تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها الغضب العارم الذي ساد الشارع العربي، بعد قيام تنظيم الدولة بحرق الطيار الأردني حياً، ونشر فيديو الإعدام على شبكة الإنترنت.
وتقول الصحيفة في الافتتاحية إن
الإرهاب يؤدي دوراً بشعاً في الصراعات، وعادة ينتشر بين المجموعات الثائرة، التي تكون متأكدة بتعصب من شرعية أهدافها، بحيث تبرر الوسائل البربرية التي تستخدمها للوصول إليها.
وتستدرك الصحيفة بأن هذه الأساليب قد تنقلب ضد مصالح تلك المجموعات التي تتبعها، وهذا الدرس الذي تلقنه تنظيم الدولة مؤخراً، عندما نشر الفظاعة التي قام بها بحرق الطيار الأردني حياً. وربما كان الهدف من الفيديو أن يقنع العرب بعدم المشاركة في التحالف الغربي ضد التنظيم، ولكنه نجح فقط في جني الغضب والاشمئزاز ضد الجهاديين في العالم العربي.
وتبين الافتتاحية أن
الدولة الإسلامية، التي تعرف بين العرب بـ "داعش"، حققت مستويات متدنية في عالم الإرهاب بنشرها لفيديوهات وصور الإعدامات، معظمها بقطع رأس الرهائن المقيدين والراكعين، وبينها الرهينتان اليابانيان مؤخراً.
وترى الصحيفة أنه بالرغم من أن التنظيم ارتكب جرائم بحق العرب في مناطق عملياته في سوريا والعراق، إلا أن المشاعر تجاهه في العالم العربي كانت مختلطة، حيث أعرب كثير من العرب عن عدم مبالاتهم بالتنظيم، بينما أعلن آخرون بدرجات مختلفة عن تأييدهم للجهاديين. والأردن، الذي يعد أقوى حليف للولايات المتحدة في الحرب على التنظيم، هو أيضاً أكبر مصدر من مصادر التجنيد له.
وتجد الافتتاحية أن هذا تغير عندما حمل التنظيم فيديو يوم الثلاثاء، الذي يعرض فيه إعدام الطيار الأردني الملازم أول معاذ
الكساسبة حرقاً وهو على قيد الحياة داخل قفص. وعلى ما يبدو فإن الإعدام وقع في أوائل شهر كانون الثاني/ يناير، مع أن التنظيم بقي يفاوض على إطلاق سراح الطيار مقابل سجناء في الأردن، ولكن المفاوضات توقفت عندما طلبت الأردن إثباتاً بأن الطيار لا يزال على قيد الحياة. وقد اشتعل الشرق الأوسط غضباً على فيديو الإعدام. وقد يكون تحريم
الحرق في الإسلام عاملاً في تدفق مشاعر الغضب بين العرب.
وتشير الصحيفة إلى أن الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، أمر بإعدام جهاديين اثنين، كان محكوم عليهما بالإعدام في الأردن، واستقبلته الجماهير المهللة لدى عودته من واشنطن. وقامت الطائرات الأردنية يوم الخميس بضرب أهداف للتنظيم. وشجب زعماء الدول الأخرى عملية إعدام الطيار، ودعا شيخ الأزهر لإعدام قيادات التنظيم على طريقة العصور الوسطى.
وتلفت الافتتاحية إلى أنه عندما كان الملازم الكساسبة حياً أو على الأقل يظن أنه حي، كان كثير من الأردنيين، بينهم والد الطيار، يتساءلون عن الحكمة في مشاركة بلادهم في الحملة على التنظيم، ولكن التنظيم الآن يواجه انتقادات قوية ومعارضة من شعوب المنطقة كلها، وحتى بين من تحملوا التنظيم أو تجاهلوا جرائمه السابقة.
وتخلص افتتاحية "نيويورك تايمز" إلى أنه إن تمت ترجمة الغضب، الذي ظهر في الشرق الأوسط، إلى حرب عريضة ضد "الجهادية البربرية"، والتزام أعمق لاجتثاث جذور الإرهاب، فسيكون دم الملازم الكساسبة لم يذهب هدراً.