نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" مقالا لساجدة خان، قالت فيه إن بإمكان مسلمي
بريطانيا تحديد من يفوز بحوالي ربع مقاعد البرلمان البريطاني.
وتقول الكاتبة في مقالها، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن حجم الدعاية الانتخابية والنشاط السياسي الذي يدعو المسلمين في أنحاء بريطانيا إلى المشاركة في
الانتخابات كان كبيرا جدا.
وتشير الصحيفة إلى أنه من ناحية إحصائية فإن المجتمع المسلم يستطيع تحديد ربع مقاعد مجلس العموم في الانتخابات العامة، وتعداد المسلمين البريطانيين هو 2.7 مليون مسلم، أي ما نسبته 4.8% من عدد سكان المملكة المتحدة، وهم يمثلون ثاني أكبر مجموعة دينية بعد المسيحيين، وهم أكثر المجموعات شبابا، حيث تصل نسبة من تقل أعمارهم عن 24 عاما إلى 48%.
ويبين المقال أنه تاريخيا كانت نسبة المصوتين من المسلمين، الذين يحق لهم التصويت، أقل بكثير من بقية السكان على مستوى المجتمع. فبحسب دراسة أجراها مركز "إبسوس موري" لمفوضية الانتخابات فإن نسبة 53% من المسلمين لم يصوتوا في الانتخابات الماضية، وكانت هذه أعلى نسبة من أي مجموعة دينية أخرى.
وكشفت الدراسة أيضا أن نسبة 15% من مسيحيي الكنيسة الإنجليزية لم يصوتوا، بالإضافة إلى نسبة 28% ممن هم ليسوا مسيحيين ولا مسلمين، ونسبة 23% ممن لم ينسبوا أنفسهم لأي دين، بحسب الصحيفة.
وتجد خان أن هناك عاملين مهمين يحكمان هذه اللامبالاة السياسية عند المسلمين: أولا هناك رأي هامشي بأنه لا يجوز التصويت في نظام ديمقراطي؛ لأن الله وحده هو المؤهل لوضع القوانين.
وتوضح الكاتبة أن الإسلام يعلم المسلمين أن يكونوا مواطنين مسؤولين، وهناك أمثلة عديدة كيف كان خاتم الرسل النبي محمد، حتى قبل رسالته، مواطنا مسؤولا، وساهم في إصلاح المجتمع الذي كان يعيش فيه، بالرغم من أنه لم تكن تحكمه القوانين الإسلامية.
وتذكر الصحيفة أن هناك سوء فهم بأن الإسلام لا يتوافق مع القيم البريطانية، فمن المبادئ التي تشكل نواة الإسلام الأمانة والتسامح والعدل والاحترام للناس كلهم، وهذه أيضا قيم أساسية بريطانية وعالمية، كما أن الإسهام فيما هو نافع للمجتمع ككل هو أيضا قاعدة ملزمة للمسلمين.
وتتابع خان بأن العامل الثاني هو أنه منذ بدأت الحرب على الإرهاب ومجموعة السياسات التي بدأتها حكومة بلير، واستمرت بها حكومة التحالف بقيادة المحافظين، تركت شعورا بخيبة الأمل لدى قطاعات واسعة من المجتمع المسلم.
ويلفت المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المسلمين البريطانيين يشاركون بقية المواطنين المخاوف والهموم، بغض النظر عن المعتقد أو العرق، فمثلا الكل يريد خدمة صحية أفضل وخدمات تعليم أفضل وخدمات عامة أفضل.
وتستدرك الصحيفة بأن المسلمين لديهم مخاوف خاصة بهم، مثل تنامي ظاهرة
الإسلاموفوبيا، والسياسة الخارجية، وقوانين مكافحة الإرهاب، وإجراءات مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التهميش الاقتصادي والاجتماعي لهم.
وترى الكاتبة أن هذه العوامل كلها يجب أن تحفز المسلمين على المشاركة في العملية الديمقراطية، إن كانوا يأملون في إحداث تغيير، فأعضاء البرلمان ينتخبون لتمثيل مصالح المواطنين في دوائرهم، فالناخبون لديهم تأثير مباشر على تشكيل السياسات.
وينوه المقال إلى أنه تاريخيا كان معظم المصوتين من الأقليات العرقية يفضلون حزب
العمال، ولكن تأييد المسلمين للحزب تراجع كثيرا في ضوء الحرب على أفغانستان والعراق، التي لم تكن تستهدف "تنظيم الدولة" فقط، ولكن نتج عنها وفاة أكثر من مليون عراقي.
وتقول الصحيفة إنه بحسب دراسة في الانتخابات البريطانية، فإن ما يقارب ثلاثة أرباع المسلمين سيصوتون لحزب العمال في هذه الانتخابات، وأن ما نسبته 14.9% سيصوتون للمحافظين، وقد يكون سبب خسارة المحافظين لأصوات المسلمين عائد إلى بعض تصرفات الحكومة، مثل اتهام المسلمين في بيرمنغهام بمحاولة غرس أفكار متطرفة في المدارس، أو ما عرف بمؤامرة "حصان طروادة"، وتعامل الحكومة مع أزمة غزة، وهذا ما اعترفت به العام الماضي وزيرة الخارجية سعيدة وارسي، التي قالت لـ"بي بي سي" إن حزبها يحضر نفسه لخسارة أصوات المسلمين في انتخابات 2015 العامة؛ بسبب مجموعة قرارات، وبالذات ما يتعلق برد فعل الحكومة البريطانية على الحرب على غزة الصيف الماضي، وأضافت أن قيادة حزبها جعلت من الصعب للمرشحين تبرير موقفهم في المجتمعات المسلمة.
وتذهب خان إلى أنه في حال اختار
المسلمون تجنب المشاركة في السياسة، سيكون هناك خطر بعدم جود تمثيل لهم، ولن يكون لهم صوت في تشكيل السياسات. مبينة أن التصويت لحزب ما لا يعني تأييد سياساته كلها، بل هو تعبير عن الاهتمام بما هو جيد للمجتمع ككل وللمواطنين البريطانيين بشكل عام، ولا يمنع أن يكون هناك انتقاد لبعض السياسات.
وتخلص "ديلي تلغراف" إلى أنه من الضروري بالنسبة للمسلمين ان يتيسر اندماجهم في المجتمع، من خلال المشاركة السياسية، ويجب تأييد هذه المشاركة لا تعطيلها، كما يجب عدم لجم النقد المشروع والخلاف، وعدم وصف القيم الإسلامية العادية بالترويج للتطرف، وإلا فإن هذا سيغذي الحرمان وعدم الاندماج للمجتمع المسلم.