أطلق عدد من السياسيين السوريين المعارضين، على رأسهم رياض سيف، ورقة سياسية تتضمن صيغة لمبادرة جديدة تهدف إلى حل الأزمة في
سوريا، عن طريق الحوار الذي يشمل جميع مكونات الشعب السوري.
المبادرة عرفت باسم " مبادرة تسعة.. ثلاثين.. مائتين وخمسين"، وتؤكد أن الحوار هو الحل الأساسي للأزمة، ويشمل جميع فئات الشعب السوري ومكوناته، من طوائف ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني، وأحزاب سياسية، وقوى عسكرية.
وتنص المبادرة على تشكيل "لجنة توجيهية منتقاة"، تتكون من تسعة أشخاص، يمثلون النواة الأساسية للمبادرة، انتقاؤهم حسب المكونات الطائفية للشعب السوري، ويعمل هؤلاء على انتقاء 30 شخصية وطنية، من أصحاب الخبرة، والتجربة السياسية، والقبول الاجتماعي، في الساحة السورية.
مجموعة الـ9 واختيار 30
وتنص آلية تنفيذ المبادرة، على ضرورة أن يحصل كل واحد من الثلاثين، على أكثر من ستة أصوات من أصل تسعة أصوات أعضاء اللجنة التوجيهية، وثم يقوم الثلاثون عضوا، باختيار 250 شخصية من المجتمع السوري، وفق المحددات التالية: المناطق، الكتل السياسية، المجتمع المدني، العسكريين، الوجوه الوطنية، الاتحادات النسائية، وغيرها.
ويكون مهمة ال250 شخصية، إدارة المرحلة الانتقالية، والعمل على نقل سوريا من حالة الدمار إلى إعادة بنائها، بما يحقق الديمقراطية، والعدل والمساواة بين فئات المجتمع.
لا تملك من مقومات النجاح
ويقول الدكتور أمجد فرخ، عضو المكتب السياسي في المجلس الأعلى لقيادة
الثورة، تعليقا على هذه المبادرة، أنها لا تعدوا كونها مثل باقي المبادرات، التي ما لبثت أن تطرح حتى كان الفشل حليفها، لأنها لا تملك من مقومات النجاح شيئا، وأنها ليست قريبة من الواقع الذي يحصل في سوريا، ولا يمكن أن تقنع بها، أي من الأطراف الفاعلة في الساحة من كافة الأطراف .
ويضيف "فرخ"، أن أي عملية سياسية تهدف إلى حل الأزمة في سوريا، يجب أن تكون قريبة من الواقع، ومبنية على دراسة حقيقية، وتأخذ بعين الاعتبار التطورات الكبيرة التي تحصل على الساحة السورية بشكل يومي، وتحتاج إلى عدة مراحل ابتداء بالمرحلة الأولى التفاوضية، التي يجب أن تهدف بشكل رئيسي إلى إنهاء حالة الحرب.
الجهات الفاعلة والمؤثرة
وقال "فرخ": أي مبادرة يجب أن تشمل أطرافها كل الجهات الفاعلة والمؤثرة على الساحة السورية، سواءً من طرف النظام أو المعارضة، وتأخذ بعين الاعتبار المكونات الرئيسية للنظام بشكل فعال، وعدم اعتبار النظام كتلة واحدة متماسكة.
وتابع قائلا: إن الطوائف تلعب دورا كبيرا في المشهد السوري القائم الآن، وستؤدي هذه المرحلة إلى إيقاف حالة الحرب، وتثبيت الاعتراف بالسلطة المحلية، وتمكينها وعدّها الحجر الأساس في إعادة بناء السلطة في سوريا، كما سيتم من خلالها فرز مكونات الجيش، والقوة العسكرية بشكل مناطقي، من أجل ترشيد القوة العسكرية، وخلق حالة من التوازن والضمان المحلي لاستمرار العملية السياسية.
وأضاف "فرخ": يجب أن ينتج عن هذا الوضع تشكيل "هيئة حكم انتقالي"، يكون الهدف منها رعاية المرحلة الانتقالية، وإدارة الحوار الوطني .
مرحلة الحوار الوطني
أما عن المرحلة الثانية، فقد أطلق عليها الدكتور الفرخ "مرحلة الحوار الوطني"، بدعوة جميع مكونات الشعب السوري إلى طاولة الحوار وطرح كل الأفكار البناءة ومناقشتها، وتحديد الأولويات لصياغة عقد اجتماعي جديد، وفتح المجال لبناء علاقات اجتماعية على أسس صحيحة، لتصل في نهاية هذه المرحلة إلى انتخاب برلمان جديد.
ونفى الدكتور الفرخ أن يكون الدخول في عملية سياسية، سببه إخفاق الثورة عسكريا، وأكد أن الثورة تحقق من النجاحات العسكرية، ما ينبئ عن سقوط النظام تحت ضربات الثوار.
تكلفة الحل العسكري
وتابع "فرخ" قائلا: إن تكلفة الحل العسكري ستكون مرتفعة جدا، وإن ما قدمه الشعب السوري من تضحيات حتى الآن كان كفيلا بإسقاط النظام، لولا التدخل المباشر من الأطراف الإقليمية لصالح النظام، إضافة إلى أن الثورة
إن انتصرت عسكريا بقوة السلاح فلن تكون النتيجة مرضية لمكونات الشعب الأخرى، وبالتالي فإن الهدف الرئيسي من الدخول في عملية سياسية، هو رفع المعاناة عن الشعب السوري، والحد من توسع دائرة الأرض المحروقة التي فرضها النظام على سوريا أرضا و شعبا.
وختم "فرخ"، قائلا: إن المسؤولية الأساسية لتطبيق
حل سياسي حقيقي ينهي المأساة السورية، يقع على عاتق المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث يتم فرضها بقوة إذا كان المجتمع الدولي جادا، ولديه الرغبة في حل الأزمة السورية، أو أن يتم تشكيل مجموعة عمل تضم كلا من أمريكا، وروسيا، وتركيا، والسعودية، وإيران، بوساطة من الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، والصين، تعمل على ضمان هذا الحل السياسي.