نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرا يبين تداعيات "
إعلان فيينا" على مستقبل الصراع الدائر بين
النظام السوري، وبين فصائل
الثورة وتنظيم الدولة.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن الإعلان شكّل قلقا للنظام السوري "الذي بات خائفا من خسارته لوزنه السياسي، إلا أن روسيا سرعان ما طمأنت النظام بحفظ مركزيته في أجهزة الدولة".
وقالت الصحيفة إن التدخل العسكري الروسي الذي انطلق يوم 30 أيلول/ سبتمبر، طمأن النظام السوري المهدد من أعدائه، "لكن اجتماع فيينا يوم الجمعة الماضي؛ مثل خطوة أولى في مسار انتقال سياسي، أصبح يثير قلق
بشار الأسد".
وأضافت: "لأول مرة منذ خمس سنوات؛ تم الاتفاق على خارطة طريق للخروج من حالة الفوضى التي تشهدها
سوريا، وبعد ثماني ساعات من المحادثات بين الممثلين الـ17 للدول المتدخلة في الحرب؛ تم نشر الإعلان الذي يحتوي على تسع نقاط، مضت عليها تلك الدول بما فيها
إيران وروسيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام السوري أصبح يجد صعوبة في تحريض طرف على الآخر، مثلما كان يفعل في الاجتماعات الدولية التي عقدت سابقا في جنيف أو مونترو، بقدر ما أبدى الطرفان الداعمان له (روسيا وإيران) تأييدهما للمساعي الرامية لحل الأزمة.
وبينت أن دمشق تبدي تحفظها بالتحديد على النقطة السابعة من الإعلان، التي جاء فيها التأكيد على ضرورة إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، وأن تستجيب الانتخابات لأعلى المقاييس الدولية في ما يتعلق بالشفافية، وأن تكون انتخابات حرة ونزيهة مع كل السوريين القادرين على المشاركة فيها، بما فيهم سوريو الشتات.
ووصف الصحيفة هذه الخطوة بأنها "إعلان موت" نظام الأسد، "فإذا كان عدد السوريين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية؛ يتراوح بين 10 ملايين و12 مليونا؛ فإن نفس العدد تقريبا يعيش في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وفي الخارج، ومن الصعب أن ينتخب أغلبهم بشار الأسد، وبالتالي فإن دمشق ترى في تصويت سوريي الشتات فخا مُعدا لها".
وأشارت إلى أن بشار الأسد أعيد انتخابه في 2014 بنسبة 88.7 بالمئة من الأصوات، إثر انتخابات أجريت في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وفي السفارات المتواجدة في الدول الصديقة، "وبتصويت سوريي الشتات؛ يمكن لمرشح من الإخوان المسلمين، أو مرشح مدعوم منهم؛ أن يهزم بشار، لأن الإخوان هم الوحيدون الذين يملكون تنظيما قادرا على حشد السُنّيين في الخارج".
وقالت إن موسكو تظهر جديتها الكاملة في التعامل مع الملف، عبر إطلاق مسار سياسي حقيقي في خضم تدخلها العسكري.
ونقلت عن أحد المقربين من النظام السوري، قوله إن "
السعودية وقطر الداعمتين للثوار، يمكنهما أن تقوما بشراء أصوات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن"، داعيا النظام السوري إلى "التصرف بذكاء، وإلا فإن مصيره سيكون الزوال لا محالة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بينما كان نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، في زيارة إلى طهران الثلاثاء الماضي، فقد عادت الصحافة الموالية للنظام إلى التهجم وتكرار أسطوانة التدخلات الخارجية"، في إشارة إلى عملية الانتقال التي صيغت في فيينا.
ويشير الفصل الأول من الاتفاق؛ إلى أن وحدة سوريا، واستقلالها، وسلامة أراضيها، وعلمانيتها؛ هي مبادئ أساسية، "فقد تم التخلي عن الحكم الذاتي للأكراد شمال سوريا، أما في ما يتعلق بعلمانية الدولة؛ فهي مطلب انتزعه جون كيري من بقية الأطراف في نهاية المناقشات، ويعد ذلك هزيمة واضحة للمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، التي تدعم المقاتلين الإسلاميين"، على حد تعبير الصحيفة.
وقالت "لوفيغارو" إن الفصل الثاني يدعو إلى الحفاظ على سلامة مؤسسات الدولة، "وهو ما يتوافق مع المطالب الروسية الداعية للحفاظ على جيش قادر على ضمان الأمن في جميع أنحاء سوريا".
وأضافت أن إعلان فيينا "يعكس بوضوح؛ الحاجة للحفاظ على العلويين - الأقلية التي ينتمي إليها الأسد - باعتبارها العمود الفقري لجهاز الدولة في سوريا الغد".
وأشارت إلى أن هذه البنود من الاتفاق؛ أدت إلى نشوب خلاف حاد في فيينا، بين وزيري الخارجية السعودي عادل جبير، والإيراني جواد ظريف، ما دعا إلى تدخل جون كيري لخفض التوتر بينهما.
واعتبرت أنه "لا وجود لدليل يؤكد على أن اتفاق فيينا سيؤدي إلى انتقال السلطة عن طريق التفاوض، معللة ذلك بأن "النظام والمعارضة لم يكونا حاضرين".
وفي الختام؛ فقد ذكرت الصحيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعد بتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، وهو الأمر الذي يُعد هاجسا لدى البلدان السنية كالسعودية وتركيا، في حين يعارض الأسد وحلفاؤه الإيرانيون هذا التوجه.