ترى مجلة " إيكونوميست" البريطانية في عددها الأخير، أن التحالف السني، الذي تقوده
السعودية ضد التمدد
الإيراني في المنطقة، خاصة في
اليمن، قد يعود بالنفع على الإسلام السياسي، الذي يتعرض لهجوم شديد من دول الخليج، ويواجه أزمة في مصر بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقالت المجلة: "في حفل عشاء عام 2011، كان ولي العهد السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز في مزاج هجومي، عندما سأله أحد الصحفيين عن الجماعة الإسلامية الرئيسية في المنطقة وهي جماعة الإخوان المسلمين، فقد كانت الجماعة في مصر وتونس تقترب من الفوز في الانتخابات، وكانت تقود الثورة في ليبيا وسوريا واليمن".
وتضيف المجلة أنه "بحسب الأمير، الذي كانت انتقاداته الطويلة تستمر لساعات، فإن الإخوان المسلمين يمثلون تهديدا للعائلة الحاكمة، وأن الصحفي الذي وجه السؤال يعد متعاطفا مع الإرهاب، وسيؤدي صعود الجماعة في المنطقة إلى اضطرابات داخل المملكة".
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أن المملكة "شعرت بالهزة من تحقق هذا، ولهذا قامت السعودية وحلفاؤها بمحاولة لإرجاع ما حققه الإخوان المسلمون من مكاسب، من خلال دعم الانقلاب الذي أطاح بهم في مصر، منتصف عام 2013، ودعموا القوى المعادية للإسلاميين في ليبيا وسوريا وتونس. وكان سقوط الإخوان من السلطة سريعا مثل صعودهم".
وتستدرك المجلة بأن الوضع قد تغير، وتقول: "منذ رحيل الملك عبدالله في كانون الثاني/ يناير، غيرت السعودية من لهجتها، مما أعطى الجماعة أملا بالتجدد".
ويوضح التقرير أن "التحول كان واضحا في البداية وفي أثناء جنازة الملك، حيث رحب الملك سلمان، خليفة الملك الراحل عبدالله، بحليف الإخوان الرئيسي في تونس راشد الغنوشي. وفي شباط/ فبراير قال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل: (ليست لدينا مشكلة مع الإخوان المسلمين، مشكلتنا مع مجموعة صغيرة تؤمن ببيعة المرشد)".
وترى المجلة أن هذه نبرة تصالحية تعبر عن موقف الملك سلمان، ولكنها جاءت بسبب السياسة الخارجية التي ترى في إيران الشيعية، وليس الإخوان الضعاف، التهديد الأخطر على المملكة، ولا يمكن مواجهته دون وحدة سنية.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "ليس أوضح من هذا ما يجري في اليمن، حيث جمعت السعودية تحالفا واسعا من الدول السنية، من قطر وتركيا، اللتين تدعمان الإخوان، إلى مصر والإمارات العربية، اللتين تعارضان الجماعة بشدة، من أجل قتال الحوثيين هناك. فقد قدمت إيران للدول السنية عدوا مشتركا من أجل وضع خلافاتها جانبا على الأقل الآن".
وتجد المجلة أن "ربح المبارزة ضد إيران في اليمن وسوريا يعتمد على استعداد السعودية وحلفائها للعمل بشكل وثيق مع الإسلاميين. فالإخوان المسلمون في سوريا يؤدون دورا مهما في معارضة الخارج التي تلقى دعما من دول الخليج. وقام الحوثيون في الفترة الأخيرة باعتقال العشرات من قادة حزب الإصلاح، الفرع اليمني للإخوان المسلمين، بعد اتهامهم بتلقي الدعم من السعودية المشاركة في القتال".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "معظم قادة الإخوان المسلمين في المنطقة صادقوا بحذر على العملية التي تقودها السعودية في اليمن، لكن الجماعة قامت برد صعود الحوثيين والأزمة (لقمع
الربيع العربي) واضطهاد (الإرادة الشعبية)، وهي رسالة موجهة تحديدا للنظام المصري، حيث لا يزال النزاع الدموي بين الإخوان المسلمين ونظام السيسي مستمرا؛ ففي 11 نيسان/ إبريل ثبتت محكمة مصرية حكما بالإعدام على محمد بديع عزت، المرشد الروحي لجماعة الإخوان في مصر، (وتأخذ عمليات الاستئناف سنوات، ومن غير المحتمل تطبيق حكم الإعدام ضده)".