نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للمحلل المتخصص بالشؤون السياسية
الإيرانية ماهان عابدين، أشار فيه إلى أن هناك مؤسسات رئيسة في طهران تشعر بعدم نجاعة الاتفاق، بالرغم من اعتباره انتصارا دبلوماسيا احتفل به الشعب؛ لأنه سيرفع العقوبات الاقتصادية والمالية.
ويشير الكاتب إلى أن تفاصيل الاتفاقية لم تعرف بعد، مستدركا بأنه أصبح واضحا أن بعض خطوط إيران الحمراء تم تجاوزها، وهذا هو الحال، خاصة فيما يتعلق بالقطاع العسكري، حيث رفض المفاوضون الإيرانيون، بناء على تعليمات من القائد الروحي آية الله خامنئي، أي تفتيش للمواقع العسكرية.
ويوضح التقرير أنه لا يبدو في هذه المرحلة المبكرة أن أي موقع عسكري معفى من التفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن يحق لإيران أن تعترض على التفتيش، بحسب كل حالة على حدة.
ويورد الموقع أنه يبدو أن الوكالة تنوي القيام بتحريات في الأنشطة السابقة؛ لبناء صورة متكاملة عن مدى الأنشطة الإيرانية ذات العلاقة بالنووي على مدى العقود الماضية.
ويرى عابدين أن هذا أيضا تجاوز آخر لخط من خطوط إيران الحمراء؛ لأن هذه التحريات في الغالب ستستلزم مقابلات طويلة تطفلية مع العلماء الرئيسين والمسؤولين في قلب البرنامج
النووي الإيراني.
ويستدرك التقرير بأن أكبر فشل للاتفاقية هو استمرار حظر
الأسلحة، الذي حرم المؤسسة العسكرية الإيرانية، ولعقود طويلة، من الاستفادة من الأسلحة الحديثة والتكنولوجيا.
ويوضح الموقع أن الفشل في تحقيق رفع للحظر على الأسلحة يعني أن مواقف إيران الإقليمية لن تتغير على المدى المنظور، وسيبقى اعتمادها على الدبلوماسية الحاذقة والانتشار العقائدي لتحقيق سياساتها الخارجية.
جيش عفا عليه الزمن
ويذكر الكاتب أن القوات المسلحة الإيرانية في حالة يرثى لها بالمقاييس كلها، من حيث المعدات والأسلحة، بالرغم من أن البلاد تنفق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على ميزانية الدفاع "حوالي 12 مليار دولار"، وكثير منها ينفق على الأفراد، وتمويل منظمات عسكرية متضخمة.
ويلفت التقرير إلى أن ميزانية إيران العسكرية تتضاءل أمام خصميها الإقليميين، إسرائيل والسعودية، حيث أنفقت الأخيرة هذا العام فقط 50 مليار دولار على الدفاع، وهي في طريقها لتصبح خامس أكبر منفق عسكري في العالم بحلول عام 2020.
وينوه الموقع إلى أنه حتى دولة الإمارات العربية الصغيرة تزيد ميزانيتها العسكرية عن إيران. وبحسب مجلة "جينز" اللندنية، فإن الإمارات العربية المتحدة ستصبح ثالث أكبر مستورد عسكري مع نهاية عام 2015.
ويشير عابدين إلى أن الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي قد أنهكت القوات التقليدية الإيرانية، وبعدها بأكثر من ربع قرن لم تتعاف القوات الإيرانية بشكل كاف، من ناحية تعويض المعدات وتحديث البنية والعقيدة العسكرية.
ويجد التقرير أن ما يفاقم مشكلة الإمداد والصيانة هو أن القوات العسكرية الثلاث اعتمدت أساسا على تسليح وتدريب الغرب، وبالذات الولايات المتحدة. مشيرا إلى أن هذا هو حال سلاح الطيران الإيراني، الذي لا يزال يستخدم أسطولا جويا باليا من طائرات "إف4 وإف5 وإف14"، التي كانت أمدتها بها أمريكا قبل 40 عاما.
ويستدرك الموقع بأنه رغم أن ايران اشترت عددا من الطائرات الروسية، مثل "ميغ 29" و"إس يو 24" في العام 1989-1990، إلا أن أسطول المقاتلات يتألف من طائرات أمريكية.
ويذكر الكاتب أن هذا قد تسبب في حصول صعوبات في الصيانة، حيث منعت العقوبات المفروضة إيران من الحصول على قطع الغيار اللازمة لإبقاء اسطولها الجوي في حالة جيدة. وهذا اضطرها لتطوير شبكة سرية دولية للحصول على قطع الغيار، عن طريق وسطاء وبأسعار متضخمة جدا في العادة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه على المستوى الإستراتيجي اضطرت القوات المسلحة الإيرانية؛ بسبب عدم تمكنها من شراء المعدات العسكرية من السوق الدولي، للقيام بمشروعين مهمين ولكنهما مكلفان.
ويبين الموقع أنه في البداية الحصول على مستوى موثوق من الردع، فقام فيلق الحرس الجمهوري الإسلامي بتطوير برنامج صواريخ بالستية واسع للحصول على مستوى معقول من الردع، مستدركا بأنه بالرغم من أن إيران تشغل شبكة ضخمة من الصواريخ البالستية، إلا أن الحقيقة هي أن أكثر برامج الصواريخ البالستية تطورا لا يغني عن سلاح جو معقول.
وثانيا: حرص الإيرانيون على تطوير صناعة أسلحة محلية، ودائما ما يعرضون منتجاتهم. وبينما تم تحقيق بعض الاختراقات، تبقى الحقيقة هي أنه لم يتم إلى الآن التحقق بشكل مستقل من جودة أنظمة الأسلحة إيرانية الصنع.
ويلفت عابدين إلى أن الأسلحة المصنعة إيرانيا لم تجرب في الحرب، سوى تلك الأسلحة والتكنولوجيا البدائية التي تقدمها إيران للمجموعات المسلحة الإقليمية الموالية لها.
وضع إيران الدفاعي بعد الاتفاق
ويطرح التقرير السؤال المحوري الآتي: ما هو المدى الذي يمكن للاتفاق النووي الإيراني أن يغير فيه من وضع إيران وعقيدتها العسكرية وسياساتها الخارجية والحدودية؟ ويرى الكاتب أن الكثير من ذلك يعتمد ليس على محتوى الاتفاقية، بل على درجة تطبيقها فعليا.
ويقول الكاتب: "فمثلا إن استمر الحظر على السلاح ساريا لخمس سنوات أخرى، فهذا يعني أن وضع إيران العسكري وتخطيطها سيبقيان على ما هما عليه. ولكن إن كان هناك رفع تدريجي لهذا الحظر، فقد يؤدي ذلك إلى تغير في تصرفات إيران".
ويكشف الموقع عن أن المؤسسة العسكرية الإيرانية، وبالذات
الحرس الثوري، قد طالبت المفاوض الإيراني بوضع رفع الحظر عن الأسلحة في قمة المطالب الإيرانية. لافتا إلى أن فشل المفاوض الواضح للحصول على هذه النتيجة يعني أن الحرس الثوري غير راض عن هذه الاتفاقية، بغض النظر عن المظاهر.
ويرى التقرير أنه بينما يظهر أن
اتفاق فيينا لا يغير من وضع إيران كونها دولة ذات قدرات نووية، فإن الحرس الجمهوري لا يستطيع الخروج من هذا الاتفاق إلا بعد أقل من 10 إلى 15 عاما.
ويذهب عابدين إلى أنه بالرغم من غياب أي أدلة تشير إلى وجود بعد عسكري لبرنامج إيران النووي، إلا أن التهديد باحتمال التوصل إلى القنبلة، استخدمه الحرس الجمهوري سلاح حرب نفسيا للحصول على توازن استراتيجي مع أشد أعداء الجمهورية، وبالذات إسرائيل.
ويجد الموقع أنه بغياب هذا التهديد، وعدم إمكانية تعويضه بالأسلحة التقليدية؛ بسبب استمرار الحظر، فإن هذا يعني أن نفوذ إيران الإقليمي سيتضاءل على المدى القصير على الأقل.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن هذا ستكون له تداعيات داخلية وخارجية، فداخليا ستجد إدارة روحاني صعوبة في إقناع المؤسسة العسكرية بفوائد الاتفاق. وخارجيا قد تتزايد التوترات في المنطقة؛ بسبب زيادة الحرس الثوري لأنشطته تعويضا عن خسارته الإستراتيجية