نشرت مستشفيات محرومة من الكهرباء، ومنازل دمرتها الغارات الجوية، وآلاف الأشخاص يتنقلون بحثا عن المياه والمأوى والغذاء، صورا تعكس المحنة الإنسانية في
اليمن، التي أصبحت كارثية بعد شهر من
الحرب الشاملة.
وفي تغيير لرحلة كان يقوم بها منذ فترة طويلة أشخاص يفرون من كارثة أو حرب أو مجاعة، لجأ بعض اليمنيين للفرار إلى مناطق أقل استقرارا في القرن الأفريقي.
والمستشفيات في العاصمة صنعاء التي تعاني من نقص شديد في البنزين لتسيير سيارات الإسعاف أطلقت نداءات إلى سائقي سيارات خاصة لديهم كميات كافية من الوقود، لنقل القتلى والجرحى الذين يرقدون في الشوارع، بعد ضربة جوية كبيرة على العاصمة صنعاء في الأسبوع الماضي.
وأدى تفجير مستودع صواريخ إلى انفجار دمر عشرات المنازل وأرسل سحابة ضخمة فوق المدينة.
وتفتقر بعض المستشفيات المزدحمة بالجرحى للكهرباء أو وقود مولدات الكهرباء لإجراء جراحة، ويقول مسؤولو مساعدات إن بعض الجثث يتم تخزينها الآن في ثلاجات تجارية، أو تدفن بسرعة، عندما تفتقر المشارح التي تفوح منها رائحة كريهة لافتقارها للكهرباء.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ماري كلير فيجالي: "سيارات الإسعاف لا يمكنها السير، ولا يوجد قدر يذكر من الكهرباء، ولا يوجد وقود يكفي لتشغيل المولدات. في بلد يعاني من ندرة المياه مثل اليمن، فان هذا يعني أنه لا يمكن حتى استخدام مضخات للحصول على مياه."
وأضافت "إنها كارثة .. كارثة إنسانية، كان الأمر صعبا بما يكفي من قبل، لكن الآن لا توجد كلمات تعبر عن الحالة السيئة التي وصلت إليها الأمور."
وأدت مئات الغارات الجوية، بقيادة السعودية، وعشرات المعارك البرية في أنحاء اليمن، إلى معاناة ملايين الأشخاص في هذا البلد الفقير من الجوع، وفرار 150 ألف شخص للنجاة بحياتهم.
ووفقا للأمم المتحدة، قتل 1080 شخصا على الأقل، وسحقت أجسادهم أسفل المنازل المهدمة، أو تركت تتقيح في مناطق الحرب، وجرح أكثر من 4000 شخص.
ولم تتمكن حملة ينفذها تحالف عربي ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران من تخفيف قبضتهم على العاصمة صنعاء، أو إلغاء مكاسبهم في جبهات عبر مئات الأميال في جنوب اليمن.
وخلف صراع من أجل مستقبل البلد يتحمل اليمني العادي عبء القتال. وتقول الأمم المتحدة إن 12 مليون شخص يفتقرون "للأمن الغذائي"، أو سيعانون من الجوع، بزيادة نسبتها 13 في المئة منذ بدء الصراع.
وأدى الحصار إلى خنق وإردات الأغذية والأدوية، بينما عرقل القتال إمدادات الوقود لسكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة.
وأدى النقص إلى تغيير الحياة اليومية وإعاقة المستشفيات.
وقال هشام عبد الوهاب، الذي يقيم في المنطقة التي تعرضت لهجوم في الأسبوع الماضي، إنه حاول، لكنه فشل في البقاء فيها.
وقال عبد الوهاب: "بعض الناس بدأوا في العودة إلى الضاحية، لكن الضربات بدأت مرة أخرى، والآن يغادرونها للمرة الثانية، المكان مدمر، لا توجد طرق، ولا توجد مياه أو كهرباء، لم يبق أحد سوى اللصوص."
الهجرة الجماعية
أصبحت نيران الدبابات والأسلحة الآلية كثيرة بدرجة لا يمكن أن يتحملها صمد حسين شهاب وأسرته في الأسبوع الماضي، وترك هو وأطفاله الصغار وأمه العجوز منزلهم في بلدة الحوطة، وارتحلوا سيرا على الأقدام فوق مخلفات رملية إلى قرية على بعد ساعة.
وقال شهاب: "كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة لحماية أسرتي، الحوطة منطقة مدمرة، لا يكاد يوجد فيها مدنيون باقون، 3000 أسرة غادرت ويعاني أفرادها بشدة."
وبينما وصل هو الآن إلى عدن الآمنة نسبيا، واستقبله أحد الأقارب، فإن المدينة ذاتها اهتزت من جراء الاشتباكات بين المسلحين الحوثيين والسكان المحليين المسلحين.
وطلقات القناصة وصواريخ الكاتيوشا جعلت الطرق المؤدية إلى البلدة مستحيلة، ومنعت إمدادات المساعدات من الوصول، وحالت دون مغادرة المواطنين اليائسين.
وبالنسبة للذين بقوا، فان الأمل واحتياجات الحياة الأساسية أشياء لا وجود لها.
وقال وسام الحسوة، وهو عامل إغاثة محلي: "النازحون يقيمون في أفنية مدارس مهجورة، والناس في المدينة يجلسون وسط القصف، ولا يوجد غذاء أو كهرباء."
وقال: "نحن أكثر يأسا من شخص يجلس على فحم مشتعل للحصول على الغذاء في هذه المدينة، لكن في الأسبوع الماضي وصل 22 طنا فقط، وليس لدينا ما نقدمه."
وأعلنت السعودية في الأسبوع الماضي أنها ستقلل الضربات الجوية وتزيد جهود الإغاثة، في توقف طالبت به منظمات إغاثة وجماعات حقوق الإنسان.
وتعهدت المملكة بتقديم 274 مليون دولار لتغطية نداء المساعدات للأمم المتحدة بالكامل لليمن هذا الشهر، وسمحت لوكالات الإغاثة بشحن مئات الأطنان من الأدوية.