيد من الاضطرابات في البلاد.
الإمارات ترحب
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الحكومة المصرية نفذت قرارات جريئة ورفعت أسعار الطاقة في إطار إن تلك الخطوة ينظر لها كنوع من الإصلاح الهيكلي الحاسم للموازنة العامة للدولة.
وأشارت الصحيفة إلى حدوث إضرابات ومشاجرات عديدة بين الركاب الغاضبين وسائقي سيارات الأجرة، ما يعكس التذمر الشعبي الكبير من قرارات الحكومة.
ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن هاني قدري وزير المالية قوله إن "مصر لم يعد بإمكانها تأجيل الإصلاحات الاقتصادية أكثر من ذلك، في مسعى للخروج من عنق الزجاجة".
ورأت الصحيفة أن رفع الدعم سيلقى ترحيبا من المستثمرين وشركات النفط العالمية الدائنة للحكومة بمليارات الدولارات، إضافة للدول الخليجية المانحة لمصر، وفي مقدمتها الإمارات التي طالبت السيسي برفع الدعم تماما.
وتوقعت صحيفة "التليجراف" البريطانية أن يفاقم قرار زيادة أسعار الوقود بنسب "عالية جدا" من الاضطرابات في مصر التي يعيش نصف سكانها تحت خط الفقر، ويعتمدون على الدعم الحكومي في المواد الغذائية والوقود حتى يستمروا في الحياة.
اختبار لشعبية السيسي
بدروها، وصفت صحيفة "الجادريان" البريطانية رفع أسعار السلع في مصر بأنه بمثابة اختبار مبكر لشعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لم يمضِ شهر واحد على تقلده منصبه الجديد.
وأشارت الصحيفة -في تقرير لها الأحد- إلى احتجاجات سائقي سيارات الأجرة بمختلف أنواعها وإغلاقهم الطرق، واستخدام الشرطة القوة لتفريقهم في عدة محافظات.
ونقلت "الجادريان" عن الباحث الاقتصادي "كريم الأسير" قوله: "إن القرار تم بالقليل من التنسيق مع أصحاب المصالح، ومن المحتمل أن يؤثر على الشعب، لكنه خطوة أولى تجاه الإصلاح الجاد للاقتصاد".
وأضافت الصحيفة أن رد الفعل على زيادة الأسعار سيوضح بشكل كبير المدى الذي وصلت له شعبية السيسي، في بلد لا يزال منهكا ومنقسما بعد عام من الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
ونقلت الجارديان عن سائق سيارة أجرة قوله إنه لم يكن ليصوت للسيسي لو علم باعتزامه رفع الأسعار، مؤكدا أن الفقراء لن يتحملوا هذه القرارات.
وتابع: "حصيلة عملي كانت بالأمس تكفي -بالكاد- إطعام عائلتي، أما اليوم، وبعد زيادة الأسعار فلن يتبقى لي ما أنفق به عليهم"، وتساءل بمراراة "ألا يعلم الرئيس السيسي ذلك حقا؟".