بدأت الحكومة
المصرية مطلع الشهر الجاري، موازنة العام الجاري 2017/ 2018، وسط توقعات حكومية، بتحقيق معدل نمو اقتصادي 4.6 بالمائة، وخفض العجز الكلي إلى 9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويواجه مشروع الموازنة العامة بحسب البنود الواردة في بيان وزارة المالية، عدداً من
المخاطر، في الوقت الذي تشهد فيه اقتصادات كبرى تحولات سياسية واقتصادية، قد يكون لها تداعيات مختلفة على أسعار الفائدة وأسعار الصرف وحركة التجارة العالمية.
أول المخاطر التي تواجه مشروع الموازنة المصرية، يتمثل في تراجع معدل النمو سواء كان ناتجا عن أسباب محلية أو خارجية، والذي تبنى عليه العديد من بنود الموازنة مثل تقديرات الإيرادات الضريبية والجمركية والاستثمارات.
ويقدر مشروع الموازنة، زيادة الإيرادات بنسبة 29.6 بالمائة إلى 834.6 مليار جنيه تساوي 46.3 مليار دولار وزيادة المصروفات بنسبة 21.3 بالمائة إلى نحو 1.2 تريليون جنيه تساوي 66.6 مليار دولار في العام المالي الجاري.
ويؤدي تراجع معدل النمو عن المستهدف، إلى التأثير مباشرة على المستهدفات الأخرى مثل العجز الكلي والأولي والدين العام.
وخفضت مصر توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي إلى 4 بالمائة، خلال العام المالي الماضي 2016/2017، مقابل 5 بالمائة قبل تحرير سعر الصرف.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع تموز / يوليو حتى نهاية حزيران / يونيو من العام التالي، وفق قانون الموازنة المصرية.
تباطؤ التجارة
ثاني المخاطر، يتمثل في تباطؤ التجارة العالمية، والمتوقع أن تحقق معدل نمو نحو 3.3 بالمائة و3.7 بالمائة عامي 2017 و2018، ما يؤثر على حصيلة الإيرادات العامة المصرية من قناة السويس والضرائب الجمركية والضرائب على الواردات والصادرات، وتحقيق نمو محدود لصادرات السلع والخدمات.
الخطر الثالث، يتجسد في سعر الصرف وخاصة بعد إقدام مصر على تحرير سعر الجنيه، وبالتالي من المحتمل أن يؤدي أي تحرك في سعر الصرف أثناء العام المالي الجاري، عن المقدر أثناء الإعداد، إلى التأثير على الجمارك والمواد البترولية والغذائية وضرائب البنك المركزي وضرائب الأذون والسندات.
ويقدر مشروع الموازنة المصرية سعر الدولار مقابل 16 جنيها، مقابل نحو 18 جنيها حاليا.
وتوقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في آذار / مارس الماضي، أن يبلغ سعر صرف الدولار نحو 14.8 جنيهاً في العام المالي 2016/2017 و16.5 جنيها في العام المالي 2017/2018 و16 جنيها في العام المالي 2018/2019.
أسعار الفائدة
الخطر الرابع، يشمل سعر الفائدة، حيث يؤدي تبني دول كثيرة لسياسات نقدية انكماشية خلال المرحلة المقبلة لخفض معدلات التضخم، إلى التأثير سلبا على الاقتصاد المصري.
والشهر الماضي، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، رفع أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بنسبة 25 نقطة أساس، إلى نطاق 1 بالمائة - 1.25 بالمائة.
ويتجسد التأثير السلبي في نقص حجم المعروض من النقد الأجنبي وبالتالي استمرار تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وارتفاع تكلفة الاقتراض لتوفير التمويل الضروري لسد عجز الموازنة.
ويتضمن مشروع الموازنة العامة، اقتراض وإصدار أوراق مالية بقيمة 635 مليار جنيه تساوي 35.2 مليار دولار في العام المالي المقبل مقابل نحو 575 مليار جنيه تساوي 31.9 مليار دولار في العام المالي الجاري.
أزمة النفط
الخطر الخامس، ارتفاع أسعار النفط إلى 55 دولارا للبرميل في 2017، ما سيكون له مردود سلبي على الموازنة من خلال الحد من الموارد المتاحة لتعزيز الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي.
ويقدر مشروع الموازنة المصرية متوسط سعر برميل برنت مقابل 55 دولارا في العام المالي الجاري 2017/2018، مقابل نحو 50 دولاراً في العام المالي الماضي.
وينطبق الأمر على أسعار القمح والمواد الغذائية، مما سيكون له تأثير مباشر على زيادة مخصصات الدعم للمواد البترولية والكهرباء.
وتقدر الموازنة العامة المصرية، متوسط سعر طن القمح العالمي مقابل 222 دولارا في العام المالي الجاري مقابل 217.1 دولاراً في العام المالي الماضي.
وتستهدف مصر استيراد نحو 5.2 ملايين طن قمح من الخارج في العام المالي الجاري.
التزامات ضخمة
كما تعتبر الالتزامات المحتملة (الضمانات والالتزامات المالية)، من مصادر المخاطر المالية وهي تتمثل في التزامات مالية غير مؤكدة الحدوث، وغير محددة القيمة والتوقيت، وتنشأ نتيجة أحداث ماضية وقد يترتب عليها تدفقات نقدية خارجة من الخزانة العامة للدولة.
وتشمل المخاطر أيضا، التعويضات المحتمل سدادها نتيجة الفصل في قضايا التحكيم المرفوعة على الحكومة المصرية أو تسويتها وديا.
وفي نهاية نيسان/أبريل 2017، قضت المحكمة الفيدرالية العليا السويسرية، بأن تدفع مصر غرامة قدرها ملياري دولار لصالح شركة الكهرباء في إسرائيل بسبب "خرق العقود السابقة".
ويمثل ارتفاع حجم المديونية من الأدوات المالية قصيرة الأجل، المحور السادس في قائمة المخاطر، وذلك لحتمية إعادة التمويل في المدى المتوسط في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، مما سيكون له أثر على مدفوعات الفوائد واستدامة الدين.
وفي 31 أيار / مايو 2017، قال وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، إن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بلغت 136 مليار جنيه تساوي 7.5 مليارات دولار، منذ تحرير سعر صرف الجنيه في تشرين الثاني / نوفمبر 2016.
وكانت وكالة موديز قد ذكرت مؤخرا أن الأهداف الطموحة لضبط أوضاع المالية العامة بمصر ستكون صعبة التحقيق، ويمكن أن تواجه مخاطر أثناء التنفيذ في حال تصاعد السخط العام.