يحلو للسياسي
المصري المشاكس
مرتضى منصور أن يتحدث عن ضرب منافسيه "بالجزم" (الأحذية)، لدرجة أنه لم يعد يتذكر كم ضرب منهم بهذه الطريقة، وأخبر مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" ديكلان وولش في القاهرة، بأنه لم يعد لديه ما يكفي من "الجزم"، وكان منصور قضى فترة في السجن بسبب إهانته لقاض.
ويقول وولش إن الطريقة الاستفزازية التي يتحدث فيها منصور جعلته محبوبا للقنوات التلفزيونية المصرية، التي تحب النميمة والقيل والقال. مستدركا بأنه أثار الغضب في 10 كانون الثاني/ يناير، عندما رفض الحلف بالقسم الدستوري في جلسة افتتاح
البرلمان، وقال إنه لا يحب الطريقة التي صيغ بها القسم، وهو ما قاد إلى شتائم وصراخ من
نواب البرلمان، وأدى إلى فوضى في الجلسة الأولى.
ويشير التقرير إلى أن الفوضى انتهت عندما قبل منصور على ترديد الكلمات، ولكن بالنسبة للمصريين، الذين راقبوا الجلسة عبر شاشات التلفزة بنوع من الافتنان والفزع، فقد أكدت الجلسة الأولى صدق توقعاتهم، وأنهم لا يعولون الكثير على البرلمان الجديد، الذي يعد توليفة مقسمة ونوابا ضعفاء، ومعظمهم يميل بشدة نحو الرئيس عبد الفتاح
السيسي.
وتذكر الصحيفة أن الصحف سخرت من الجلسة الأولى، التي شوهد فيها النواب وهم يلتقطون "سيلفي" على هواتفهم النقالة، فيما حيا آخرون كاميرات التلفزة في طريقة وصفتها قناة مؤيدة للسيسي بأنها "سيرك". وقدم نائب معروف استقالته، فيما صوت آخرون مطالبين بعدم نقل جلسات البرلمان مباشرة على التلفزيون.
ويبين الكاتب أنه مقارنة بجلسة "السيرك" داخل قبة البرلمان، كانت قوات الأمن مشغولة بملاحقة الناشطين من المعارضة، قبل بدء إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011، التي تمثل للبعض فشل المسار السياسي المصري.
ويلفت التقرير إلى أن هذا التاريخ يذكر بالإطاحة بنظام حسني مبارك، وبعده بعامين الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي، عندما قام قائد الجيش السيسي بانقلاب ضد حكومة يقودها الإخوان المسلمون. ويلاحظ وولش إن السيسي حذر هذا العام، وبشكل متكرر، من أنه لن يتسامح مع وجود تظاهرات في الشوارع.
وتنوه الصحيفة إلى أنه من بين الذين تم اعتقالهم في الأيام القليلة الماضية، ثلاثة ناشطين اعتقلوا من شقة في وسط القاهرة، واتهموا لاحقا بطبع مواد تدعو إلى الإطاحة بنظام الحكم، وتم احتجاز شاعر ومحرر موقع على الإنترنت، وأفرج عنهما لاحقا، وقبل ذلك بأسابيع، قامت السلطات بإغلاق مركز ثقافي في القاهرة، فيما ينظر إليه على أنه جزء من عمليات القمع.
ويقول وولش إنه لا يوجد هناك ما يشير إلى تظاهرات ضخمة على الأرض، فالإعلام الجديد مؤيد بشكل كلي للسيسي، وتم احتجاز عشرات الآلاف من الناشطين في السجون منذ عام 2013، ومعظمهم من المؤيدين لحركة الإخوان المسلمين المحظورة، بالإضافة إلى أعداد من الناشطين في جماعات العمل المدني.
ويذهب التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مصر تنشغل بالبرلمان الجديد، الذي ستكون مهمته تمرير 340 قرارا صدرت منذ كانون الثاني/ يناير، وهي مهمة سهلة، خاصة أن البرلمان يشغله مؤيدون للسيسي، مثل منصور.
وتفيد الصحيفة بأن منصور درس القانون، واكتشف دوره في الرأي العام، وخاض مواجهات مع رموز كبيرة خلال العقود الماضية مع قضاة ومشجعي كرة قدم وراقصات، مشيرة إلى أن المحاكم تعد منابره المفضلة، حيث قدم شكاوى قضائية، وكان موضوعا لشكاوى عديدة، وأصدر من خلال التلفزيون عددا من التصريحات الصارخة ضد منافسيه، واتهم بعضهم بأنهم عملاء لـ"سي آي إيه"، وبعضهم وجه لهم إهانة لمجرد مظهرهم، ففي مقابلة وصف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس بأن رجليها تشبهان رجلي شاة، وفي العام الماضي قدمه محام للمحكمة ونجح بإدانته.
ويورد الكاتب أن منصور أصبح خلال العامين الماضيين شخصية معروفة، بعد انتخابه رئيسا لنادي الزمالك، وهو النادي الذي يعود تأسيسه إلى أكثر من قرن، ولديه أفضل لاعبي كرة القدم في مصر، وقام منصور بمتابعة إصلاح وتحديث منشآت النادي، لكنه تخاصم مع المشجعين المعروفين باسم "التراس". ووصفه نقاده بأنه من
فلول نظام مبارك، واتهموه بتنظيم ما عرف بمعركة الجمل ضد مناهضي مبارك في ساحة التحرير، مع أن القضية القانونية ضده انهارت.
ويلفت التقرير إلى أنه في مقابلة مع منصور في نادي الزمالك الرياضي، حيث جلس أمام صورة ضخمة له، أكد أنه لم يكن داعما لمبارك، رغم أنه عبر عن مقته للأحداث التي أدت إلى الإطاحة بنظام مبارك قبل خمسة أعوام، وهو موقف يحمله بشكل عام مؤيدو السيسي، وقال إنه رفض القسم الدستوري الأسبوع الماضي؛ لأنه وصف احتجاجات عام 2011 بالثورة، وقال:"يجب أن يكون للثورة قائدها"، وأضاف: "ما حدث هو أكبر فوضى في التاريخ"، مشيرا إلى أن الثورة المصرية الحقيقية هي تلك التي جلبت السيسي إلى السلطة عام 2013.
وبحسب الصحيفة، فقد عبر منصور عن نظرية المؤامرة، التي تقول إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعمل في السر لعودة الإخوان المسلمين، رغم ما تقدمه واشنطن من دعم سنوي للسيسي قيمته 1.3 مليار دولار. ويقول منصور: "نكره أوباما؛ لأنه كاذب ومنافق". ويضيف: "هو من دعم تنظيم القاعدة حتى تحول ضده، والآن تريد الولايات المتحدة أن يحكم الإخوان المسلمون مصر".
ويعلق وولش بأن طريقة منصور الغريبة وكلامه المتهور، ضمنا تأمين مقعد له ولابنه أحمد في مجلس الشعب، مشيرا إلى أنه أصبح في الأسبوع الماضي رئيسا للجنة مهمتها مراجعة قوانين حقوق الإنسان، وأقرت في جلسة واحدة ثمانية قوانين أصدرها السيسي.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إنهم لا يتوقعون أن يعارض البرلمان أيا من القوانين المتعلقة بالإرهاب والاحتجاج السياسي وحرية التعبير. ولكن قوانين لها علاقة بإصلاح القطاع المدني والاستثمار قد تحظى بمراجعة دقيقة.
وتجد الصحيفة أنه لو بقي منصور في لجنة حقوق الإنسان فسيؤدي دورا في تشكيل القوانين التي اقترحت الحد من نشاطات المنظمات غير الحكومية العاملة في مصر، التي تتلقى تمويلا من الخارج.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن لكن ما يهم منصور في الوقت الحالي هو مواجهة الشباب المصري، الذي يشعر بخيبة الأمل من السياسة، الذين يسخرون منه على صفحاتهم في "فيسبوك"، ويصفونه بـ"بالوعة الوسخ". ويقول: "هؤلاء الشباب الذين يرتدون بناطيل ضيقة، ويأخذون مصروفهم من آبائهم، ويقضون 15 عاما للتخرج من الجامعة، ويدخنون الحشيشة، ويهينون صديقاتهم على (فيسبوك)، ولا قيمة لهم في هذا البلد".