قال الإعلامي
المصري المقرب من رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، "إبراهيم عيسى"، إن "الشعب السعودي يجب أن يحاسب حكومته عن تقصيرها، وفشلها".
وفي أحدث مقالاته، الخميس، اتهم عيسى
السعودية بإعلان رقم السبعمائة لضحايا حادثة تدافع الحجيج في
منى، بينما كل المؤشرات غير السعودية، تقول إنهم تجاوزوا الألفين، وربما أعلى من ذلك"، حسبما قال.
وسخر من اعتبار الحوادث التي صاحبت حج هذا العام نجاحا. واتهم الإعلام المصري بأنه باع الحجاج المصريين "الميت، والمفقود"، بمنتهى البساطة، وفق وصفه.
جاء ذلك في مقاله بعنوان "حكومتنا البكماء التي باعت حجاجنا في السعودية"، بجريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها.
وفي بداية المقال قال عيسى: "ماجت مصر فزعا كلها عقب سقوط عشرين شابا ضحية تدافع أمام استاد الدفاع الجوي، ولم يكن هناك بيت واحد في هذا البلد لم ينتفض بالأسى، والألم، والغضب".
وتساءل: "لماذا يا ترى.. مصر باردة جدا مع كل هؤلاء الضحايا من الحجاج المصريين في حادث التدافع في منى بالسعودية؟".
وأضاف: "الحكم والحكومة والإعلام، بوسائطه كلها، لم يسكتوا لحظة إزاء حادث الاستاد، بينما خرسوا تقريبا مع حادث الحجيج".
وتابع: "بدا كأن دم شبابنا من مشجعي الكرة أغلى وأهم من دم حجاجنا العواجيز والكهول".
وتساءل: "أم أن الفرق هنا يكمن في السعودية؟".
وأجاب: "مصر تتعامل الآن مع أكثر من مائة من حجاجها.. مفقودين في السعودية، كأنه حدث طبيعي، وعادي، كما أن الحجاج أغبياء لأنهم يتدافعون بشكل غير حضاري، فماتوا نتيجة الاندفاع.. كما يصم ويصف البعض لتبرئة السعودية".
وأضاف أن المفقودين - أيضا - من الحجاج يتم التعامل معهم بمنتهى البرود و"اللكاعة"، و"حيروحوا فين يعني، وبندور في المستشفيات، وفي المشارح، ويمكن ماتوا، وربنا يسهل، وما نفقدش الأمل، وكلمنا القنصل، واسأل في السفارة، ومنتظرين مسؤول البعثة، وكل هذه الردود الهرائية التي يسمعها أهالي المفقودين من حكومتنا"، وفق وصفه.
وأردف: "ليس الأمر أمر حكومة فقط، بل إعلامنا المصري باع الحجيج، الميت والمفقود، بمنتهى البساطة، فلا هم من هموم برامجنا، ولا بواكي لهم، ولا مقدمات نارية عنهم، ولا مناظرات حولهم، ولا انتقادات لصمت الحكومة، ولا استجوابات للمسؤولين السعوديين".
واستطرد: "نحن لا نتحدث هنا عن حادث ضبط مواطن مصري يهرب عقاقير مخدرة في مطار سعودي، ولا مخالفين لنظام الكفيل في السعودية، ومحبوسين في سجونها، فالشعب المصري ليس شعبا من الملائكة، ولا شعبا كذلك أصلا، لكننا نتكلم عن ضحايا مصريين أبرياء نتيجة الإهمال، والتقصير السعودي".
وتابع: "هذا التعامل الأليف مع الحادث المفجع سببه أن السعودية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عنه، فلا نجد عشرة في المائة من الاهتمام الذي وجدناه، ونحن نهاجم حكومتنا للتقصير في حوادث أقل مائة مرة مما جرى في
الحج، لأننا نستطيع - بمنتهى البسالة - أن نهاجم تقصير حكومتنا.. بينما نخرس خالص عن نقد (لا أقول مهاجمة) تقصير الحكومة السعودية.. أحسن السعودية تزعل، وأحسن إيران تشمت"، وفق وصفه.
وهنا أشار عيسى إلى أن "السعودية اكتفت بإعلان رقم السبعمائة كضحايا، وهم حسب كل المؤشرات غير السعودية، تجاوزوا الألفين، وربما أعلى من ذلك، لكن التكتم والسرية والإخفاء تمنع عن العالم الحقيقة"، على حد قوله.
ثم تساءل: "طيب.. وحجاجنا يا جماعة؟".
وأجاب: "يصرخون ساعتها، ويتهمون من يسأل عن مسؤولية القتلى، بأنه يريد استغلال الحادث، وأنه يتاجر بدم الحجاج، كأن كل هذا الإعلام، وكل هؤلاء السياسيين، الذين يطاردوننا ليل نهار بدم الشهداء، وحق ضحايا الثورة، وحقوق ضحايا استادي بورسعيد والدفاع الجوي.. يتاجرون بالدم".
وأردف: "كأننا حين نطالب بالتحقيق العادل النزيه في حوادث مزلقانات وقطارات تؤدي إلى مئات الضحايا إنما نتاجر بهؤلاء الضحايا أو نستغل الحوادث ضد حكومتنا".
ووصف الكاتب ذلك بأنه "فصام في الشخصية مذهل، وازدواج قاتل في المعايير، وتخل عن مواطنيك، وحقوقهم، وعن مهنتك، ورسالتك الإعلامية، والإنسانية، والسياسية، وعن مسؤوليتك كحكومة، ودولة، من أجل خاطر أن لا تمس السعودية بتهمة تقصير، وإهمال".
ثم تساءل عيسى مستنكرا: "إذا لم تكن هذه هي التبعية.. فما هي يا ترى؟".
ومضى في تساؤلاته: "إذا لم يكن هذا هو الرضا بالدنية في مواطنينا، ووطننا.. فما هو يا ترى؟".
وتابع قائلا: "الشعب السعودي نفسه يجب أن يحاسب حكومته عن تقصيرها، وفشلها.. (هل تسمي هذه الحوادث التي صاحبت حج هذا العام نجاحا؟)".
وأشار إلى أن "الملك السعودي نفسه أقال عددا من المسؤولين عن الحج من مناصبهم.. اعترافا واضحا بالفشل، والتقصير"، وفق وصفه.
واختتم عيسى مقاله متسائلا: "لماذا يتحول سياسيونا، ومسؤولونا، وإعلامنا، إلى ملكي أكثر من الملك، وسعودي أكثر من السعوديين؟"، بحسب تساؤله.