نشرت صحيفة "ليكسبراس" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى مصير
تنظيم الدولة الذي من المنتظر أن يُطرد قريبا من معقله في مدينة
الرقة السورية بعد أن حكمها لأكثر من ثلاث سنوات ونصف. واستعرضت الصحيفة عددا من السيناريوهات المحتملة التي ستشهدها هذه المحافظة بعد التخلص من فلول التنظيم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن سقوط الرقة، عاصمة تنظيم الدولة في
سوريا، من شأنه أن يبعث شيئا من الراحة في المنطقة، خاصة إثر فقدان التنظيم مدينة الموصل في العراق.
وتشن قوات سوريا الديمقراطية، وهي عبارة عن تحالف يضم مليشيات كردية وعربية مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، هجوما كبيرا على الرقة من ثلاث جهات.
وذكرت الصحيفة أن قوات سوريا الديمقراطية تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، في حين أن أغلب سكان المدينة هم من العرب السنة. وفي وقت سابق اتهمت منظمات غير حكومية
الوحدات الكردية بتدمير بلدات واقعة في مناطق خاضعة لسيطرتها، فضلا عن تهجير سكانها.
لكن السؤال هو: من سيدير الرقة بعد تحريرها: العرب أم الأكراد؟ وفي هذا الإطار، من المرجح أن يُسلم حزب الاتحاد الديمقراطي إدارة مدينة الرقة لصالح لجنة محلية، تماما كما فعل إثر السيطر على مدينة منبج، ذات الأغلبية العربية.
ويشار إلى أن المجلس المحلي الذي يدير مدينة منبج خاضع لإشراف وحدات حماية الشعب الكردية حتى الآن. أما بالنسبة لمدينة الرقة فمن المرجح أن يختلف الأمر تماما، وفقا لما أكده النائب السوري فيصل السيباط، العضو البارز في إحدى العشائر العربية في الرقة. وفي هذا الصدد، قال السيباط إن "أعضاء العشائر الذين سيشاركون في المجلس لا يمثلون سوى أنفسهم".
ونقلت الصحيفة على لسان الباحث اللبناني المقيم في باريس، زياد ماجد، أنه "في حال تم تعيين مجلس لإدارة مدينة الرقة دون أن يحظى بموافقة سكانها، فقد يؤدي ذلك إلى نشوب توترات، خاصة إذا ما انتهج الأكراد حكما استبداديا، كما هو الحال تماما في المناطق الخاضعة لرقابة وحدات حماية الشعب". وأضاف: "في المقابل، لا يجب أن نتناسى قوات النظام والثوار المدعومين من قبل تركيا، حيث يمكن لهذين الطرفين أن يتدخلا أيضا في معركة الرقة".
ولم يخف مراقبون مخاوفهم بشأن محاولة وحدات حماية الشعب التقرب من النظام السوري ودفعه للمشاركة في بعض المهمات الخاصة في إطار مساعيها لتحرير مدينة الرقة. علما بأن الوحدات دخلت منذ سنة 2011، في تحالفات سرية مع النظام السوري. وقد تجلى هذا التقارب بين الطرفين خلال معركة حلب، حيث قامت القوات الكردية بالتخلي عن العديد من البلدات، التي استعادتها من تنظيم الدولة لصالح النظام بهدف وضع حد للتقدم التركي في هذه المناطق القريبة من مدينة منبج.
وأوضحت الصحيفة أنه بالنسبة لمدينة الرقة، يمكن للنظام أن "يفرض" رقابته عليها عن طريق قوات سوريا الديمقراطية. وفي سيناريو آخر، من المرجح أن الأسد لن يتخلى عن طموحه في ضم كامل ربوع البلاد تحت سيطرته، خاصة وأنه يتمتع بدعم من قبل كل من روسيا وإيران. لكن أستاذ التاريخ ستيفان مونتو يستبعد هذا الاحتمال، مبينا أنه "في الواقع لا يتوافق الأسد مع الدول الحامية له، أي إيران وروسيا، في الرأي، حيث تعمل كلا الدولتين على السيطرة على ما يسمى بسوريا المفيدة فقط، والمقصود هنا المناطق المكتظة بالسكان الواقعة غرب البلاد".
وأشارت الصحيفة إلى أنه وبغض النظر عن كل هذه السيناريوهات، لا تزال المعضلة الأمنية قائمة إلى حد الآن. وللتوضيح أكثر، لا يزال تنظيم الدولة يحافظ على شبكات سرية في المناطق التي طرد منها، وهي عبارة عن مجموعات مستعدة للقيام بجملة من الهجمات في أي مكان وزمان. وفي الأثناء، سيكون التنظيم على أهبة الاستعداد لاسترجاع المناطق التي خسرها إذا ما سنحت له الفرصة.