تخطت مدينة
التل في
ريف دمشق؛ عتبة الـ125 يوما من
حصار النظام السوري والمليشيات الموالية له، اشتد خلالها الطوق الأمني تدريجيا على أكثر من مليون سوري من أهلها الأصليين أو النازحين إليها من محافظة حمص وأرياف العاصمة.
وتتجاوز نسبة النساء والأطفال داخل المدينة حاليا 75 في المئة، في حين تحوط بالمدينة التي تعتبر بوابة القلمون؛ العديد من الثكنات العسكرية الثابتة والنقاط العسكرية المؤقتة.
حصار النظام السوري للمدينة كان، بحسب الناشط الإعلامي أحمد البيانوني، بذريعة اختفاء أحد عناصره داخل المدينة، ثم تطورت مطالب النظام تدريجيا إلى طلبه بتسليم المعارضة السورية الطريق الرابط بين بلدتي معربا ومنين، ومنه إلى القلمون.
وقال البيانوني، المتحدث الرسمي باسم تنسيقية التل، لـ"
عربي21"، تحجج النظام باختفاء أحد عناصره في المدينة ففتح أفق المطامع لديه بالتوالي، من عنصر مختطف إلى الحديث عن تواجد المعارضة المسلحة فيها، ليطلب من المعارضة تسليم أنفسهم وأسلحتهم وتسوية أوضاعهم، كما طالب مؤسسات المدينة بتسليمه كافة المطلوبين لديه والمتخلفين عن "الخدمة العسكرية".
مدينة التل، بحسب الناشط، تحوي أكثر من 11 ألف شخص مطلوب للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، الأمر الذي جعل قوات النظام تشدد طوقها الأمني، ظنا منها بنجاح هذه السياسة في إرضاخ شباب المدينة المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة، بعد إصداره القرارات المتعلقة بالتجنيد والاحتياط. وفي ذات الوقت تعمل حواجز النظام المنتشرة على أطراف المدينة على اعتقال أي شاب يقصد المؤسسات الحكومية لإجراء بعض المعاملات، وتسوقهم إلى الخدمة العسكرية.
واستطرد البيانوني: "تعمل الثكنات العسكرية وحواجز النظام السوري على منع تنقل أي مدني من وإلى المدينة، سوى الموظفين لديه أو طلاب الجامعات، رغم عقد مدينة التل هدنة معه منذ نهاية عام 2013"، مضيفا: "حتى من يُسمح له بالدخول والخروج اشترط عليه النظام المرور من معابر معينة".
كما يعمل النظام السوري على منع إدخال المواد الغذائية إلى المدينة، ما تسبب بانقطاع شبه كامل للمواد الغذائية والسلع المعيشية، وخلف أزمة غذائية كبيرة فيها، في حين أغلق قسم كبير من المحلات التجارية أبوابه، وارتفعت الأسعار لما تبقى من أغذية وأطعمة داخل المدينة. كما توقف الفرن الآلي عن العمل بسبب نفاد مادة الطحين، كما أرخى الحصار بظلاله على المشفى الوحيد في المدينة المهدد بالإغلاق عقب نفاد المواد الطبية فيه، وهو ما يواجه مستوصف المدينة أيضا.
وأضاف المتحدث الإعلامي باسم تنسيقية المدينة: "قام النظام بالتعاون مع بعض تجار الأزمات وأدخل لهم بعض المواد الغذائية، ليرتفع سعر المواد الغذائية بشكل غير معقول بسبب استغلال تجار الأزمات والمنتفعين من الحصار، فيما تستغل الحواجز وشركاؤهم من المنتفعين من هذا الواقع الأليم بقبض الإتاوات والتضييق على الجميع".
وأوضح أنه "بالنسبة للمحروقات بالمدينة فهي مقطوعة بشكل نهائي، وإن وجدت تكون بكمية قليلة جدا لدى تجار الأزمات، ويتجاوز سعر اللتر 500 ليرة سورية. وأما بالنسبة للحطب، فلم يسمح النظام بدخوله إلى المدينة، فبدأ الأهالي بتقطيع الحطب من الشوارع والحقول ليدفئوا أبناءهم، ويتجاوز سعر كيلو الحطب تجاوز 200 ليرة".
قوات النظام قامت مؤخرا بوضع عدد عناصر نسائية على حواجزها لتفتيش نساء المدينة الداخلات إلى المدينة بشكل دقيق وشخصي، كما تقوم هذه العناصر بالتعرض للنساء بـ"الشتم والإهانة والإذلال"، فأقل شتيمة تكون في العرض، بحسب المصدر، وتصل الحالة أحيانا إلى الاعتداء على نساء المدينة بالضرب المبرح في حال تم العثور على "القليل من الطعام المهرب" معهن، بحسب ذات المصدر.
وتعتبر مدينة التل من أوائل المدن التي ثارت، بعد درعا، على نظام بشار الأسد، فشاركت في المظاهرات السلمية حتى الحراك المسلح، كما قدمت المدينة قرابة 800 قتيل في القصف والمعارك وداخل المعتقلات، في حين قتلت المفخخات التي استهدفتها مؤخرا قرابة 50 شخصا.