قلل
دعاة وباحثون في الشأن الديني؛ من أهمية قرار وزير
الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، بإلغاء جميع تراخيص
معاهد إعداد الدعاة، ومعاهد القرآن والقراءات التابعة لعدد من الجمعيات الدعوية في مصر، والتي كان هو أحد كوادرها قبل ثورة يناير 2011.
ووصف باحثون تحدثوا لـ"
عربي21"؛ القرار بأنه "وقتي"، ولكنه يأتي في سياق استمرار تجفيف منابع الدعوة والعلم الشرعي، وتقربا للنظام الحاكم، تحت مبررات "واهية"، في حين أيد آخرون القرار وطالبوا بتعميمه على جميع المعاهد المماثلة.
وهذه المعاهد تابعة لجهات عديدة، من بينها الجمعية الشرعية، وجمعية أنصار السنة المحمدية، والدعوة السلفية، ومنوط بها تخريج الدعاة وفق مناهج ومقررات دينية أشرف عليها علماء بالأزهر.
خطوة غير مدروسة
وقال الرئيس العام السابق لجمعية أنصار السنة المحمدية، "جمال المراكبي"، لـ"
عربي21": "إنها خطوة غير مدروسة، وخطوة انفعالية، ومع الوقت ستعود تلك المعاهد للعمل مرة أخرى؛ لأن هناك فرقا بين الرؤية المدروسة، والرؤية الارتجالية"، بحسب تعبيره.
وأكد المراكبي أن "العمل داخل المعاهد الدعوية بعيدة عن السياسة والتطرف"، وقال إن هذه المعاهد "تعاملت مع جميع الحقب السياسية الماضية"، مشيرا إلى أن عمر الجمعية الشرعية 100 عام "وهناك تيار في الشارع يعبر عن هذا الفكر، ولا يمكن تجاهله".
ورأى أن قرار إلغاء التصاريح "ثبت فشله مرارا وتكرارا، وتم التراجع عنه مرات عديدة؛ لأنه يأتي استجابة لحادثة، أو واقعة، لا تلبث أن يزول أثرها، ويزول معها القرار"، وفق تقديره.
وأوضح المراكبي أن محاربة الفكر المتطرف "لا يأتي بالإغلاق، والمنع، إنما بالحوار"، مضيفا أن "أي إجراء تعسفي يكون تأثيره مؤقت، ولا يأتي بنتائج عملية".
محاربة الوعي الإسلامي
بدوره، استهجن بشدة أمين عام رابطة علماء أهل السنة، ووكيل وزارة الأوقاف السابق، "جمال عبد الستار" استمرار وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب "بمحاربة الوعي الإسلامي، ومحاصرته، والتضييق على العمل الدعوي من جذوره"، بحسب وصفه.
وقال لـ"
عربي21": "إن هذا القرار لا ينفصل عن محاربة كل ما هو وعي إسلامي، ولا ينفك عن سياسة اعتقال العلماء، وإغلاق المدارس الدعوية، والمراكز الإسلامية، بهدف القضاء على منظومة الوعي الإسلامي والفكرة الإسلامية بصفعة عامة".
وأضاف أن هذا القرار "يأتي في سياق التضييق على الحريات الدينية، فلا توجد حرية تعبد أو تفكر"، متهما وزارة الأوقاف في مصر بأنها "تقوم بلعب دور مشبوه في إفساد، وتدمير وعي الأمة"، وفق تعبيره.
تصفية حسابات قديمة
أما الصحفي والباحث في شؤون المؤسسة الدينية، إسلام فرحات، فأوضح أن هذا القرار له شقان، أولهما شخصي، والثاني تقربا للسلطة، تحت مزاعم تجديد الخطاب الديني، وتوحيد صفوف المؤسسات الدينية.
وقال لـ"
عربي21": "فيما يتعلق بالشق الأول؛ فإنه يأتي لتصفية حسابات ليست قديمة بين مختار جمعة، وزير الأوقاف، والجمعية الشرعية، بوصفه (جمعة) كان عضوا فعالا ومؤثرا فيها حتى ثورة يناير 2011"، حيث تم "إخراجه من هيئة العلماء، ومجلس الإدارة على خلفية علاقته بنظام مبارك".
وأضاف: "أما فيما يتعلق بالشق الآخر، فهي محاولة من وزير الأوقاف لتقديم مزيد من القرابين لهذا النظام الحاكم، من أجل البقاء في المنصب، والحفاظ عليه، وربما السعي لمنصب أعلى"، وفق تقديره.
ونبه فرحات إلى أنه في حال استمرار هذا الوضع "فلا يخرج عن كونه كهنة لهذا الدين، وتجفيف منابع الدعوة الوسطية، والعلم الشرعي الصحيح"، محذرا في الوقت نفسه "من فتح الباب أمام الغلاة، وتمدد قوى الإرهاب، والرجعية والتخلف بتفسيرات وتأويلات مجتزأة"، بحسب تعبيره.
دعوات لإغلاق جميع المعاهد
على الجانب الآخر أبدى أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أحمد كريمة، تأييده لقرار وزارة الأوقاف، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مطالبا "بإغلاق جميع المعاهد".
وقال كريمة لـ"
عربي21": "ينبغي إغلاق تلك المعاهد سواء التابعة، للسلفيين، أو الجمعية الشرعية، أو المتصوفة"، ووصفها بـ"القنابل الموقوته لتفريغ متطفلين على موائد العلم الشرعي"، وفق تعبيره.
وبرر دعوته بقوله: "إنها تستقطب محاضرين يحملون الفكر المتشدد، والمغالي، ولا يلتزمون بالمقرارات، والمواد التي في الورق، والواقع يؤكد ذلك".
وطالب كريمة بإعادة هيكلة المؤسسات الدينية بمصر، وقال: "لا يوجد تجانس، أو تقارب بين الأزهر، أو الأوقاف، أو الإفتاء، فجميعهم يعملون بمعزل عن بعضهم البعض في جزر منعزلة"، واصفا قيادات تلك المؤسسات "بالموظفين، الذين يؤدون عملهم، ضمن خبراتهم، وقدراتهم"، كما قال.