كتب الصحفي آدم تايلور في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن الدور الذي لعبه الرئيس
المصري المنتخب ديمقراطيا محمد
مرسي، والذي قام بإطفاء الحريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، حيث أثبت الرئيس -الذي أطاح به انقلاب قاده المشير السابق عبد الفتاح
السيسي- أنه "رجل الساعة".
وقال تايلور: "قبل أقل من عامين، بدا الوضع بين المناطق الفلسطينيية وإسرائيل أنه يتجه إلى حافة الكارثة. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر قامت
إسرائيل بسلسلة من الغارات الجوية على قطاع
غزة، فيما لقوا ردا بإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، وبمقتل عشرات من الفلسطينيين واختباء العائلات الإسرائيلية في الملاجئ، بدا المجتمع الدولي منقسما على نفسه، ولا يعرف كيف يتعامل مع الأزمة، وبدا الوسطاء الدوليون المجربون عاجزين".
وتابع: "في الحقيقة الرجل الوحيد الذي بدا قادرا وتقدم كان قد أصبح من قادة العالم قبل خمسة أشهر، ولسوء الحظ لم يبقَ من قادة العالم إلا لمدة أشهر قليلة" فيما بعد.
وأشار الكاتب إلى أنه "في ذلك الوقت كان دور الرئيس مرسي في المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثل النبوءة التي تحققت، وبعد انتهاء المحادثات، اتفق الجميع على أن مصر لعبت دورا رئيسيا في حل الأزمة".
ونقل عن المعلق في "واشنطن بوست" مايكل بيرنباوم ما كتبه في عام 2012: "النتيجة كانت اتفاقا بين إسرائيل وحماس، كانتا قد رفضتا الإعتراف ولمدة طويلة ببعضهما البعض، وتوسطت به حكومة إسلامية جارة، وهو ما لم يكن يتخيله أحد قبل الربيع العربي الذي أعاد تشكيل المنطقة قبل أقل من عامين، وأطاح بالمستبدين من الذين ظلوا يقفون حاجزا أمام الإسلام السياسي، وقووا يد حماس المعزولة".
ومضى الكاتب بالقول: "لعبت حماس لعبة مختلفة عن سلفه، حسني مبارك، الذي وإن تفاوض مع إسرائيل حول معاهدة السلام إلا أن نقادا للطاغية المصري قالوا ومنذ زمن أنه أذعن للضغوط الإسرائيلية والأمريكية بعزل قطاع غزة وحماس. أما مرسي، فقد كان جزءا من الإخوان المسلمين، الحركة التي أدت لولادة حماس. فبعد وصوله لمنصب الرئيس قام بتخفيف القيود عن سفر الفلسطينيين عبر معبر رفح في جنوب غزة، وهو تحرك صغير، ولكنه تغيير يستحق الملاحظة".
وأضاف: "مع بداية المحادثات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 لم يستغرب أحد وقوف مرسي إلى جانب الفلسطينيين، وما هو مثير للدهشة هو أنه استطاع تحقيق هذا بدون تهميش الإسرائيليين. فقد تعهد الرئيس المصري مثلا بالالتزام بمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، وأبقى على خطوط الاتصالات مع إسرائيل والولايات المتحدة مفتوحة. وأدت النية الصادقة والاتصالات لثمرات. فقبل التوصل لاتفاق إطلاق النار بدقائق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يريد التعبير عن امتنانه للدور الذي لعبته مصر في وقف إطلاق النار".
وقال الكاتب: "تغير الزمن، ولم يعد مرسي حولنا اليوم في الأزمة الإسرائيلية – الفلسطينية، فقد أجبر أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا على الخروج من الرئاسة قبل عام، ويواجه عددا من الاتهامات المتعلقة بفترة حكمه، وحل محل مرسي، قائد الجيش السيسي في انتخاباتٍ هذا العام لم تثر راحة المراقبين الدوليين".
وأضاف: "موقف السيسي من الوضع الفلسطيني غير واضح، فقد قام بشكل واضح بتشديد الرقابة على الحدود مع غزة. مع أنه قال قبل انتخابه إنه لن يستقبل رئيس وزراء إسرائيل بدون تقديم تنازلات للفلسطينيين. وفي نهاية الأسبوع شارك سفير مصر لدى السلطة الوطنية وائل نصر الدين في تشييع جنازة الشاب الفلسطيني الذي يقال إن المتطرفين الإسرائيليين قتلوه. وهناك حديث حول صفقة بوساطة مصرية. وبالتأكيد فحماس ليست حليفا طبيعيا للحكومة الجديدة في مصر، ولكن كما يقول المحلل الفلسطيني علي الجرباوي في مقال له بنيويورك تايمز فالسيسي يحاول تحويل سياسته الخارجية باتجاه مستقل بعيدا عن مصالح الولايات المتحدة. فدعم مصري جديد للفلسطينيين قد يكون طريقته لإظهار نفوذ مصر الجيوسياسي في مواجهة عملاقي المنطقة تركيا وإيران".
وتساءل: "هل كان بإمكان مرسي نزع فتيل الأزمة الحالية بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ ربما لا، فهذا الوضع مختلف عن عام 2012 ومعقد أكثر، ولكن لا أحد ينكر أن الانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي تم من خلاله إطفاء بصيص الأمل في الشرق الأوسط، ونحتاجه بشكل كبير، ولا زلنا لا نعرف بماذا استبدل؟".