كان ذبح الجندي
اللبناني علي السيد في شريط فيديو مدعاة للخوف بين سنّة لبنان الذين هم ضحايا ومصادر للراديكالية الإسلامية التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها على شاطئ البحر المتوسط.
وعبر الشيخ نبيل رحيم من هيئة علماء المسلمين في لبنان عن ذلك بالقول "هذه مشكلتنا: فمعظم الحكومة لا تقبلنا ولا تثق بنا، فيما يريد
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (
داعش) قتلنا، لأنه ينظر للسنّة على أنهم ليسوا معه بل أسوأ من الكفار من الطوائف الأخرى".
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" إن لبنان الذي يعيش توازنا طائفيا حقيقيا، ولديه حكومة ضعيفة، يخشى من أن يكون الدور قد جاء عليه، بعد قيام داعش بالسيطرة على ثلث أراضي سوريا والعراق.
وتضيف: "في الوقت الحالي ليس للتنظيم الكثير من الأتباع في لبنان -البلد الذي يشتهر بنواديه الليلية وحاناته أكثر من المتطرفين- لكن الراديكالية في انتشار والنزاع على السلطة بين الغالبية السنية والشيعية والأقليات المسيحية والدرزية يجعل من لبنان قابلا للاهتزاز بسرعة".
وتعترف الصحيفة بأن "هجمات حاسمة ومدهشة مثل تلك التي قام بها التنظيم في الجارة سوريا والعراق ستكون صعبة، فسيواجِه قوة حزب الله الضخمة؛ الجماعة الشيعية المدعومة من إيران، والذي يتسيّد الحكومة ويُعتبر المنظمة غير الحكومية الوحيدة المسموح لها بالحفاظ على سلاحها بعد الحرب الأهلية في الفترة ما بين 1975-1990".
لكن السنّة الذين تقول الصحيفة إنهم (الأقلية الثانية الأكبر بعد الشيعة مع أن نسبتهما متطابقة تقريبا) قد يكون من السهل استغلالهم، فهم يشعرون بنفس إحساس التمييز والتهميش وفقدان القيادة القوية التي دفعت سنّة العراق وسوريا للتسامح مع داعش. ويقول رحيم الذي يعيش في المدينة الساحلية طرابلس: "في الواقع عدد الناشطين في داعش قليل هنا"، ويضيف: "لكن مخاوفي هي أن ينجح داعش في بناء قاعدة له، عندها سيكون هناك المئات ممن سيؤيدونه في الشمال".
ويعتبر الإقليم الشمالي الأفقر بين الأقاليم اللبنانية. ويجد الكثير من الشبان في الانضمام للجيش وسيلة للتغلب على الفقر والبطالة. وتحاول رابطة علماء لبنان التفاوض للإفراج عن 30 من الجنود المختطفين من قبل داعش ومن جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، حيث تم اختطافهم عندما سيطرت الجماعتان بشكل قصير على البلدة الحدودية عرسال. وتطالب الجماعتان السلطة اللبنانية بمبادلتهم بقيادات معتقلة لدى الأمن اللبناني. وكان إعدام علي السيد أول رسالة تحذيرية.
ورغم أن الجنود المختطفين لدى داعش هم من كل الطوائف، إلا أن السنّة يرون في رفض الحكومة دفع فدية أو مبادلتهم دليلا على عدم الاهتمام.
ويشيرون إلى قيام الحكومة سابقا بعقد صفقات للإفراج عن ممرضات وحجاج شيعة اختطفهم المقاتلون السوريون.
ويقول سليم الرفاعي، وهو شيخ سلفي مؤثر في طرابلس: "الفقر ليس مشكلة، ولكن الظلم هو المشكلة". وكان الرفاعي قد أصيب برصاصة في رجله وهو في طريقه للتفاوض مع الخاطفين على الحدود.
وتقول كاتبة التقرير إريكا سولومون إن مشايخ مثل الرفاعي يعارضون داعش، ولكنهم ليسوا معتدلين، حيث يتهمهم نقادهم بالقرب من المتشددين، وأن خطاباتهم دفعت الشباب للقيام بعمليات انتحارية في سوريا والعراق.
ويرفض رحيم والرفاعي تلك الاتهامات، حيث يقولون إن فهمهم للدين يجعلهم وسطاء جيدين مع المتشددين. وفي حال نجحت وساطاتهم فستعزز ثقة السنّة بالدولة.
وقال رجل كان يزور الشيخ الرفاعي "لقد تم وقفنا على حواجز الجيش واعتقلنا دون أن نقدم لمحاكمة، وتمت معاملتنا كمجرمين، ولا نشعر أن لنا مكانا هنا".
وتعلق الصحيفة على ذلك بالقول إن مشاعر كهذه تكشف عن توتر طائفي، وهو ما يمنح داعش الفرصة كما حدث في العراق وسوريا.
وتنتشر في طرابلس المظاهر التي تشير إلى تعاطف السكان مع سوريا، حيث تعلق صور من سقطوا في القتال هناك. وهي مظاهر ليست خطيرة، وما هو خطير يتمثل في مجموعة صغيرة من المتعاطفين مع داعش. ويقول شيخ سلفي "لا أسلم على النساء، ولا أعتقد أن هذا خطأ، ولكن عندما يقوم هؤلاء الأشخاص بوضع صورتي وتوزيعها على الفيسبوك وتويتر مع تهديدات"، فهذا مقلق.
ويعتقد هو وغيره من المشايخ أن هناك 20 خلية مؤيدة لداعش في طرابلس. ويقول "يجب على الحكومة مساعدتنا حتى نصبح أقوياء"، مضيفا "وصلني بلاغ من الحكومة بأنني في خطر، ولكن لم توفر لي حماية، وكل ما يلزم لقتلي هو رصاصة".
وترك الرفاعي المفاوضات بعد إصابته، لكن عملية الوساطة انهارت تقريبا بسبب الخلافات حول طريقة إدارتها بدون إثارة العنف الطائفي.
والوضع خطير وقد يتدهور في أي وقت ويتطور إلى عنف طائفي في حال هاجم داعش وجبهة النصرة قرىً شيعية او قاموا بإعدام أحد الجنود الشيعة.
ويرى المفاوضون السنّة أن قرار قتل السيد جاء من القيادة المركزية لداعش، ولم يكن قرارا ميدانيا، مما يُظهر أن الفرع اللبناني الصغير دُمج في القيادة المركزية لداعش.