أظهرت بيانات حديثة لوزارة المالية الفلسطينية عن فاتورة الدعم المالي الذي قدمته المملكة العربية السعودية كمنح لموازنة السلطة الفلسطينية خلال هذا العام، التي وصلت إلى 794 مليون شيكل (سعر صرف الدولار مقابل الشيكل 3.7).
وشكّل الدعم السعودي بذلك رقما قياسيا في قيمته ونسبته مقارنة بالدعم الخارجي الذي تلقته السلطة خلال هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، لتساهم السعودية بما نسبته 44 بالمئة من إجمالي المساعدات، التي وصلت قيمتها وفق المصدر ذاته إلى 1.79 مليار شيكل.
ويمكن ملاحظة أن مسار الدفعات التي منحتها السعودية خلال هذا العام اقترن بزيادة بعد إصدار السلطة لبيان في 20 من تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت من خلاله تبنيها لرواية الرياض في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
تلا هذا البيان من السلطة إعلان الرياض تقديمها لمساعدات بقيمة 222 مليون شيكل، في حين كان متوسط الدعم في الأشهر الأولى من هذا العام يتراوح من 60_70 مليون شيكل.
تجدر الإشارة إلى أن متوسط الدعم السعودي للسلطة وصل في نيسان/ أبريل 2016، إلى 6 ملايين دولار شهريا، ولكن في هذا العام ارتفع ليصل إلى 20 مليون دولار شهريا.
اقرأ أيضا: ولي العهد كلّف القحطاني بتجميل صورة إسرائيل لدى السعوديين
الحفاظ على بقاء السلطة
من جانبه، أشار رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي، النائب عن حركة فتح، عبد الله عبد الله، إلى أن "السعودية هي من أكثر الدول التزاما بدعم خزينة السلطة منذ إنشائها في العام 1994، واستحواذها على نسبة كبرى في دعم الموازنة لهذا العام لا يرتبط بأي مواقف سياسية أصدرتها القيادة الفلسطينية فيما يخص قضية الصحفي جمال خاشقجي".
وأضاف النائب عبد الله لـ"عربي21" "منذ أن بدأت الإدارة الأمريكية قراراتها بفرض عقوبات اقتصادية ومالية على الفلسطينيين، أبدت المملكة استعدادها لتعويض أي انخفاض في قيمة هذه المساعدات، لإبقاء السلطة قادرة على تحمل أعبائها المالية والإدارية. ومن جهة أخرى، ترى الرياض أن المصلحة الفلسطينية مرهونة بوجود سلطة فلسطينية تتمتع باستقرار مالي لمواجهة التحديات التي تواجهها".
في حين اعتبر مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، النائب عاطف عدوان، أن "إعادة المملكة العربية السعودية لمساعداتها للسلطة مرهون بموقف التأييد الذي أصدرته السلطة في مساندة رواية المملكة فيما يخص قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وأضاف لـ"عربي21" أن تاريخ العلاقات بين السعودية والسلطة مر بمراحل توتر وتوافق، تُرجمت على الأرض من خلال استغلال الرياض لورقة الدعم المالي الممنوح للسلطة، سواء بتخفيضه أو وقفه كما جرى في العام الماضي".
وتابع: "رغم استحواذ على النسبة الكبرى من قيمة الدعم المالي الممنوح للسلطة، إلا أنه لم يساهم بشكل حقيقي في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة، خصوصا بعد توقف المساعدات الأمريكية للفلسطينيين".
وتعاني السلطة منذ بداية العام الجاري من أزمة مالية متراكمة، في ظل تدني مستوى الدعم الخارجي لموازنتها، حيث وصلت قيمة العجز المالي في الموازنة الحالية 2.6 مليار شيكل (900 مليون دولار). وهو ما دفع السلطة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية في قطاعات مختلفة، وزيادة نسبة الاعتماد على الضرائب كمصدر للإيراد.
أبعاد ودلالات
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية، وليد المدلل، أن "إعادة المملكة العربية مساعداتها للفلسطينيين، بعد توقفها لأشهر، مرهون بثلاثة متغيرات أساسية واجهتها الرياض خلال هذا العام، يتمثل الموقف الأول في التغطية على الانفتاح الذي أبدته المملكة للتطبيع مع إسرائيل، وهي بذلك تحاول شراء مواقف الفلسطينيين من خلال صمتهم لهذا التوجه الجديد للتطبيع مع إسرائيل".
وأضاف المدلل لـ"عربي21": "يتمثل الموقف الثاني في إبداء المملكة لارتياح من موقف السلطة المساند لها في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي. أما البعد الثالث، فيتمثل في محاولة الرياض منافسة قطر التي قامت بتقديم مساعدات مالية وتنموية لغزة التي تسيطر عليها حماس، وردا على ذلك زادت المملكة السعودية من دعمها للسلطة".
ما مستقبل المنظمات الدولية التي تمثلها فلسطين بعد حل التشريعي؟
هذه تداعيات قرار عباس حل "التشريعي" والذهاب لانتخابات
الكونغرس يسعى لدور أكبر بأي اتفاق للطاقة النووية مع السعودية