نشرت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية تقريرا؛ سلطت فيه الأضواء على تحول
إيطاليا لمركز لتبادل القطع الأثرية مقابل الأسلحة بين
تنظيم الدولة ومافيا ندرانجيتا. ومعظم هذه القطع الأثرية تأتي من
ليبيا، في حين أن الأسلحة تأتي من مولدوفا وأوكرانيا بدعم من
المافيا الروسية، وفق الصحيفة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عمليات التبادل تتم في أغلب الأحيان في فنادق "فيتري سول ماري" الإيطالية، أو على الطريق السريع الرابط بين نابولي وريجيو الذي يتميز بقلة الحركة. كما تأتي القطع الأثرية التي يحصل عليها تنظيم الدولة من ليبيا أو من الشرق الأوسط مباشرة إلى ميناء جويا تاورو، وتكون هذه العملية بسرية تامة.
أما عن الأسلحة التي يتم فيها تبادل الآثار، فهي تأتي غالبا من مولدوفا وأوكرانيا بواسطة مساعدة المافيا الروسية. أما السماسرة والباعة، فأغلبهم من عائلة ندرانجيتا، المتمركزة في مدينة لاميزيا، ومن عصابة مافيا كامورا الشهيرة.
وذكرت الصحيفة أن عمليات التبادل تتم دائما تحت المراقبة. كما يتم أيضا اتخاذ إجراءات وقائية أخرى بهدف تفادي الوقوع في المشاكل والتصدي للعوائق المحتملة.
وتفيد إحدى الشهادات من قلب الحدث؛ أن رجلا كان يسير في أحد شوارع إيطاليا حيث بدت علامات التوتر واضحة على وجهه، ثم دخل إلى فندق موجود هناك؛ للقاء أحدهم ولرؤية المعروضات والتفاوض على السعر.
ووفقا لما أوردته الصحيفة، فإنه يبدو أن هذا الرجل جاء ليتعامل مع لصوص القبور بعد جمع غنيمة من قبر يوناني أو روماني. وبعد المفاوضات التي دارت في الفندق، اتجه الرجلان إلى بناء جديد وغريب ومنعزل تماما، حيث وقفت سيارة قفز منها رجل آخر وفي يديه قطعة قماش بيضاء يغطي بها تمثالا منحوتا لرجل من الرخام، ذي لحية وشعر، وهو من الأعمال التي اشتهرت في القرن الثاني الميلادي.
ولفتت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة يبحث دائما عن الكنوز، وخاصة المعالم الرومانية، في أماكن أثرية معروفة في ليبيا. ومن أهم هذه الأماكن نذكر مدينتي صبراتة وشحات، وهي من الأماكن الثرية بالكنوز، لذلك غالبا ما يسعى التنظيم للسيطرة على تلك المناطق. لكن القطع الأثرية لا تأتي من ليبيا فقط، وإنما من إيطاليا نفسها أيضا، فبعض عناصر تنظيم الدولة يقومون بسرقة الأعمال الفنية التي تم أخذها بطريقة غير قانونية من المقبرة اليونانية في إيطاليا على الرغم من نفي ذلك مرارا وتكرارا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التجارة بين التنظيم والمافيا أصبحت على مرأى ومسمع الجميع، وقالت إن هذه التعاملات تتم أيضا مع الأمريكيين والمتاحف الخاصة، رغم أن الولايات المتحدة بدأت في التصدي لذلك، عندما اكتشفت أن الأموال التي تباع بها القطع الأثرية هي ذاتها التي تُستعمل لشراء أسلحة لتنظيم الدولة.
وتحدثت الصحيفة عن المساومات حول تسعير الآثار، وذلك حسب أصلها، بمعنى أن الأشياء المتأتية من المستعمرات اليونانية والرومانية في إفريقيا تكون دائما أغلى ثمنا؛ فمثلا يمكن أن تُقدّر قطعة أثرية كتمثال لإله يوناني من ليبيا بحوالي 800 ألف يورو، مع إمكانية التفاوض في السعر وضرورة دفع أجرة النقل.
وفي هذا السياق، أعرب أحد علماء الآثار في إيطاليا عن قلقه من هذا الوضع، ودعا إلى ضرورة أن يتم تتبع الآثار التي ستنقل إلى المتاحف؛ خوفا من سرقتها من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الموجودين في إيطاليا.
لكن المستشارين الدوليين في مجال الأمن، شون ونتر، وهو عسكري سابق في القوات القوات الأمريكية، والإييطالي ماريو سكاراميلا، كشفا أن تدريب مقاتلي تنظيم الدولة على مثل هذه العمليات ليس بجديد، وإنما رافقهم منذ نشأة تنظيمهم.
كما نبهت الصحيفة إلى دور المافيا الروسية، حيث كانت توجد لديهم العديد من التحف القيمة، التي جُلبت من الشرق الأوسط، مقابل الحصول على الأسلحة. وبالتالي، فإن هذه المافيا تساهم وتشجع على هذه المبادلات كغيرها من الجماعات الإجرامية الإيطالية، كما تقول الصحيفة.