في محاولة لتحجيم دور
الطلاب في الجامعات
المصرية التي تعاظم دورها مع بداية ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومثل تهديدا لاستقرار النظام القائم عقب سلسلة مظاهرات على خلفية الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي قررت
جامعة القاهرة حظر أنشطة الأسر الطلابية.
وفي خطوة استباقية وجه رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار ضربة للأنشطة الطلابية بإلغاء نظام الأسر الجامعية، إذا كانت ظهيرًا لأي جماعة سياسية أو حزبية.
وعقب عام وصف بالدامي في جامعات العاصمة المصرية القاهرة، تخلله مظاهرات مناهضة للنظام، قتل العديد من الطلاب في جامعات القاهرة، وعين شمس، وجامعة الأزهر، وأصيب المئات، واعتقل عدد كبير خلال اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، أعقبها دعاوى بعودة الحرس الجامعي في خطوة زادت من احتقان الأوضاع في الجامعات، خاصة مع اقتحام أفراد الأمن لحرم تلك الجامعات، وإطلاقهم النار بداخلها على الطلاب والطالبات.
وصعدت الحكومة من إجراءاتها ضد الطلاب المتظاهرين، وقامت بفصل المئات، وحرمانهم من الامتحانات، وطرد الكثير منهم من المدن الجامعية التي شهدت هي الأخرى حراكا وصفوه بالثوري، ما اضطر الجامعات إلى التعجيل في إجراء امتحانات نهاية العام الماضي لوقف زخم ذلك
الحراك الطلابي المتصاعد بشكل قوي.
الأسر الطلابية.. تساعد الطلاب على صقل مواهبهم وتنمية قدراتهم
يبدأ تشكيل الأسر الطلابية مع بداية العام الدراسي، وهي جماعات منظمة تستمد شرعيتها من لجنة الأسر باتحاد طلاب الكُلية، وتهدف إلى ممارسة الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية التي تساعد الطلاب على صقل مواهبهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم واستثمار أوقات فراغهم.
الدكتور علي عبدالعزيز، نائب رئيس جامعة عين شمس وفي حديث لـ"عربي 21" قال: "جامعة عين شمس لم تتخذ قرارا بعد بحظر الأسر الطلابية أسوة بجامعة القاهرة، وأضاف أن الأمر برمته قيد الدراسة، ولن يتخذ إلا بعد موافقة جميع الأطراف المعنية في الجامعة".
وبالرغم من أن القواعد لا تجيز للأسر ممارسة نشاطها إلا من خلال اتحاد طلاب الكلية وبأخذ موافقة لجنة الأسر ورئيس الاتحاد، كما لا يسمح لها بإقامتها على أساس فئوي أو عقائدي أو سياسي إلا أنه يكال لها الاتهامات بشكل جزافي بإن الأحزاب تتخذها ستارا لنشاطها الحزبي.
الجامعة تفقد أحد أهم أدوراها بحظر الأسر الطلابية
قرار جابر نصار لم يكن محل ترحيب كثيرين، حيث اعتبره الدكتور حسام عبدالغفار الأمين العام السابق لحزب الدستور بالخاطئ، وقال لـ"عربي 21": "الجامعة تفقد أحد أهم أدوراها عندما تحظر نشاط الأسر الطلابية، وعليها أن تكون المظلة الجامعة لهم، وممارسة العمل السياسي غير الحزبي يسهم بشكل كبير في تعظيم دور الجامعة في توجيه الطلاب نحو العمل المنظم، والمتسق مع القواعد الصحيحة للفكر السليم، من خلال الحوار، واللقاء، لا من خلال حظر التواصل بينهم".
إلا أن هناك من ذهب إلى أن إلغاء الأسر الطلابية ضرورة في الوقت الراهن بعد أن تحولت الساحات الجامعية إلى نزاعات حزبية دون الاهتمام بالهدف الرئيسي وهو الدراسة والتعليم، بحسب قول الدكتور علي عبدالعزيز، نائب رئيس جامعة عين شمس.
قرار نصار يقتصر على جامعة القاهرة.. ويخالفه فيه أخرون
على الجانب الآخر، يقول الدكتور ياسر صقر رئيس جامعة حلوان: "الأسر الطلابية هي جزء مهم من الأنشطة الطلابية التي تتكون تحت مظلة الجامعة، وتتصرف تحت رقابتها". وأضاف في حديث لـ"عربي 21": "لا أجد في إنشاء الأسر أي ضرر بمستقبل الطلاب، بل على العكس يجب العمل على تشجيعها، ومن المهم تواجدها لإنها أداة لتنمية مهارات الطلاب الاجتماعية والثقافية بعيدًا عن الصراعات الحزبية".
وشدد الدكتور صقر على ضرورة أن "يعبر الطلاب عن رأيهم بحرية وشجاعة ما دام لا يوجد تجاوزات، وقد نجحت الأسر الطلابية في تفعيل دور الطلاب في الجامعة من خلال المشاركة الفعالة والإيجابية بالأفكار والأعمال المختلفة التي تتم تحت إشراف إدارة الجامعة".
القيادي بحزب الدستور الدكتور حسام عبدالغفار استنكر محاولة تثبيت الوضع داخل الجماعات من خلال بعض السياسات الخاطئة، قائلا: "الناس لن تتوقف عن تعلم السياسة، ولا يمكن تصور جامعة مثل جامعة القاهرة التي تضم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتحظر على الطلاب ممارسة وفهم السياسة".
بدوره اعتبر الطالب محمد عبدالله الأخ الأكبر في إحدى أسر جامعة القاهرة قرار الدكتور نصار محاولة لإفراغ الجامعة من الكوادر الشبابية القيادية بهدف تهيئة الأجواء أمام تيارات مؤيدة للنظام، وقال في تصريح لـ"عربي 21": "تطبيق خطوة مثل تلك التي فرضتها جامعة القاهرة تهدف إلى خلق مجتمع جاهل سياسيا".