على الرغم من التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي
الإيراني بين الدول العربية وإيران، نشرت "لوبوان" الفرنسية تقريرا تؤكد فيه على أن الولايات المتحدة الأمريكية ما تزال بعيدة عن "التسامح" مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وحسب التقرير، الذي يتحدث عن "شياطين الولايات المتحدة الأمريكية"، والذي ترجمه "
عربي 21"، فإن التوصل إلى حل فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لا يعني بالضرورة تجاوز حقيقة مفادها أن إيران "ضيفة متكررة" على اللائحة الأمريكية السوداء للدول "الداعمة للإرهاب"، فهي تتواجد حاليا ضمن هذه اللائحة إلى جانب كل من سوريا والسودان.
وأكدت الصحيفة على أن أمريكا تستخدم هذه اللائحة على أساس مبدأ "ليس هناك عداوات دائمة أو صداقات دائمة، بل هناك مصالح دائمة"، ما يعني أن تطور هذه اللائحة مرتبط بالمصالح الأمريكية، موردة في هذا السياق مثال كوريا الشمالية، التي تم إدخالها لهذه اللائحة سنة 1988 بسبب "تورطها" في تدمير طائرة تابعة لجارتها الجنوبية سنة 1987، قبل أن تخرج منها سنة 2008، بناء على اتفاق حول برنامجها النووي.
إلا أنه سرعان ما "تراجعت" أمريكا عن هذا الأمر، يورد نفس التقرير، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي باراك
أوباما أن عودة كوريا الشمالية للائحة السوداء الأمريكية هو أمر "مرتقب"، خصوصا بعد قضية تعرض شركة "سوني" للقرصنة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه "اللائحة السوداء" تبقى غير معروفة كثيرا لدى الرأي العام الأمريكي، وهي بعيدة عن تحقيق الإجماع عليها حتى في صفوف الأمريكيين الذين يعلمون بشأنها. بناء على ذلك، أكد مقال "لوبوان" على أن عددا كبيرا من جمعيات المجتمعات المدني والمثقفين الأمريكيين، ضمنهم الفيلسوف نعوم تشومسكي، ينتقدون الفراغ القانوني المرتبط بهذه اللائحة، ومحاولاتها تجريم البلدان التي لا تدخل ضمن حلفاء واشنطن، وذلك بالنظر إلى "صعوبة تعريف مفهوم الدولة الداعمة للإرهاب بدقة"، حسب ما أوضح أحد الأساتذة الجامعيين المتخصصين في الحضارة الأمريكية لـ"لوبوان".
وفي التقرير ذاته، عادت "لوبوان" إلى تاريخ "اللائحة السوداء الأمريكية"، موضحة أن نشر أول لائحة من هذا النوع كان سنة 1979 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وضمت في نسختها الأولى كلا من العراق، ليبيا، سوريا وجنوب اليمن. ووصف أنيك سيزل، المتخصص في السياسة الخارجية الأمريكية في جامعة السوربون بكونها شبيهة بسياسة "مطاردة الساحرات" التي انتهجها الأمريكيون خلال فترة الحرب الباردة.
وحسب المصدر ذاته، يرجع دخول إيران إلى اللائحة المذكورة إلى سنة 1984، بعد أن عرفت الثورة التي أسقطت الشاه الموالي لأمريكا سنة 1979، وقيادة مرشدها الأعلى آية الله الخميني المقاومة لـ"الامبريالية الأمريكية"، لينمو العداء بين البلدية بعد ذلك إبان عملية احتجاز للرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، والتي انتهت سنة 1981 بعد 444 يوما من الاحتجاز.
علاوة على هذه الأسباب، أورد التقرير أن دعم إيران لمجموعة من الجماعات التي تعتبرها أمريكا "إرهابية" مثل؛ "حماس" من ضمن العوامل التي أججت غضب الأمريكيين على إيران، إلا أن السبب المباشر كان حسب الجريدة الفرنسية هو العملية التي تسببت في مقتل 241 جنديا أمريكيا في بيروت سنة 1983، والتي وجهت فيها أمريكا أصابع الاتهام نحو "حزب الله" اللبناني، وإيران التي دخلت إلى "اللائحة السوداء" سنة بعد ذلك، ولم تغادرها إلى حدود اليوم.
وبالنسبة لسوريا، فدخولها إلى لائحة الدول "الداعمة للإرهاب" بالنسبة للأمريكيين كان سنة انطلاقا من الثورة الإيرانية سنة 1979، خصوصا مع الدعم الذي أبداه نظام الأسد لهذه الثورة، وذلك سنوات بعد نظر الأمريكيين لها دولة داعمة "للجماعات الإرهابية"، مثل حماس وجبهة تحرير فلسطين. هذا في ما كان الدخول لهذه اللائحة ناتجا عن اعتبار أمريكا لها أرض عبور للأسلحة الموجهة نحو قطاع غزة، إلا أن السبب المباشر في هذا الدخول كان بسبب "مجزرة دارفور"، حسب ذات التقرير.