نشرت "لوس انجلوس تايمز" مقال رأي للباحثة إيما أشفورد تنقد فيه مقولة المسؤولين الأمريكيين بأهمية الحلفاء من الشرق الأوسط في الحرب على
تنظيم الدولة وغيرها من صراعات الشرق الأوسط.
وتتساءل الكاتبة إن كانت هذه المقولة صحيحة، وتقول لو حكمنا من الفوضى التي تسببوا بها في
سوريا لوجدنا أن الأمر أفضل دونهم.
وتشير الصحيفة إلى أن الأعمال التي قامت بها تلك الدول الخليجية، وبالذات
قطر والسعودية، بتدخلها في الحرب الأهلية السورية، كان دافعها الرغبة بتنحية الرئيس بشار الأسد من السلطة، ولكن هذه الدول الاستبدادية تنقصها السياسة الخارجية والأدوات العسكرية والاستخباراتية التي تحتاجها للقيام بمهمة كهذه.
وتقول أشفورد إن "تدخل تلك الدول في سوريا على مدى السنوات القليلة الماضية قسم المعارضة السورية، وشجع على الطائفية، ووضع الأسلحة والأموال في أيدي المحاربين المتطرفين، موفرة الأرضية الخصبة لنمو تنظيم الدولة".
وأضافت الكاتبة أن "قطر الصغيرة مثلا، التي ليست لديها معرفة عن كثب بسوريا، قامت بتجنيد من لديها من السوريين في منظمات مختلفة ومولتهم، إن هذه التركيبة لم تشجع المنظمات بالعمل معا للإطاحة بالأسد، وبدلا من ذلك شجعتهم على التنافس معا للحصول على تمويل".
ويلفت التقرير إلى أن "
السعودية قامت بتمويل الجيش السوري الحر المعتدل، ولانزعاجها من عدم سقوط الأسد بسرعة، قامت بتمويل بعض المجموعات الإسلامية أيضا، وحتى عندما بدأ الجيش الحر والإسلاميون بالاصطدام معا بقيت السعودية تمول الطرفين".
وتوضح الكاتبة أن "شحنات الأسلحة للمجموعات المعتدلة لم تصل إلا متأخرة، وهذا دفعها إلى البحث عن التمويل الخاص من المواطنين الأثرياء في الخليج، الذين مالوا إلى دعم الأهداف الطائفية. وتدفقت التبرعات بالدرجة الأولى على الإسلاميين، ما شجع المجموعات الأقل تطرفا على التركيز على ميولها الإسلامية".
وتذكر الصحيفة أن "حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط أثبتوا أنهم غير راغبين ولا قادرين على ملاحقة مواطنيهم الذين يدعمون التطرف في سوريا. وغض كثير من الزعماء في الخليج الطرف عن حقيقة أن التبرعات التي كان يجمعها شيوخ السلفية لأغراض (إنسانية) في سوريا كانت في الواقع لأهداف عسكرية، حتى عام 2013 عندما قامت السعودية بمنع مواطنيها من دعم المجموعات المعارضة مباشرة، وحتى هذا المنع لم يكن له مفعول يذكر".
وتجد أشفورد أن الأسوأ من هذا أن تلك الدول لم تستطع السيطرة على الإمدادات التي كانت ترسلها إلى سوريا، ما ينتج عنه انتهاء الأسلحة والأموال في أيدي المتطرفين.
وتذهب الكاتبة إلى أن "قطر بالذات لم تبحث أبدا عن توجهات المستفيدين من مساعداتها، وفي حماسهم اللا متناهي لإسقاط حكومة الأسد اقترح القطريون يوما ما تمويل جبهة النصرة، بالرغم من معرفتهم جيدا بارتباطاتها بتنظيم القاعدة".
وتبين الصحيفة أن "هناك عوامل كثيرة شاركت في خلق المأساة في سوريا، وفي صعود تنظيم الدولة، ولكن من الصعب التشكيك في أن التدخل غير الكفؤ من دول مثل السعودية وقطر جعل الصراع يتجه نحو التطرف. وكما قال نائب الرئيس جو بايدن في تعليق عابر: (حلفاؤنا في المنطقة كانوا أكبر مشكلاتنا.. فالناس الذين تم إمدادهم هم النصرة والقاعدة)".
وتذكر أشفورد أن بايدن اضطر لأن يعتذر لعدة زعماء في الشرق الأوسط؛ لأنه قال الصدق، وبالمقابل كانت البيانات الرسمية من البيت الأبيض تكيل المديح لهؤلاء الحلفاء لمساعدتهم.
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية جون كيري أكد في أيلول/ سبتمبر أن "الدول العربية تؤدي دورا مهما في التحالف". وعندما سئل وزير الدفاع آشتون كارتر من لجنة القوات المسلحة في الكونغرس قبل أسبوعين عن تمويل قطر للمتطرفين، قال: "ليس كل ما يقوم به حلفاؤنا في المنطقة أشياء ندعمها أو نعتقد أنها بناءة"، ثم تابع قائلا: "نستطيع أن نستمر في العمل معهم للتوصل إلى (حل) الأمور التي لا نتفق عليها".
وتعلق الكاتبة "كانت رسالته واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتحدى حلفاءها في الشرق الأوسط، حتى عندما يقوضون مصالحها بشكل متعمد".
وتختم آشفورد تقريرها بالقول إن "فشلهم المتكرر في سوريا يظهر أن دولا مثل السعودية وقطر حلفاء متقلبون لا يعتمد عليهم. فلا نستطيع الاعتماد عليهم لأخذ مصالح الولايات المتحدة بعين الاعتبار، وفي الواقع، فإن همومهم في العادة تسير على عكس مصالح السياسة الخارجية، وبينما تتفاقم قضايا أخرى في المنطقة مثل الحرب في
اليمن، ينبغي على الولايات المتحدة أن تفهم جيدا هذه الدروس".