قالت صحيفة "إندبندنت" إن أنوار الطراونة، زوجة الطيار الأردني معاذ
الكساسبة، الذي قتلته
الدولة الإسلامية حرقاً، عرفت أن شيئا قد حدث لزوجها الطيار عندما اتصلت بها والدتها تبكي، ولم تصدق أن سبب بكائها شجار جرى بين أخوين لها، كما ادعت، ولم تفهم السبب إلا "عندما فتحت الفيسبوك على هاتفي، وشاهدت عبارة (نم بسلام) تعليقاً على صورته".
ويشير التقرير إلى أن الطراونة لم تشاهد شريط الفيديو البشع، الذي يظهر حرق زوجها الطيار حياً وهو في قفص؛ فقد انهارت بعد سماع الخبر ، ونقلت إلى المستشفى.
وتقول الطراونة للصحيفة إن زوجها أصبح الآن بطلاً في الأردن، وتبين أنه كان يشعر بعدم الراحة في ذلك اليوم الذي تحطمت فيه طائرته، وتمنى لو كان الجو غائما حتى يتم إلغاء الرحلة. مضيفة أنه "كان يشعر بأن شيئاً ما سيحدث له. وكان غريباً، فهو لم يتحدث بهذه الطريقة من قبل".
ويذكر التقرير أن طائرة الكساسبة سقطت بعد ساعات من إقلاعها، بعد أن تعرضت لإطلاق النار فوق مدينة الرقة، واستطاع الخروج بنجاح من الطائرة، ولكنه أصبح بعد ساعات أسيراً لدى تنظيم الدولة الإسلامية.
وتبين الصحيفة أنه بعد مضي خمسة أسابيع من تحطم طائرته عشية عيد الميلاد، ولم يعرف أحد ما جرى له، أعلنت الدولة الإسلامية عن الشريط الذي سجل نهايته. واليوم في الأردن اجتمع عشرات الآلاف من أجل التعزية به والاحتفال به شهيداً.
ويلفت التقرير إلى أن أقارب الطيار وصفوه بأنه رجل ملتزم بالدين ومؤدب وشاب مكرس وقته لعائلته، فقد كان "جوهرة" محبوباً من كل شخص، وكان يحب الحلوى التي يحضرها بشكل دائم لشقيقاته الصغيرات. وتقول عائلته إنه كان مستعجلاً على ما يبدو ليكبر ويدخل المدرسة ويتعلم، فقد كان يعلم أن حياته ستكون قصيرة. وفي عمر الـ26 اشترى مزرعة.
وتوضح الصحيفة أن والد الطيار، صافي الكساسبة، كان يأمل في أن يصبح ابنه طبيباً، ورغب أن يدرس الطب في موسكو، ولم يقبل الوالد أبداً باختيار ابنه ليصبح طياراً. ويقول ابن عم له إن معاذ أراد الانضمام للقوات الجوية، وكان فخوراً بكونه طياراً "وعاش حياته طياراً لطائرة إف-16".
ويفيد التقرير بأن معاذ تزوج في تموز/ يوليو الماضي حيث كان شاباً صغيراً على الزواج، كما تقول جدته، وقد رتب الزواج شقيقه الأكبر جواد، الذي كان صديقاً لشقيق أنوار الطراونة، حيث كانا مهندسين في القاعدة الجوية.
وتبتسم أنوار والدموع في عينيها، وهي تتذكر أيام الخطوبة، وتقول للصحيفة: "في الحقيقة لم يكن من المفترض أن أتزوج معاذ، ولكن شقيقه الأكبر، وعندما جاء لرؤيتي، لم أكن في البيت، وبعدها شاهد فتاة أخرى، حيث كانا مناسبين لبعضهما، ودفعت شقيقاته للزواج بها، ولهذا تم ارتباطي بمعاذ".
وتلمع عينياها عندما تتحدث عن زواجهما، الذي تم في تموز/يوليو، وثوب الزفاف الأبيض وصور شهر العسل في اسطنبول، وتقول: "هذه أجمل الذكريات معه".
ويبين التقرير أنهما تحدثا عن خطط المستقبل، حيث اختارا أسماء لأولادهما، وتقول أنوار: "كان يريد أن ينادى بأبي كرم، وأعطاني الحرية باختيار أي اسم إن كانت بنتاً، واخترت ليا".
وتصف الطراونة حياتها مع زوجها بأنها من أسعد أيام حياتها، وتقول: "الخمس أشهر التي قضيتها مع معاذ كانت من أجمل أيام حياتي، وأفضل من الـ 25 عاماً كلها، وهي حياتي كلها".
وتشير الصحيفة إلى أنهما بعد زواجهما انتقلا إلى شقة في بلدة قريبة؛ ليكونا إلى جانب العائلة. وكان يعمل خمسة أيام في الأسبوع في القاعدة الجوية. وعندما انضم الأردن إلى
التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية بدأ يقوم بمهام فوق سوريا.
ويكشف التقرير عن أن الكثيرين من أفراد عائلته لم يكونوا موافقين على مشاركته في الغارات. وصرخت شقيقته تسنيم، (22 عاماً) "بعثتوه إلى هناك، وجئتم للتعزية به الآن"، حيث نزلت مقاتلة تحمل الملكة رانيا العبدالله، التي جاءت لتعزية نساء العائلة، فيما كان الملك عبدالله الثاني يقدم تعازيه للرجال. وصرخت تسنيم "انتقموا له".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن والدة الملازم أول الطيار الكساسبة، لا تزال في حالة من الصدمة، وتتحدث عن التزامه بالدين، وتقول: "كان دائماً ما يحمل القرآن قريباً من قلبه، ولم تفته صلاة". وكانت آخر مرة تحدثت فيها أنوار مع زوجها عن الصلاة، وتقول: "ذكرني بالصلاة لأن المغرب قارب وقته، وقال لي إنه صلى صلاتين للشهداء، وفي تلك الليلة كان في طريقه ليصبح شهيداً".