ملفات وتقارير

النظام يفرض قيودا على السوريين النازحين إلى دمشق

تتحول دمشق لتصبح حكرا على الموالين للنظام السوري
تشهد العاصمة السورية دمشق حربا مختلفة تماما عن تلك الحروب التي تشهدها أرجاء المناطق السورية قاطبة منذ أعوام، فما يحصل في عاصمة الأمويين لا يقل خطورة عن المواجهات العسكرية والأعمال القتالية، حيث يمكث أبناء العاصمة، ومن كان لجأ إليها خلال الأعوام السابقة، داخل نفق مظلم من أفعال تبدو وكأنها تصب باتجاه التهجير القسري لأبنائها، تحت ضغوطات معيشية وإجراءات أمنية تنفذها أجهزة المخابرات السورية والميليشيات الشيعية التي تسرح وتمرح طولا وعرضا في الأحياء الدمشقية العريقة.
    
وقالت مصادر متطابقة في دمشق، إن النظام السوري أقر عددا من الإجراءات الأمنية، طالت الشقق السكنية وعقود الإيجار وفتح المحلات التجارية، إضافة إلى إجراءات بخصوص الأسواق الشعبية والبطاقات الشخصية، وبموجب ذلك منعت أجهزة الأمن أي مواطن تعود أصوله من خارج العاصمة بالمكوث فيها.

وهذا ما حصل بشكل خاص مع الكثير من أبناء مدينة دير الزور الذين خرجوا منها بطائرات النظام المدنية، وقصدوا دمشق للجوء إليها مؤقتا، لكن المخابرات السورية رفضت السماح لهم باستئجار المنازل أو شرائها، كما أن قرارات النظام السوري شملت رفض منح أي منهم موافقة أمنية للإقامة، الأمر الذي طبق على عموم أهالي البلدات والقرى المحيطة بالعاصمة دمشق.

وأوضحت المصادر لـ"عربي21" أن المعاملة ذاتها بانتظار كل من يحاول الدخول إلى دمشق من المناطق المجاورة لها، الخاضعة لسيطرة الثوار.

بل لم يسلم أبناء دمشق أنفسهم من الإجراءات الأمنية المشددة، فقد أقدمت سرية "المداهمة" على اقتحام منازل الأهالي في منطقة كفرسوسة والميدان والزاهرة القديمة، وقامت بمصادرة جميع البطاقات الشخصية دون أن توجه أي تهم لهم. وشملت إجراءات مصادرة البطاقات الشخصية الرجال والشبان وحتى النساء، دون معرفة ما الذي تحيكه أجهزة الأمن السورية بحق الأهالي.

وتزامنت هذه الحملات مع حملات أمنية مشابهة طالت عشرات المنازل والمتاجر في كل من المرجة، والبحصة، وشارع الثورة، وشارع خالد بن الوليد، وباب سريجة، وسط دمشق، حيث باشرت أجهزة المخابرات السورية وميليشيات "الدفاع الوطني" بعمليات إحصاء وتدقيق على الأوراق الثبوتية التي تؤكد ملكية المنازل، فضلا عن التمحيص في أسماء أصحابها.

أما تجار دمشق، فكان فقد لحق بهم ضرر كبير أيضا، بسبب النتائج التي أفرزتها عمليات الدهم والاعتقال، والبحث عن "العملة الصعبة"، ومعرفة مصدر البضائع، فلم يسلموا هم أيضا من عناصر الأمن ودوريات المخابرات، بعد أن أوعز النظام السوري بمداهمة المحال التجارية، تحت حجج "أفعال الشغب" التي باتت معروفة.

إلا أن تجارا في دمشق كشفوا ما حصل بعد مداهمات استهدفت المتاجر التي تعود ملكيتها لتجار بعينهم، وفي التوقيت ذاته، وأكثر الأحياء أو الأسواق التجارية التي شهدت مثل هذه التحركات هي شارع الحمراء، أحد أشهر الأسواق التجارية في قلب العاصمة، إضافة إلى سوق الحريقة الشعبي، ومناطق مثل المزة وركن الدين وغيرها.

ولكن هذه الإجراءات لم تشمل الأحياء الموالية للنظام في العاصمة دمشق، التي ينتمي أبناؤها إلى الطائفة الشيعية أو العلوية، واقتصرت هذه الممارسات على سكان دمشق الأصليين (السُنة) دون سواهم.

ولفت سكان إلى أن هذه الإجراءات تتزامن مع فتح أبواب "الاستيطان" والتوطين لعائلات شيعية قادمة من العراق وأفغانستان ولبنان، ممن يقاتل أبناؤها ضمن صفوف قوات النظام السوري، أو ضمن الميليشيات الشيعية الموالية لها، حيث يجري تقديم تسهيلات سكنية وخدمية كبيرة لهم عقب وصولهم إلى دمشق، حتى باتت مناطق بأكملها شيعية خالصة، كما هو الحال في مدينة السيدة زينب والضواحي القريبة منها.

كما أن شوارع العاصمة باتت تنتشر فيها طقوس الشيعة، لا سيما ممارسة اللطم والطقوس الكربلائية في المناسبات الخاصة بالشيعة.

وكان النظام السوري قد سنّ قوانين تشرع توطين هذه العائلات الشيعية بعد مصادرة أملاك المهجرين السوريين الفارين جراء المعارك الدائرة في بلادهم، وذلك من خلال السماح لأجهزته الأمنية بفتح منازل المدنيين وتأجيرها بعقود، الأمر الذي يعدّه سكان في دمشق ومعارضون امتدادا جديداً للشيعة في سوريا"، وتوطينهم فيها من قبل نظام دمشق بحلة مدنية وقانونية.