تنوعت ردود فعل السياسيين والنخبة بتونس، حول المبادرة التشريعية المتعلقة بالمساواة في
الميراث بين الجنسين، التي كشف عنها النائب المستقل مهدي بن غربية، في مؤتمر صحفي عقده الاثنين.
وقال المحلل السياسي وخبير القانون الدستوري، قيس سعيد، إن "قضية الإرث والأحوال الشخصية حسمها القانون والتاريخ، ولكن للأسف؛ تتم إثارتها للانحراف بالمسار الذي حدد معالمه الشباب
التونسي المتطلع إلى الحرية والكرامة في وطن حر".
وأضاف لـ"
عربي21" أن إثارة موضوع "
المساواة بالإرث" في هذا التوقيت بالذات؛ يخفي رغبة أكيدة في تغييب مواضيع أخرى، كمشروع قانون المصالحة الوطني.
انحراف بالمطالب
وأوضح سعيد أن "الانحراف بمطالب التونسيين، وخاصة الشباب، انطلق مباشرة غداة 14 كانون الثاني/يناير 2011، حين بدأت المطالبة من قبل عدد قليل بدولة لائكية، وأثير موضوع المساواة بالميراث، والسماح بالمثلية الجنسية، وهي قضايا لا أعتقد أن الذي انتفض خلال الثورة التونسية كان يفكر فيها".
وأكد أن شباب الثورة طالبوا بـ"الشغل والكرامة والحرية، وليس بالمساواة في الميراث"، مشددا على أن أحدا مهما كان موقعه؛ لا يستطيع اليوم أن يغير مسار التاريخ في تونس، الذي انطلق بمجموعة من الثوابت الشرعية والمجتمعية".
خارج السياق الوطني
من جانبه؛ قال رئيس مجلس شورى حركة النهضة، فتحي العيادي، في منشور له على الصفحة الرسمية للحركة في "فيسبوك"، إن "النهضة" مشغولة بقضايا أساسية؛ أهمها التنمية، والحد من نسب البطالة، وتحسين الوضع الأمني، لافتا إلى أن مبادرة المساواة بالميراث بين الجنسين "جاءت خارج السياق الوطني، ولا تفيد التونسيين في شيء"، وفق تعبيره.
وأكدت النائب بمجلس نواب الشعب عن كتلة "النهضة" محرزية العبيدي، أن موقف حركتها من مبادرة المساواة بالميراث بين
الرجل والمرأة "محسوم، ولا مجال لانتظار تغيير في توجهها الرافض لهذه المبادرة".
فرصة للمتطرفين
وأشارت العبيدي في تصريح لصحيفة "الشارع المغاربي" إلى أن "النهضة حزب محافظ، صوّت الشعب له في الانتخابات لتحسين الأمور الاقتصادية والأمنية ومعيشة المواطن، وليس لتغيير الأسس التي نشأ عليها مجتمعنا منذ عقود".
وعدت النائب عن حركة النهضة، يمينة الزغلامي، المبادرة التشريعية للمساواة بالميراث "فرصة للمتطرفين" على حد وصفها، متسائلة في تصريح لإذاعة موزاييك: "لماذا لا يتم الحديث عن
المرأة الريفية وغيرها من النساء اللاتي يعانين؟ وما هي المنفعة السياسية من طرح هذا الملف الآن؟".
وهاجمت الإعلامية والناشطة نزيهة رجيبة، المعروفة باسم "أم زياد"، في منشور لها على صفحتها في "فيسبوك" النائب بن غربية ومبادرته، وقالت إن "هذه المبادرة تخدم النهضة والنداء، وفخ وامتحان غير نزيه للأحزاب التقدمية واليسارية؛ كي يوقعها في ورطة بين الوفاء لمبادئها، وإغضاب جمهور الناخبين وسوادهم الأعظم، الذي هو سواد أعظم مناهض للمساواة بين النساء والرجال بشدة وشراسة، رغم الكوستيم (البدلة الأنيقة) والآيباد، وكل مكياج الحضارة" وفق تعبيرها.
"غزو البرلمان"
من جانبه؛ نشر الإمام السابق لجامع "اللخمي" بمحافظة صفاقس، رضا الجوادي، وثيقة تشير إلى وجود أكثر من 30 حالة يكون فيها نصيب المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، "أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، مقابل وجود أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل".
بينما توعد رئيس جمعية ملتقى الأئمة، الشيخ محمد الهنتاتي، بأنه سيتصدى لهذه المبادرة بـ"غزو البرلمان"، موضحا أن "الغزوة ستكون سلمية، وليست إرهابية".
واعتبر في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" خلال حضوره المؤتمر الصحفي للنائب بن غربية، أن "مبادرة المساواة بالميراث؛ تفتح بابا من أبواب جهنم".
مبادرة نبيلة
من جانبها؛ ثمنت الأستاذة الجامعية رجاء بن سلامة، في حوار لها على إذاعة "شمس أف أم" المبادرة التشريعية للنائب مهدي بن غربية، واصفة إياها بـ"مبادرة نبيلة كان من الأجدى أن تجتمع عدة أطراف لتقديمها".
وقالت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات، منية بن جميع، في تصريح إعلامي، إن جمعيتها تسعى حاليا إلى مطالبة الحكومة بتفعيل ما جاء في دستور ما بعد الثورة، في ما يتعلق بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل، "حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق، وشعارات رنانة ترفعها الحكومة في بعض المناسبات الوطنية".