قضايا وآراء

مهرجان الجونة

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600
كالعادة، بدأت فعاليات مهرجان الجونة السينمائي الذي يمتلكه رجل الأعمال والملياردير نجيب ساويرس. انتهى المهرجان بعواصف من النقد والشجب والسخرية؛ بسبب الفساتين العارية والأجساد المكشوفة لضيوف المهرجان.

ركز الإعلام المصري بكل قنواته المقروءة والمرئية على فساتين الفنانات؛ وكأن مهرجان الجونة مهرجان للأزياء وليس مهرجانا لعرض الأفلام، وكأنه ليس نافذه مهمة للاحتكاك والتواصل والتفاعل والانفتاح على الآخر من خلال السينما.

في كل مهرجانات السينما وكذلك في مسابقات الأوسكار، هناك اهتمام إعلامي بأزياء وإكسسوارات النجمات، ولكن أيضا في المقابل هناك اهتمام بالغ الأهمية ببرنامج المهرجان وبأقسامه السينمائية المختلفة؛ حيث يتم تناولها بالتحليل والنقد وإجراء مقابلات مع صناع الأفلام من ضيوف المهرجان. ويتم أحيانا إجراء المقابلات من خلال وسائل التكنولوجيا للتواصل في حالة تعذر مجيء البعض لظروف خاصة.

وأذكر أن مهرجان "كان" قد أجرى مقابلة عبر السكايب مع، جان لوك جودار، في الندوة الخاصة بفيلمه؛ لتعذر وجوده في المهرجان. وبالتالي أتيحت الفرصة لكل محبي السينما من كل أنحاء العالم، أن يتواصلوا ويتعرفوا عن كثب، بآراء هذا الفنان المهم. هكذا يكون الاهتمام بفعاليات المهرجان؛ تغطية جدية بالمتابعة والتحليل والنقد والعرض والريبورتاجات.. إلخ.

ولكن أن يتوقف الإعلام فقط أمام فساتين الممثلات، فهذا بنظري من عجائب الانحدار والتردي. والذي زاد من الطين بلة هذه السنة هي مقاطعة عريضة من الوسط السينمائي مع الشجب والاتهام؛ بسبب تكريم الممثل الفرنسي جيرارد بارديو.

لقد تركز السبب على ما قيل عن تعاطفه ومناصرته لإسرائيل. هذه المقاطعة جاءت من وجهة نظرهم بأنها محاولة ناعمه للتطبيع من القائمين على المهرجان. كما أضيف اتهام آخر للمثل الفرنسي مفاده أن هناك تحقيقا معه في واقعة اغتصاب بفرنسا، ولم يبت بالتحقيق؛ ولكنه لم يُدن على أية حال إلى الآن.

يظل السؤال قائما: لِمَ أصبح الكلام عن المهرجان مقتصرا على إما التركيز فقط على الجانب الشكلي وإهمال جوهر المهرجان والهدف الذي أقيم من أجله، أو الاعتراض والشجب والمقاطعة، وإن اختلفت الأسباب؟ بعبارة أدق وأكثر قسوة، لقد تحول الاهتمام بمهرجانات السينما كالاهتمام بالأفراح البلدي؛ أجساد عارية وخناقات على المشاريب أو ما شابه. أبدا ليست هناك إشارة واحدة تلقي الضوء على البرنامج؛ وهو بالمناسبة يحتوي على أفلام هامة ومتنوعة. ولكن خناقة المشاريب والمنتدى أهم وأحلى.. أليس كذلك؟
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 03-11-2020 03:35 ص
... عائلة ساويرس من أكثر رجال العالم ثراء، فثروة كل من الأب أنسي وأبناءه الثلاثة تضع كل واحد منهم منفرداُ ضمن رأس قائمة أثرياء العالم، وهي عائلة مصرية قبطية، بدأت أعمال الأب أنسي ببداية متواضعة، وعندما تولى مبارك حكم مصر بعد اغتيال السادات أمام حرسه وفي وسط جيشه في عام 1981، (بما يجعل هناك استحالة في تنفيذ اغتياله دون تواطؤ ومشاركة لم تكشف من داخل الدائرة المقربة من رجاله، وخاصة وأن المنفذين الذين كشف عنهم هم من ضباط المخابرات الحربية والجيش)، وكان عمر الإخوة الثلاث في عام 1981 نجيب ساويرس الأكبر 26 عاما، وسميح 23 سنة، وناصف 19 عاماً، ومن بداية متواضعة لثلاثة شباب أحداث سذج منعدمي الخبرة، تضخمت ثرواتهم بطريقة مريبة وغير طبيعية في مصر التي يعتبر مواطنيها ضمن أفقر شعوب العالم، تزامناً مع إثراء مبارك وابنيه في الثمانينات، وقد سمح لهم بتحويل عشرات المليارات من الدولارات لشراء أصول شركات في دول أجنبية خارج مصر كايطاليا واليونان وكوريا الشمالية والجزائر، ولا يعلم كيف تراكمت تلك الثروات الهائلة بالعملات الأجنبية بين أيدي الشباب الثلاثة، وكيف سمح لهم بتحويلها وتهريبها بالعملات الأجنبية للخارج بالمخالفة للقوانين المصرية، ولكونهم من القبط المصريين، فقد أشيع بأن تلك الأموال هي أموال الكنيسة القبطية المصرية، والواقع أنه لا يوجد أدلة على ذلك، وضخامة الأموال بالعملات الأجنبية المهربة إلى الخارج تحت أعين كل الجهات الرقابية في مصر، لا يترك هناك إلا مصدر واحد ممكن لها، وهي أنها أموال مبارك وابنيه ورجال حكمهم من جنرالات الجيش ورجال السلطة، من أجل تبييض هذه الأموال، وإخفاء اختلاسها من خزانة الدولة المصرية، وقد مولت أسرة ساويرس قبل ثورة 2011 وبعدها شبكة من الأذرع الإعلامية داخل مصر وخارجها كمحطات التليفزيون الفضائية والصحف ومواقع الانترنت والمهرجانات، كما مولت إنشاء احزاب سياسية كان لها دور مريب في التلاعب بالثورة المصرية وإسقاطها لصالح جهات خفية، وفي الوقت الذي قامت فيه العصابة الانقلابية بابتزاز اموال رجال الأعمال الوطنيين وتلفيق الاتهامات لهم، ولم ينج حتى رغيف الفقراء من نهبهم، نجت استثمارات أسرة ساويرس، أو قل استثمارات العصابة الحاكمة القديمة الجديدة، ومهرجان الجونة الذي يكلف عشرات الملايين سنوياُ الذي يقام بتمويل أسرة ساويرس وبرعاية من اطراف عديدة في الدولة المصرية العميقة، الذي اهتم كاتب المقال بمئكلة ملابس ممثلاته وجودة أفلامه، له دلالات أعمق لا يجب أن تخفى على مثل كاتب المقال، كمفكر ووطني معارض لدولة الفساد، قبل أن يكون مجرد ممثل يؤدي أدوار ترفيهية لتغييب الشعب وإلهائه.