نشرت صحيفة "إيست أونلاين" الإيطالية، تقريرا عن سعي
رجال الأعمال في
الجالية السورية لاستثمار أموالهم في المشاريع التي من شأنها إعادة بناء
سوريا من جديد.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن رجال الأعمال السوريين في انتظار أن تتطور الأحداث لصالح سوريا؛ ليتمكنوا من مباشرة العمل على إعادة
إعمار سوريا التي أفقدتها الحرب الكثير من مدنها ومؤسساتها العامة، كالمستشفيات والمدارس، وتسببت لها في تلف البنية التحتية، والأنظمة الكهربائية، والموارد المائية الصالحة للشراب، إلى جانب الخسائر المادية التي تتجاوز الـ80 مليار دولار، والخسائر البشرية من قتلى ولاجئين.
وأضافت أن استعداد رجال الأعمال، الذي يعتبرون من بين أغنى الشخصيات في العالم، لإعادة تشييد سوريا بعد
الدمار الذي لحقها جراء الحرب؛ سيؤدي إلى مكاسب كبيرة لهذه الدولة، ما قد يبعث الكثير من التفاؤل في صفوف شعبها.
ونقلت الصحيفة عن وليد زعبي، الملياردير ورجل الأعمال السوري المقيم بالإمارات العربية المتحدة، قوله إن مخطط إعادة بناء سوريا متوقف على اتفاق السلام الذي لا يزال يشهد صعوبات، وهذا من شأنه إعاقة الأعمال التي تتطلب استقرارا مسبقا للأوضاع في البلد، مضيفا أن مفاوضات جنيف، التي حضر فعالياتها شخصيا "ليست إلا فيلما، وإن الدبلوماسيين المتفائلين هم فقط القادرون على التنبؤ بنهاية الأعمال العدائية قريبا في سوريا".
وأكد زعبي الذي يشارك في مفاوضات الأمم المتحدة كعضو تابع للمعارضة السورية، أن "نهاية الحرب لن تكون سببا كافيا لإقناع رجال الأعمال والمستثمرين بتكريس أموالهم وجهودهم في إعادة إعمار الدولة، لذلك على سوريا أن تكون دولة ذات سيادة وقانون وحكومة شفافة كي يتحقق ما نصبو إليه".
وقالت الصحيفة إن مبادرة رجال الأعمال من شأنها إعادة النهوض باقتصاد الدولة وإرجاعه للازدهار الذي كان عليه قبل بداية الأزمة، "ويؤكد المحللون أن هذا المشروع الذي ستصل كلفته إلى 200 مليار دولار، سيعود على البلد بمكاسب كبيرة، على الرغم من المخاطر التي من الممكن أن تلحق بالمستثمرين".
وأضافت أن هذه المبادرة التي تقدمت بها مجموعة من رجال الأعمال والشخصيات السورية الرائدة في العالم "ستعمل أولا على تلبية الأولويات التي تتمثل في إنشاء المؤسسات الكبرى، كالمستشفيات لعشرات الآلاف من المدنيين الذين تسببت لهم الحرب في إصابات وإعاقات كبيرة، والمدارس لملايين الأطفال الذين نشأوا أثناء الحرب، ولم يتمكنوا من ممارسة حقهم في التعلم.
وذكرت الصحيفة شخصيتين بارزتين في مجال الأعمال؛ نبيل الكزبري الرئيس التنفيذي لشركة فيمبكس لإنتاج الورق، وأيمن الأصفري الذي يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة بتروفاك في لندن، التي تبلغ قيمة أصولها أكثر من خمسة مليارات جنيه إسترليني، والذي لطالما انتقد علنا
الأسد شخصا وحكومة.
وقال الأصفري مؤخرا: "لا أحد يتمتع بالشرعية السياسية، لا نظام الأسد ولا المعارضة السورية، وإننا لا نتوقع تغير الأحداث نحو الأفضل بعد تخلي بشار عن السلطة، ولكننا سنعتمد على إرادة الجالية السورية ورغبتها في العودة إلى موطنها؛ للاستثمار فيه وإعادة بنائه"، مضيفا أنه سيكون أولهم.
من جهته؛ أفاد الكزبري، الذي كانت له قبل الحرب علاقات تجارية وثيقة مع أسرة الأسد، أنه على استعداد لخدمة الإنسانية والاستثمار في كل ما سيساهم في النهوض بها، وخاصة في سوريا التي تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى جهود أبنائها من رواد وأصحاب المشاريع.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المشاريع المفترضة ستتوقف أيضا على من سيكون في السلطة أثناء الإنجاز؛ لأن مستقبل سوريا يقف على كفتي الميزان الحاملتين لكل من السلطة والثروة على حد سواء، "وهذا يذكرنا بمبادرة رجل الأعمال رفيق الحريري، الذي لا تزال لبنان إلى اليوم تعيش على وقع إنجازاته على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحضاري، والتي بدأها في التسعينيات بهدف إعادة بناء البلاد".
وأضافت أن الوضع في سوريا يُعد أكثر تعقيدا من لبنان، حيث تسعى الدولة إلى حماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية التي يتصارع من أجلها كل من الأسد وروسيا وإيران من جهة، والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة من جهة أخرى، مشيرة إلى أن "كل هذه الأطراف تسعى إلى اقتسام سوريا فيما بينها".
في الختام؛ أكد رجال الأعمال أن كل هذه التحديات "لن تمنع أبناء سوريا من المضي قدما في هذه المبادرة؛ لإعادة بناء دولة جديدة ذات سيادة في المستقبل".