نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لإلياس غرول، حول جهود الحكومة البريطانية في محاربة الفكر المتطرف لتنظيم الدولة.
ويقول الكاتب إنه لا يدري ما إذا كان هناك تنسيق أم لا، ولكن إعلان
الإمارات عن إجراءات لهزيمة الفكر المتطرف تزامن مع خطاب
كاميرون في بيرمنغهام، الذي وعد فيه أن يهزم "سموم" فكر
تنظيم الدولة. وقد أعلنت الإمارات أن إثارة الكراهية الدينية جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة عشر سنوات، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام.
ويضيف غرول: "إذا اعتبرنا الإعلانين معا نستطيع تخيل حجم التحديات التي تواجه الحكومات في محاربة شيء ضبابي كالفكر. وقد دعا كاميرون في خطابه إلى الدفاع (سويا) عن الليبرالية، ومحاربة نظريات المؤامرة والكراهية، كجزء مهم في الحرب على تنظيم الدولة".
ويبين التقرير أن الخط الرئيس لخطاب كاميرون كان هو أن الشخص "يصبح إرهابيا من الصفر"، مشيرا إلى أن عملية التحول إلى التطرف هي عملية تدريجية، والمفتاح في محاربة الإرهاب، بحسب كاميرون، هو محاربة التعصب ابتداء، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء لم يوضح من سيخوض هذه المعركة لأجل القيم الليبرالية و التسامح في المملكة المتحدة وكيف.
وتشير المجلة إلى أنه قد ظهر من المقترحات التي طرحها كاميرون يوم الاثنين أن الحكومة لا تزال بعيدة البعد كله عن معرفة كيفية خوض هذه المعركة. وأن كاميرون يريد سلطات إضافية لأجهزة رقابة الاتصالات لإغلاق القنوات التي تبث رسائل متطرفة. بالإضافة إلى أنه سيمنح ضحايا الزواج القسري سرية كاملة ولمدى الحياة ليشعروا بالأمان عند الذهاب إلى السلطات المعنية. وقريبا يمكن للأبوين أن يطلبوا من الحكومة إلغاء جواز سفر أبنائهم؛ لمنعهم من السفر إلى الخارج للانضمام للجماعات المتطرفة.
ويذكر الكاتب أن لويس كيسي، "حلالة المشكلات" داخل البيروقراطية البريطانية، ستقود البحث في كيفية دمج الأقليات في المجتمع. وسيتم إنشاء "منتدى لمشاركة المجتمع (المسلم)"؛ لتشجيع الأصوات الإسلامية المعتدلة. بالإضافة إلى أن كاميرون طالب "شركات الإنترنت بالمساعدة على التعرف على الإرهابيين المحتملين على الإنترنت".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه بعد أن تحدث كاميرون بعاطفة قوية دفاعا عن القيم الليبرالية، فإن المقترحات تبين مدى الصعوبة التي تواجهها الحكومة الملتزمة بحرية التعبير بأن تتبنى مشروعا أيديولوجيا دون الدوس على التزاماتها والحرية الفكرية لديها.
وترى المجلة أن الإعلان الإماراتي بسجن المخالفين يظهر وكأنه مغر لمجرد بساطته. منوهة إلى أن الولايات المتحدة خاضت مثل هذا الصراع الأيديولوجي، ولم تحصل على نتائج مرضية.
وينقل غرول عن الرئيس باراك
أوباما قوله بداية الشهر: "هذا التحدي في محاربة التطرف العنيف ليس مجرد جهد عسكري. فالأفكار لا تهزمها المدافع، ولكن يهزمها فكر أفضل منها، وتصور أكثر جاذبية وأكثر إقناعا".
وتعتقد المجلة أن أفضل ما في النموذج الأمريكي مع أنه الأكثر انتقادا، هو حساب "تويتر" المسمّى "ثنك أغين، تيرن أوي" (فكر ثانية وابتعد)، وهو يقود حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تبرز جرائم تنظيم الدولة، وتتصيد مستخدمي مواقع التواصل الجهادية. وتم انتقاد هذا المشروع على مدى واسع من المحللين، الذين يقولون إن المشروع يحقق نتائج عكسية، حيث أنه يجذب المزيد من المستخدمين للمواقع الجهادية على "تويتر".
ويستدرك التقرير بأنه رغم هذا فإن فكرة أداء الحكومة دورا مركزيا في صراع فكري تبقى فكرة مغرية لزعماء العالم. ففي خطابه يوم الاثنين مثلا تحدث كاميرون لصالح "تمكين الأصوات المعتدلة والإصلاحية، الذين يتكلمون باسم أغلبية المسلمين، والذين يريدون استعادة دينهم".
ويفيد الكاتب بأن تصريحات مثل هذه تذكر بآخر مرة كان فيها الغرب على صراع فكري مع عدو عنيد خلال الحرب الباردة، حيث رأت وكالات الاستخبارات الغربية أن ساحة المعركة الثقافية جزء رئيس من جهودها لتقويض الشيوعية العالمية. فمثلا دعمت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية صحفا ومجلات معادية للشيوعية، كما ساعدت في نشر كتاب د. جيفاغو للكاتب بوريس باسترناك.
وتعتقد المجلة أن هناك فرقا مهما بين حرب الدعاية تلك، والحرب التي تشن على تنظيم الدولة اليوم. ففي حالة الاتحاد السوفيتي كانت الفكرة من نشر د. جيفاغو هو عكس الاضطراب وصعوبة الحياة قي ظل الحكم الشيوعي، وأن الحياة المثالية في ظل الشيوعية ليست سوى أكذوبة. بينما قد يخدع بعض مجندي تنظيم الدولة حول الدور الذي قد يقومون به لدى وصولهم إلى سوريا أو العراق. مستدركة بأن طبيعة التنظيم واضحة، حيث أن العنف هو إحدى وسائل التجنيد التي يستخدمها.
وينوه غرول إلى أنه عندما قام أوباما بالحديث عن هذا الصراع الأيديولوجي في بداية الشهر كان متشككا في أن الولايات المتحدة هي من يجب عليها شن مثل هذه الحرب على تنظيم الدولة، وقال: "إن المعركة الأكبر لكسب العقول والقلوب هي معركة أجيال، وفي المحصلة لن تكسبها أو تخسرها الولايات المتحدة وحدها، ولكن سيتم الفصل فيها في البلدان والمجتمعات التي يستهدفها إرهابيو تنظيم الدولة".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن واحدة على الأقل من تلك البلدان قد قررت يوم الاثنين أن تحارب التطرف بالسجن.