نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب بنيديكت سبنس، يقول فيه إن السماح لمخيم الغابة في
كاليه، الذي كان يقطنه
اللاجئون وتم إغلاقه في الأيام الأخيرة، بعد نقل اللاجئين إلى مساكن تليق بالبشر، والشروع في التعامل مع طلبات لجوئهم، بالنشوء والبقاء طيلة هذه الفترة، سيشكل نقطة سوداء في سجلات الحكومات هنا وفي القارة الأوروبية.
ويقول سبنس في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21": "سواء كنا نعتقد بالسماح لسكان المخيم كلهم بالقدوم إلى
بريطانيا أم لا، فإن القليل من الناس من يختلف معي في القول بأن السماح لهؤلاء اللاجئين بالعيش في حالة من الضياع في مخيم قذر لا يمكن وصفه بشيء أقل من (البربرية)، في وقت كان يجب فيه توفر الإجراءات التي تسمح بالتعامل مع اللاجئين، وتسكين من يستحق منهم، وتسفير من لا يستحق بشكل فعال، وواضح أن مثل هذه الإجراءت ليست موجودة، وهو ما يثير أسئلة مهمة حول مدى استعداد وجدية المؤسسات الحكومية المسؤولة عن مثل هذه الأمور".
ويتساءل الكاتب قائلا: "لم سمحت
أوروبا بنشوء طبقة من المنبوذين، الذين لم يحرص أي بلد على التعامل مع مشكلتهم؟".
ويقول سبنس إن "بريطانيا بدأت الأسبوع الماضي بقبول اللاجئين الأطفال غير المصحوبين (مع الاعتراف بوجود شكوك حول هذه الرواية)، إلا أنني أعتقد أنه يجب قبول الأطفال كلهم، سواء كانوا غير مصحوبين أو مصحوبين، ومن المخزي أن تكون حكومتنا ماطلت كثيرا حول هذا الموضوع، فكم طفل يا ترى، لم يتم تسجيله ولم يلق الرعاية، واختفى في انتظار أن يعثر السياسيون المترددون على بوصلتهم الأخلاقية؟".
ويتساءل الكاتب: "لماذا لم تقم أي حكومة، وبالذات الفرنسية، بتولي أمر هؤلاء الأطفال عندما مروا من بلدانهم؟ ولماذا نحن غير متأكدين من أعمار أولئك الذين نستطيع تحديد مكانهم؟ ألم يكن من الواجب أن يكون قد تم التعامل مع هذه القضية بينما كان الأطفال يتنقلون خلال البلدان الأوروبية؟ فإيطاليا تشتهر ببيروقراطيتها، فلم لم يهتم أحد بتسجيل المعلومات لدى وصول المهاجرين عن طريق البحر؟".
ويشير سبنس إلى أن "بريطانيا محظوظة طبعا؛ لوجود حدود طبيعية، لكن عندما قامت المغنية ليلي ألين بالاعتذار لسكان مخيم الغابة، (نيابة عن بلدها)، أهملت أن المخيم ليس موجودا على أرض بريطانية، بل هو في بلد أوروبي آخر غني ومتطور ومتحضر، بالإضافة إلى أن هؤلاء الناس مروا في طريقهم خلال دول أخرى، أفليس غريبا أن أوروبا المستقرة والمنظمة تعاملت مع اللاجئين بخليط من ضبط الحدود كيفما اتفق، وأحيانا باستخدام الغاز المسيل للدموع أمام الكاميرات؟".
ويبين الكاتب أن "المخيم كان مصدر بؤس لمن عاش فيه، فلم يكن الناس آمنين، ولم يضمنوا الغذاء ولا المأوى ولا العلاج، وبالرغم من كل المساعدات الإنسانية، التي يمكن أن تكون دخلت إلى المخيم، إلا أن السرقة والاعتداء والتحرش الجنسي، وأسوأ من ذلك، هي الأكثر احتمالا في مكان كهذا، وكان الشيء الإنساني هو إغلاق المخيم بمجرد إنشائه، وعلى أي حال، يجب أن يتم توطين اللاجئين أو ترحيلهم، وكلا القرارين مؤلم، لكن التأجيل جعل الوضع أسوأ".
ويقول سبنس: "لو أخذنا البريكسيت مثالا، فما كان ليخفف من مشاعر العداء لأوروبا والعداء للهجرة والعداء للمؤسسة في هذا البلد عندما يرى الناس مخيما كبيرا فوضويا على الجانب الآخر من القنال، وهو يعكس صورة أوروبا العاجزة، أما كان بالإمكان المساعدة في إقناع الجمهور البريطاني بأن الاتحاد الأوروبي هو منظمة منطقية ومفيدة لو قام الاتحاد والدول الأوروبية بوضع خطة لحل القضية بعدل وبسرعة؟ أليست الفكرة من وجود مثل هذه المنظمات هو ذلك بالضبط، بدلا من اتخاذ موقف المتفرج، وانتظار أن تحل المشكلة نفسها؟".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "الأمل هو أن إغلاق هذا المخيم يساعد في حل قضية كل لاجئ ومهاجر بالحصول على إقامة دائمة في بريطانيا أو أوروبا، أو بإيجاد ملجأ من الحرب، أو الترحيل، والأمل أيضا بأن يكون ما تم فعله اليوم بداية تغير جذري في الطريقة التي نتعامل فيها مع الهجرة الجماعية، لكنني أتوقع، كما يتوقع الكثير من الناس، بأن مخيما غير قانوني آخر سينشأ في مكان آخر في كاليه، وستبقى دوامة منبوذي أوروبا تدور".