نشر موقع "المونيتور" مقالا، قيم فيه الخبير الأمريكي ومسؤول برنامج الاستخبارات في معهد "بروكينغز" بروس ريدل، حكم العاهل السعودي
الملك سلمان بن عبد العزيز خلال عامين، ووصفه بأنه كان زعيما مبدعا تصدى لأهم المشكلات التي تواجه
السعودية، وأخذت سياسته الخارجية منحى المواجهة مع
إيران أكثر من سابقيه، مشيرا إلى أن أهم معالم سياسته كانت "الحرب في
اليمن، وإن لم تكن ناجحة".
ويقول الكاتب: "احتفل الملك سلمان باعتلاء العرش، بحسب التقويم الهجري، ويوصف الملك بأنه (نموذج للتغيير) في إدارة البلد، وربما يكون أهم قرار له هو إحداث التغيير لعملية الخلافة، والتحول إلى الجيل الأحدث سنا، وركز الملك، الذي يبلغ من العمر 81 عاما، على اختيار ولي العهد من اليوم الأول الذي تسلم فيه العرش، فقام بتعيين محمد بن نايف نائبا لولي العهد، ثم خلع أخاه غير الشقيق الأمير مقرن، بعد شهرين، فأصبح محمد بن نايف ولي العهد، وإن تسلم ابن نايف العرش سيكون أول ملك للسعودية ليس من أبناء مؤسس المملكة، الملك عبد العزيز آل سعود، الذي مات عام 1953، وسيكون تغييرا على مستوى الأجيال في الزعامة".
ويضيف ريدل: "ما من شك بأن ولي العهد محمد بن نايف هو أكثر أبناء جيله أهلية للزعامة، فقد كان رأس الحربة في حرب المملكة ضد الإرهاب لأكثر من عقد من الزمان، ونجا من أربع محاولات اغتيال من تنظيم القاعدة، وطور شبكة اتصال مع رؤساء الأجهزة الأمنية في أنحاء العالم كله، وكونه وليا للعهد فإنه حصل على فرصة توسيع تجربته وكفاءته".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "ابن الملك، الذي يشغل منصبي نائب ولي العهد ووزير الدفاع
محمد بن سلمان، طور خطة لتغيير المملكة بحلول 2030، ومنح الملك سلمان ابنه سلطات غير مسبوقة، بما في ذلك إدارة الاقتصاد، وتقوم رؤية الأمير 2030 على إدراك أن دولة الرفاه لا يمكن الاستمرار بها في ظل أسعار النفط المنخفضة، ولم يتم تطبيق كثير من جوانب البرنامج، لكن من المهم أن تدرك المملكة حتمية التغيير، ويجب أن يبدأ تطبيق هذه الرؤية في مراحلها الأولية هذا العام".
ويبين ريدل أن "الملك أوفى بوعد سلفه الملك عبدالله، بالسماح للنساء بالتصويت، والترشح لمناصب في انتخابات البلديات على مستوى المملكة، وكانت تلك خطوة مهمة ورمزية للنظام الملكي، وستكون القرارات الأصعب المتعلقة بالنساء حاسمة في إنجاح الرؤية السعودية 2030".
ويلفت الكاتب إلى أن "سياسة الملك عبد الله الخارجية كانت حذرة، وتحاول تجنب المخاطر، وخلال الربيع العربي أدت السعودية دور المعارض للثورة في كل من البحرين ومصر، لكنها سعت لتغيير نظام علي عبد الله صالح في اليمن، بنظام يكون أكثر طواعية ويقبل بنفوذ السعودية، وفي سوريا رأت المملكة فرصا للإطاحة بأقدم حليف لإيران في العالم العربي".
ويذكر ريدل أن "الملك سلمان كان أكثر صدامية ومواجهة من أخيه، وتم قطع العلاقات مع إيران، ما منع الإيرانيين من حضور الحج، وتم تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 40 دولة عضوة، يقوده وزير الدفاع السعودي، واستثنيت منه إيران والعراق، وقامت سلطنة عُمان بالانضمام للتحالف الشهر الماضي، بعد أن سعت منذ فترة طويلة لتحقيق المصالحة في الخليج، بالإضافة إلى أنه تم إطلاق برنامج استخبارات قوي ضد وكلاء إيران، مثل حزب الله، كما تم تمويل الثوار الذين يقاتلون ضد نظام بشار الأسد".
وينوه الكاتب إلى أن "علاقات السعودية مع أمريكا تدهورت خلال فترة حكم الملك عبدالله، حيث صدمت الرياض من مطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للرئيس المصري حسني مبارك أن يتنازل عن الرئاسة، وأدى الضغط الأمريكي على النظام الملكي في البحرين لاستيعاب مواطنيها الشيعة إلى قيام الملك عبدالله بإرسال قوات عسكرية إلى البحرين لدعم النظام السني وقمع الشيعة، ولا تزال القوات هناك حتى بعد ست سنوات".
ويفيد ريدل بأن "الملك سلمان شارك سلفه في التشكك تجاه أوباما، فتجاهل دعوة لواشنطن، وانتقدت المملكة بهدوء الاتفاقية النووية مع إيران ورفع العقوبات عن طهران، ومع ذلك فقد باعت إدارة أوباما أسلحة للسعودية على مدى ثماني سنوات، بما قيمته 110 مليارات دولار".
ويورد الكاتب أن "الملك سلمان قام بعد اعتلائه العرش بالتدخل في اليمن، كرد فعل على احتلال العاصمة من الثوار الحوثيين والموالين لصالح، وخشيت الرياض من كون إيران على وشك خلق دولة تابعة لها على حدودها الجنوبية، وقام تحالف تقوده السعودية بمحاصرة اليمن، وتنصيب حكومة صديقة في عدن".
ويقول ريدل إنه "بعد سنتين من ذلك التدخل، يموت طفل يمني من الجوع كل 10 دقائق، بحسب إحصاءات اليونيسيف، ويعاني ملايين اليمنيين من سوء التغذية، ويفتقدون إلى الخدمات الصحية، وتتحمل الأطراف المتحاربة كلها مسؤولية هذه النكبة الإنسانية، لكن الحقيقة هي أن البلدان الأثرى في العالم العربي هاجمت البلد الأفقر، ولم يفعل المجتمع الدولي شيئا لوقف المذبحة، وقدمت أمريكا والمملكة المتحدة الطائرات والذخيرة والدعم اللوجستي والاستخباراتي لتسهيل الحرب، وقدمت للسعوديين المساعدات الضرورية لشن الحرب، مع فرض بعض القيود المتفرقة، والناتجة عن غضب الكونغرس وضغطه".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "الملك سلمان يحتاج إلى إيجاد نهاية مشرفة للحرب، فرؤية السعودية 2030 قد تتحول إلى سراب إن بقيت السعودية متورطة في مستنقع اليمن، ويعتزم الملك زيارة عُمان هذا العام، وكان السلطان قابوس وسيطا مهما بين الأطراف المتحاربة في اليمن.. لقد حان الوقت لوقف نزيف الدم".