شهدت سنوات ما بعد ثورة 14 كانون ثاني/ يناير 2011، تذبذبا كبيرا في سعر العملة المحلية في
تونس، أمام العملتين الرئيستين الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي.
التذبذب في قيمة
الدينار التونسي، أرجعه العديد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين إلى العجز الكبير في الميزان التجاري، وتراجع القطاع السياحي والاستثمار الأجنبي المباشر، اللذين أدّيا إلى تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة.
وفي الربع الأول من العام الحالي، ارتفع العجز التجاري لمستويات قياسية إلى 3.878 مليارات دينار تساوي 1.64 مليار دولار، مقارنة بـ 1.466 مليار دينار تساوي 621 مليون دولار في الشهر المقابل من عام 2016، وفق إحصائيات المعهد التونسي للإحصاء.
العجز التجاري، رافقه تراجع ملحوظ في قيمة الدينار التونسي، وهو ما أثار مخاوف من نية الحكومة التوجه إلى تعويم الدينار التونسي.
تراجع قياسي
وتراجع سعر صرف الدينار التونسي إلى مستويات قياسية هي الأدنى منذ سنوات، إلى 2.51 دينار للدولار الواحد، مقارنة مع 1.34 دينارا قبيل بدء الثورة قبل 6 أعوام.
كان المركزي التونسي أصدر الأسبوع الماضي، بيانا أكد فيه أن "السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف المعتمدة لا تستهدف تخفيضا في قيمة العملة، أو سعر صرف محدد، أو تعويما للعملة الوطنية".
جاء ذلك، ردا على تصريحات سابقة الشهر الماضي لوزيرة المالية المقالة لمياء الزريبي، قالت فيها إن "البنك المركزي سيقلّص تدخلاته لخفض الدينار تدريجيا، ولكنه لن يسمح بانزلاق كبير للعملة المحلية مثلما حدث في مصر عندما جرى تعويم الجنيه".
بداية الخسائر
وتشير الأرقام والبيانات المتاحة، إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي بلغ نحو 1.26 دينارا تونسيا، قبيل أيام من اندلاع الثورة التونسية، بينما بلغ اليورو الأوروبي 1.81 دينارا خلال نفس الفترة.
ومطلع العام 2012، تراجع سعر العملة التونسية إلى 1.42 دينارا/ دولار واحد، بينما بلغ 1.93 دينارا مقابل اليورو الأوروبي.
وواصل الدينار التونسي تراجعه أمام الدولار الأمريكي مطلع 2013، إلى 1.53 دينارا/ دولار واحد، بينما بلغ 2.05 دينار/ اليورو الأوروبي.
ومطلع 2014، سجل الدينار التونسي هبوطا إضافيا أمام الدولار إلى 1.66 دينارا، بينما بلغ 2.15 دينار مقابل العملة الأوروبية الموحدة.
وتحسنت العملة المحلية مع الإعلان عن الدستور التونسي في 2014، وارتفع سعر الدينار أمام سلة العملات الأجنبية بنسبة 7.3% أمام الدولار، إلى 1.54 دينارا وهو أعلى سعر للدينار في ذلك العام.
حكومة الحبيب
ولم يمنح الإعلان عن تشكيل حكومة الحبيب الصيد في فبراير/ شباط 2015، الثقة للاقتصاد والعملة المحلية، وتراجع سعر صرف العملة المحلية إلى 1.89 دينارا/ دولار واحد، و2.18 دينار مقابل اليورو.
وواصل الدينار انحداره، مع وقوع تفجيرات إرهابية استهدفت معالم سياحية وحافلة تقل رجال أمن خلال فترات مختلفة من العام 2015، تراجعت خلالها العملة المحلية.
وسجل سعر صرف العملة المحلية 2.2 دولار، مع استمرار التحوفات الأمنية، بينما حافظت على تماسكها أمام اليورو في حدود دينارين اثنين، بسبب تراجع العملة الأوروبية.
ومع ارتفاع التخوفات
الاقتصادية وصدور تقارير تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة على أساس فصلي في 2016 وتباطؤ نمو
الاستثمارات الجديدة، واصل الدينار تراجعه إلى مستويات جديدة مع بداية العام الجاري.
وسجل أدنى سعر للدينار التونسي مقابل الدولار في 2016، عند 2.34 دينار/ دولار واحد، ونحو 2.44 دينار/ يورو واحد.
تحرير سوق الصرف
ودفعت تصريحات إذاعية نسبت لوزيرة المالية المقالة لمياء الزريبي الشهر الماضي، قالت فيها إن البنك المركزي سينفذ تنازلا تدريجيا في تحكمه بأسعار الصرف (تعويم جزئي)، إلى هبوط أكبر في أسعار صرف الدينار مقابل الدولار واليورو.
وبعد نحو أسبوعين من تلك التصريحات، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد في بيان مطلع الأسبوع الجاري، عن إقالة الزريبي دون إبداء أسباب لذلك.
وبلغ سعر صرف العملة المحلية، مساء الثلاثاء، 2.44 دينار/ دولار واحد، بينما بلغ 2.66 دينار مقابل العملة الأوروبية الموحدة.