يمتلك أنصار "
حمدين صباحي"، مخزونا استراتيجيا من "الشحتفة"، هي مجمل حصة العالم، مخصوما منها مخزون "الشحتفة" لدى "عبد الفتاح السيسي"!
"تشحتف" القوم، عقب المقابلة المطولة لنجمهم المفضل على قناة "دريم"، وكانوا في دهشة، لأن الإخوان تحالفوا مع الفلول في النيل منه والإساءة إليه، كما لو كان زعيمهم يقف على ثغرة من ثغور الثورة، وجب على الثوار جميعا أن ينحازوا له في مواجهة الحملة الضارية التي يتعرض لها من الفلول، والتي بلغت ذروتها ببلاغ للنائب العام بالتحقيق معه لإساءته للجيش، وعمله على هدمه، مع أنه لم يذكر الجيش بالإساءة ولو بشطر كلمة!
لا أخفي أنني ومن دعاية "أنصار الزعيم"، ظننت حقيقة أن الإخوان انخرطوا في حملة نقده، لكن راعني أنهم لم يشاركوا في هذا، دعك من أصحاب صفحات على "الفيس بوك" يرفعون صور مرسي، ويدافعون عن شرعيته، أو يهاجمون السيسي بقسوة، فالشاهد هنا أنه ليس كل من يدافعون عن الشرعية من الإخوان، وليس كل من يرفعون صور الرئيس المنتخب وشارات "رابعة" أعضاء في الجماعة، وليس كذلك كل من يهاجمون الانقلاب العسكري، وحكم السيسي، هم مؤيدو ثورة يناير، أو حتى ممن يقرون بشرعية الرئيس المنتخب، فأعرف من هم ضد مرسي وربما انتخبوا الفريق أحمد شقيق، ومع هذا هم ضد الطغمة الحاكمة التي تحكم
مصر الآن!
لقد وقعت في البداية أسيرا للدعاية التي تقول إن الإخوان شاركوا في حملة الهجوم على "حمدين"، قبل أن تذهب السكرة وتحل الفكرة، واكتشف أن الإخوان لم يشاركوا فيها، اللهم إلا إذا كنت أنا و"وائل قنديل" من الإخوان المسلمين!.. ومبكرا لم أهتم بالنفي، وفي اليوم التالي للانقلاب العسكري، كنت على قناة "الحرة" عندما قال "محمد أبو حامد" عني إنني إخوان، وقد قررت عدم الرد عليه في هذه النقطة، لكن مقدم البرنامج الزميل "حسين جراد"، رد عليه بأن الجميع يعلمون "أن سليم عزوز ليس من الإخوان وله كتابات ضدهم"، فعلق "أبو حامد" إذن من الخلايا النائمة، ولأنه عز علي أن أكون خلية ونائمة، فاعترفت بأني المرشد.. وتعالى يا نجم إلى الموضوع، الذي يتلخص في أن ما حدث هو انقلاب وليس ثورة حماها الجيش.
قبل أسابيع، أخبرني صديق بأن واحدا من مقدمي البرامج في فضائية الراعي الرسمي لمحمد أبو حامد، رجل الأعمال "نجيب ساويرس"، رفع كتابي الذي يحمل عنوان "الإخوان المسلمون .. الوجه والقناع"، ليقول للناس إني ضد الإخوان، فطلبت منه أن يتصل به ويشكره بالنيابة عني، فقد أثبت بما فعل أنه يعمل لصالح الإخوان، والانقلاب يريد أن يختزل الأزمة في أنها نزاع بينه وبين "الجماعة الإرهابية" على الحكم، وقد تصرف هو كالدبة التي قتلت صاحبها!
ما علينا، فلماذا لم يهاجم الإخوان "حمدين صباحي"؟!..
لا أخفي أن قبيلة من الفئران عبثت في صدري، كناية عن الريبة، فهل يمكن أن يكون "صباحي"، هو الوسيط لمصالحة قادمة، مع أني لا أعتقد أن السيسي يمكنه أن يقبل بهذه المصالحة، إلا إذا حمل عليها بضغط دولي وإقليمي، كما أن مثل هذه المصالحة قد لا يرفضها بعض من بيدهم "عقدة النكاح" داخل الجماعة، وإن رفضها قطاع كبير من شبابها، وأيضا لن يوافق عليها الشارع المؤيد للشرعية بسهولة!
وبدفاعه المتأخر عن الدماء التي استبيحت في "رابعة وأخواتها"، وعن اكتشافه المذهل بأن الإخوان مصريون، قد يكون ما قاله بمنزلة "عربون محبة"، من وسيط مستقبلي، هو حليف قديم للجماعة، قبل أن تسيطر عليه فكرة أن يكون رئيسا للبلاد، وإلا فليكن شمشون الجبار؟!
رغم أن هذا التفكير يبدو "شطحة صوفي"، إلا أنني حملته لصديق يساري، كان قد خرج مدافعا عن صباحي في مواجهة من يهاجمونه، واتصل بي معاتبا بعد كتابة تعليقين على صفحتي على "الفيس" على حواره مع قناة "دريم"، وقال لي ضاحكا ليخفف من حدة العتاب: دعك من كل شيء وتذكر العيش والملح. ورددت عليه بأنه لا يوجد بيني وبين "صباحي" حتى العيش والملح. فعقب بقوله: "غريبة"!
قلت له: ألا تلاحظ أن أحدا من قيادات الإخوان لم يعلق على حوار حمدين بما يسيء إليه، ولو بتويتة على "تويتر"، أو "بوست" على "الفيس بوك"، ففاجأني بقوله: لم يهاجمه لا القيادات ولا الأعضاء العاديون!
وإن كان رأي "الرفيق"، بأنه إن صحت فكرة الدور الجديد، فلا يظن أن السيسي سيكون طرفا فيها، فربما يمهد لها لمرحلة ما بعد السيسي!
دعك من كل هذا، فالتحليل الذي لا يعتمد على معلومات هو نوع من "التخمين" و"ضرب الودع"، والظن أكذب الحديث، فما أردت الوصول إليه أن الإخوان لم يهاجموا "حمدين صباحي"، لكن أنصاره في "وصلة الشحتفة" سالفة الذكر، تحدثوا بأسى عن اتحاد الإخوان مع الفلول، في التشهير بقائدهم المفدى!
وهو حديث لا معنى له، إذ إنهم ينظرون للفلول نفس نظرتنا لهم منذ تنحي مبارك، إلى 30 يونيو، باعتبارنا جميعا الذين شاركنا في ثورة يناير التي أسقطت رجاله ونظامه، وإن ظل موقفي من الفلول كما هو، فإن تغييرا طرأ على موقف "حمدين" وأنصاره، يبدو أنهم نسوه، فوجب تذكيرهم به!
فقد كان الفلول حلفاءهم في 30 يونيو، وكانوا أقرب إليهم من حبل الوريد، وهل نسوا يوم أن خاطبهم "الزعيم" بأن عليهم ألا يسألوا من بجوارهم في يوم حشدهم إن كانوا من الفلول، "فخلافنا مع الفلول ثانوي، ولكن خلافنا الجذري مع الإخوان"، وكان حضور الفلول هو الأساس في هذا اليوم!
لقد تم اتهام وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين، بالمسؤولية عن أحداث "محمد محمود"، وقتل الفتى "جيكا"، ومع هذا فقد دخلوا بالقاتل ميدان التحرير مرفوعا على الأعناق، والحجة المعلنة لخلافهم مع الإخوان أنهم باعونا في "محمد محمود". فتحالفوا مع من قتلهم لمواجهة من باعهم!
وقيادات وزارة الداخلية، الذين أدخلتهم الثورة السجن بتهمة قتل الثوار، من أمثال مدير الأمن العام "عدلي فايد"، ومدير جهاز مباحث أمن الدولة "حسن عبد الرحمن"، هم من أعتى الفلول وقد دخلوا ميدان التحرير الذي أسقطهم من قبل، على الأعناق في يوم 30 يونيو.
ولم يجد "حمدين صباحي" وأنصاره أزمة في عودة دولة الفلول، الذين تشكلت منهم الحكومة، والبرلمان، واستكمل السيسي هذه العودة بمن عينهم في هذا البرلمان.
وعندما يهاجم الفلول الآن "حمدين صباحي"، فلأنهم انتصروا، وإن كان هو اعتبر الخلاف معهم ثانويا، فقد اعتبروا هم خلافهم معه بالدرجة نفسها عداء مع الإخوان، لمشاركته في 25 يناير، وقد سكتوا على الثوار، الذين شاركوا في الانقضاض على ثورتهم بالدعوة لإسقاط الرئيس المنتخب دون أن يمالئوهم كما مالأهم حمدين، فقد كانوا يحتاجونه "لمسافة السكة" ولعودتهم للحياة، وعندما عادوا بدأ الحساب، وكان "صباحي" لا يختلف عندهم عن المرشد العام للإخوان المسلمين، فكلاهما عدو.
أما نحن فنؤمن أنه لولا "حمدين وشركاه" في تحالف "جبهة الإنقاذ"، لما تمكن السيسي من أن يحكم وأن يهزم ثورة يناير، وأن يعيد دولة مبارك، ولهذا فإن أزمتنا هي مع من خان الثورة، وليس مع من انتصر لنفسه!
فلا مبرر للشحتفة!