"الأسد النائم" وصف يطلق على مدينة
الخليل في
الضفة الغربية، فالضربات التي تلقاها الاحتلال في الخليل مؤخرا، جعلتها بحسب خبير في الشأن
الإسرائيلي، مسرحا لعمليات الإعدام الميداني التي تمارسها قوات الاحتلال بحق
الفلسطينيين هناك، كما دفع ذلك العديد من شباب الخليل لتنفيذ علميات ضد جنود الاحتلال.
وحازت الخليل على أعلى عدد من الشهداء الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال خلال الانتفاضة الثالثة، والتي انطلقت شرارتها بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث وصل إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 74 شهيدا، بينهم 19 من الخليل، بحسب إحصائية وزارة الصحة الفلسطينية.
وتعد محافظة الخليل من أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث تبلغ مساحتها 997 كيلومترا مربعا، ويقدر عدد سكانها بأكثر من 800 ألف نسمة. وتتغلل عشرات المستوطنات الإسرائيلية داخل المحافظة، ويطوقها البعض الآخر. ومن أبرز معالمها المسجد الإبراهيمي الشريف الذي يسيطر عليه الاحتلال ويقسمه.
خطف المستوطنين الثلاثة
وتشكل مدينة الخليل "عصب العمليات الفلسطينية ضد جنود الاحتلال في الأسابيع الأخيرة"، بحسب الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، الذي أكد أن "تمكن الفلسطينيين من تنفيذ تسع عمليات خلال أيام قليلة في الخليل؛ أثرت على المستوطنين والجنود بشكل كبير".
وأضاف لـ"
عربي21": "يعتقد الإسرائيليون أن الخليل تشكل أغلبية سكانية كبيرة مؤيدة لحماس؛ حيث شهدت خروج العديد من الخلايا المسلحة التي نفذت عمليات أوجعت العدو، وكان من أبرزها خطف المستوطنين الثلاثة العام الماضي".
ويشمل الاحتكاك المتواصل مع المستوطنين على مدار الساعة "مادة دسمة لحصول عمليات مسلحة بشكل دائم في كافة أنحاء المدنية"، وذلك بحسب الخبير الذي أكد أن "هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الخليل مدينة مرشحة لتكون بقعة العمليات في الفترة القادمة، إذا ما تواصلت عمليات القمع الإسرائيلية"، بحسب قوله.
وحول الاستهداف المباشر لأهل الخليل من قبل قوات الاحتلال، قال أبو عامر: "الإسرائيليون يرون أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم؛ لذا يحاولون تنفيذ عقوبات إعدام ميدانية لبث الرعب في نفوس أهل الخليل، وهدم منازلهم، وتقطيع أوصال مدينتهم، في محاولة من شأنها منع تنفيذ الفلسطينيين عمليات هجومية قادمة، وإشغالهم في الدفاع عن أنفسهم".
الحراك ذو طبيعة شعبية
وتابع أبو عامر قائلا: "الضربات الموجعة للاحتلال من قبل الخلايلة (أهالي الخليل)، تأتي في سياق تعويض تأخر انضمام تلك المدنية للانتفاضة الثالثة"، وفق تقديره.
من جانبها، أوضحت الكاتبة لمى خاطر؛ أن الخليل هي المدينة الوحيدة في الضفة الغربية المحتلة التي يوجد بداخلها بؤر استيطانية في أكثر المناطق ازدحاما، وهو ما يعرف بـ"الحي اليهودي" داخل البلدة القديمة، ما يدفع على الدوام إلى وجود أعداد كبيرة من جنود الاحتلال لحماية المستوطنين.
وأضافت لـ"
عربي21": "سيطرة الاحتلال على جنوب الخليل وفصلها عن الشمال، أنتج حالة دائمة من الاحتقان عند المواطن الفلسطيني"، مؤكدة أن المواطن الخليلي "يتعرض بشكل مستمر لكثير من المضايقات، من أجل دفعة ترك المناطق الجنوبية، كي يتمكن الاحتلال من إحكام السيطرة عليها"، وفق قولها.
وقالت خاطر: "الخليل دوما في حالة مقاومة وحراك ميداني مستمر، حتى أصبح هذا الحراك ذو طبيعة شعبية عامة"، مرجعة ذلك "لأن معظم قطاعات الشعب انخرطت في المواجهات مع الاحتلال، وهو ما يفسر حالات الإعدام الميداني الذي تمارسها قوات الاحتلال".
الدماء التي سالت لن تمر
وأشارت إلى أن أهل الخليل لديهم "شعور مقاوم بالفطرة، لذا تجدهم عند أي استهداف من قبل الاحتلال يتقدمون دون توجيه من أحد"، موضحة أن "العامل العشائري أحد أهم وأقوى ما يميز الخليل"، وفق تقديرها.
وحول قدرة الاحتلال على فك عقدة الخليل، رأى الناشط الفلسطيني في مقاومة الاستيطان، عيسى عمرو، أنه لا يمكن للاحتلال أن "يفك عقدة الخليل؛ لأنها مدينة تربى شبابها على المقاومة ورفض الاحتلال بكل أشكاله"، مشيرا إلى أن الخليل لا تتعرض فقط لقتل شبابها من قبل جنود الاحتلال دون سبب، لكنها "تعرضت وتتعرض لحملة تهويد كبيره جدا".
وأكد لـ"
عربي21"، أن الاحتلال لا يستطيع تمرير مخططاته التهويدية في الخليل، وذلك "للصعوبات الكبيرة الناجمة عن مقاومة أهل الخليل لكل أشكال التهويد"، منوها أن "معظم محاولات الاحتلال بالتغلغل في الأسرة الفلسطينية الخليلية باءت بالفشل"، بحسب تعبيره.